قفزة تاريخية في أسعار الذهب بمصر اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    مجلس الوزراء: برنامج مصر مع صندوق النقد ينتهي في ديسمبر 2026.. ولا أعباء إضافية    «إحنا هناكل طرق وكباري؟».. المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء يروي شكوى تلقاها من مواطن وكيف رد عليه    ويتاكر: التوصل إلى تسوية في أوكرانيا ممكن خلال 90 يومًا    واشنطن تمدد حصار صادرات النفط الفنزويلي لشهرين على الأقل    الكرملين يؤكد تمسكه بالمفاوضات السرية لحل النزاع الأوكراني    برلماني روسي: مشروع زيلينسكي للتسوية يتضمن تهديدات لأمن روسيا القومي    إيطاليا تدعم انضمام البوسنة والهرسك إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو    تركيا: صندوقا الطائرة الليبية سيفحصان ببلد محايد والنتائج ستعلن بشفافية    قداس الميلاد.. مسيحيو غزة يصلون للسلام بعد عامين من الحرب    كأس الأمم الأفريقية 2025.. الكاميرون تهزم الجابون بهدف "إيونج"    دوري أبطال آسيا 2.. عماد النحاس يسقط بخماسية رفقه الزوراء أمام النصر بمشاركة رونالدو    الكاميرون تفتتح مشوارها الإفريقي بانتصار صعب على الجابون    مدرب كوت ديفوار بعد الفوز على الجابون: على اللاعبين تحسين قراراتهم    محافظ الدقهلية يوجه بإخلاء عقار "الدبوسي" والمجاوره له وفرض كردون أمني لمنع الاقتراب    «خلصت عليه في محل عمله».. مقتل تاجر على يد طليقته بمسطرد بالقليوبية    جنايات أسوان تحيل أوراق 8 متهمين بقتل مزارع في إدفو إلى المفتي    انهيار عقار إمبابة.. الشارع يتحول لسرادق عزاء وسط الحطام والبحث عن جثامين السكان    سكرتير بني سويف يتابع أعمال تطوير مسجد السيدة حورية للحفاظ على هويته التاريخية    تحت عنوان: ديسمبر الحزين 2025.. الوسط الفني يتشح بسواد الفقدان    وزير الثقافة: الفنون الشعبية أداة لترسيخ الهوية الثقافية.. والتحطيب تراث إنساني يجسد قيم الشجاعة والاحترام    رئيس دار الكتب والوثائق: ترميم خرائط ووثائق الخارجية جزء من رسالتنا لحفظ التراث الوطني    الوطنية للانتخابات: انتهاء اليوم الأول للإعادة ب19 دائرة في الخارج    اتحاد الألعاب المائية يجمد أعماله احتراما للرأى العام بعد وفاة يوسف محمد    محافظ القليوبية: انتهاء توريد الأجهزة الطبية لمستشفى طوخ المركزي    أسرة طارق الأمير تتلقى العزاء الجمعة فى مسجد آل رشدان بمدينة نصر    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    رئيس الأساقفة مصليًا لمصر: نصل أن يمنح الله بلادنا سلامًا وبركات    شعبة المصورين: وضع ضوابط لتغطية عزاءات الفنانين ومنع التصوير بالمقابر    شاهد، قداس الأقباط الكاثوليك احتفالًا بعيد الميلاد في المنيا    وسرحوهن سراحا جميلا.. صور مضيئة للتعامل مع النساء في ضوء الإسلام    مسؤول روسي: موسكو تصبح مركزا رئيسيا لإنتاج المسيرات للجيش الروسي    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. تنظيم اليوم السنوي الأول لقسم الباطنة العامة بطب عين شمس    رئيس جامعة الأزهر: لدينا 107 كليات بجميع المحافظات و30 ألف طالب وافد من 120 دولة    رئيس جامعة المنصورة ونائب وزير الصحة يوقِّعان بروتوكولًا لتعزيز التطوير والابتكار    القبض على المتهم بإنهاء حياة والدته بسبب مشغولات ذهبية بالمنيا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :شكرا توتو وتوتى ..!؟    السكة الحديد: تسيير الرحلة ال41 لنقل الأشقاء السودانيين ضمن مشروع العودة الطوعية    بعد الاعتداءات.. ماذا فعل وزير التعليم لحماية الطلاب داخل المدارس؟    محافظ قنا يعقد اجتماعًا موسعًا للاستعداد لانطلاق الموجة ال28 لإزالة التعديات    ڤاليو تعتمد الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء    غدا.. استكمال محاكمة والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته فى الإسماعيلية    النائب محمد رزق: "حياة كريمة" نموذج للتنمية الشاملة والتحول الرقمي في مصر    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    محافظ أسيوط: تنظيم زيارة لمكتبة مصر العامة المتنقلة بجامعة بدر لتعزيز الوعي البيئي    عفت محمد عبد الوهاب: جنازة شقيقى شيعت ولا يوجد عزاء عملا بوصيته    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    190 عامًا من التشريع لرعاية الأطفال.. كيف تصدرت مصر حماية الطفولة عالميا؟    قرار جمهوري بتجديد ندب قضاة للجنة التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية    «الصحة» تعلن تقديم أكثر من 1.4 مليون خدمة طبية بمحافظة البحر الأحمر خلال 11 شهرًا    محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات النهائية لإطلاق القافلة الطبية المجانية إلى الواحات البحرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    "البحوث الزراعية" يحصد المركز الثاني في تصنيف «سيماجو» لعام 2025    الأسود غير المروضة تواجه الفهود.. مباراة قوية بين الكاميرون والجابون في كأس أمم إفريقيا 2025    ضياء السيد: إمام عاشور غير جاهز فنيا ومهند لاشين الأفضل أمام جنوب إفريقيا    مواجهة النار.. كوت ديفوار تصطدم بموزمبيق في مباراة حاسمة بأمم إفريقيا 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم بمنطق الإذلال.. "يكسب"!
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 05 - 2011

لست أدرى تحت أى ذريعة يدافع أهالى الأطفال الذين يعذبهم أحد المدرسين فى الحضانة خاصته بقرية كفر الديب عنه بهذا الشكل، أطفال كل ذنبهم أنهم لايقومون بأداء فروضهم المنزلية، ليكون هذا التبرير الواهى هو وسيلة الدفاع عن المتهم من محاميه الذى يعرف القانون جيدا، ومن ذوى الأطفال الذين شجعوا المدرس بجهلهم على اغتيال البراءة والطفولة داخل أبناءهم وبتعمد مفضوح، والمصيبة أنهم لم يكتفوا بذلك بل قرروا الاعتصام أمام الحضانة فى حالة عدم الإفراج عن المدرس السادى وتمت محاكمته.
أفهم أن يكون هناك عقاب وثواب على الأخطاء تبعا لحجمها وخطورتها، لكننى لا أستطيع استيعاب أن يحرض الأهالى هذا المدرس على قمع أطفالهم تحت أى ظرف، ومهما كانت الحجج والمبررات! والمدرس المفترض فيه الوعى والدراية يستجيب ويلبى دون أدنى إحساس بتأنيب الضمير، أو حتى الإحساس بالمسئولية الجنائية فيما لو وقع المحظور وتعرض أحد هؤلاء الأطفال للأذى المباشر، فالفيديو الذى تناقلته المواقع الإلكترونية حول تلذذ المدرس بتعذيب الأطفال، لايوحى بأنه عقاب على أخطاء يرتكبها الأطفال بحق أنفسهم عندما يهملون واجباتهم، أو بحق مدرسهم لأنهم يعصون أوامره، بل هى سادية يمارسها بوعى وتلذذ.
المصيبة تكمن فى الحجج التى ساقها الدفاع، حينما قرر أن الواقعة لم تصل إلى علم النيابة أو الشرطة من خلال شكوى كتابية أو اتهام من أى ولى أمر، إلا أنها وجهت من خلال مقطع فيديو تناولته وسائل الإعلام، وأن ما قام به صاحب الحضانة ما هو إلا أمر يومى طبيعى يحدث فى كافة المؤسسات التعليمية الحكومية!! وكأن القضية تحتاج إلى تقديم شكوى مباشرة من ذوى الأمر، ولاتخضع للمساءلة القانونية والحق المدنى للمجتمع حتى لو لم يتم الإبلاغ عنها من ذوى الشأن.
المصيبة الكبرى فى إقرار المحامى باتباع المؤسسات التعليمية منهج الضرب والقمع ضد الطلبة، وهو الأمر المخالف للقوانين الدولية والتى تجرمه وزارة التربية والتعليم شخصيا، ويعاقب عليه القانون! والسؤال: كيف يسمح لموظف محدود الإمكانات بممارسة مهنة تتطلب شروطا خاصة، ومواصفات لا أعتقد أن هذا المدرس يتمتع بها؟ والكارثة أن تكون هذه هى صيغة مرافعة الدفاع ومبرراته التى يقر فيها أتباع مبدأ التعذيب إن جاز التعبير، وليس التهذيب كما يدعى؟!
ألا يعرف محامى الدفاع أن لهؤلاء الأطفال قوانين حازمة تخص طريقة معاملتهم وحقوقهم؟! ففى الدول المتحضرة هناك رقابة صارمة من قبل المؤسسات الاجتماعية والقانونية على سلوك الآباء والأمهات تجاه أبنائهم، ومن يضبط فى أمر مخالف لهذه القوانين، يعاقب بصرامة، ويحرم هؤلاء إذا ثبتت إدانتهم بالتعذيب، من أطفالهم الذين تقر قوانينهم بأن تتبناهم أسر أكثر رحمة وإنسانية من أولياء أمورهم الحقيقيين.
الأمر الثانى هو أن هؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وست سنوات هم بحاجة إلى الرعاية والحنان، لاالقسوة والعنف، فالواجبات المنزلية هذه غير مقر بها أو معترف بوجودها فى الأساليب التربوية الحديثة، بل يشترط على المدارس والحضانات بعدم ارهاق الطفل، والسعى دوما لتنمية قدراته العقلية من خلال اللعب واللهو وممارسة الرياضات الخفيفة، فكيف نبادر نحن بانتهاج أساليب تتفنن فى القهر والإذلال للطفل منذ نشأته الأولى التى هى روافد شخصيته عندما يكبر، فإذا ما تربى على الخوف والخنوع والقسوة، سيمارس السادية بشكل أكثر عنفا فى مراحل نضجه، بل ربما يصاب بأمراض نفسية عديدة هو فى غنى عنها، فيكفيه ما ينتظره من الهموم والإحباطات عندما يكبر.
ثم هل نسينا بهذه السرعة مآسى الأطفال التى كشفت عنهم الصدفة البحتة وهم يعذبون على أيدى مدرسيهم بحجة ممارسة مبدأ العقاب، ولقى البعض حتفهم على يد مدرسيهم؟ وهناك العديد من نماذج الضرب التى أفضت إلى الموت على يد المدرسين لأطفال أبرياء لايمكن تصنيفها على أنها قضاء وقدر؟ لماذا ننسى بهذه السرعة محن الكثير من الأطفال الذين تسربوا من التعليم بسسب الأسلوب الخاطئ والقاتل فى التربية السلوكية فى المدارس؟ لماذا نصر على إخراج جيل مشوه ومعقد تحت مسميات زائفة؟ لماذا لا تأخذ بالمدرسين الرحمة والرأفة فى التعامل مع الأطفال، الذين هم جيل المستقبل الواعد، ويتم التعامل معهم بمبدأ الحوار والاحترام المتبادل والمنهج العلمى السليم بالحرص على اتباع أسلوب تربوى قويم؟ حتى لا نجد بينهم أطفال متنمرين يصبحوا لعنة على باقى زملائهم، وتتحول حياتهم إلى جحيم مزدوج بفعل المدرسة من جهة، وزملائهم المتنمرين من جهة أخرى.
الحجج التى قام أهالى الأطفال بذكرها لا نملك سوى السخرية منها، فهل دور المدرس فى تربية الطفل هو الأساس؟ أم أن الأسرة هى الحاضن الأول الذى يتلقى فيه الطفل مبادئ وقيم يغرسها فيه ذويه، فليس المطلوب من المعلم أن يؤدى دور الأب والأم، ثم يقوم بدوره التربوى بل إن دوره مكملا لدور الأسرة الرئيسى فى تربيه أطفالها، وربما تكون الحجة الأقرب للواقع أن هؤلاء الأهالى الذين خرجوا بحماس لدعم من يلقى الرعب فى قلوب أبنائهم غير قادرين على تحمل مسئولية تربيتهم، فقد هالنى ما سمعته من محامية وهى أم لأحد الأطفال بأنها توصى المدرس دوما بالشدة مع طفلها، بل وضربه إذا اقتضت الضرورة!!!
لا أدرى حتى هذه اللحظة بماذا كان يفكر الأهالى وهم يهللون بعد حكم البراءة على صاحب الحضانة المدعوم منهم بشكل يدعو للريبة! فهل أمتعهم منظر أطفالهم وهم يصرخون من قسوة المدرس والعنف الذى يمارسه ضدهم؟ أم أنهم سجلوا انتصارا زائفا بعد أن هددوا بالاعتصام وإثارة الشغب فى حال أدين المدرس، أم أن دفوع محامى المتهم ، والتى تبرئ منهجا سلوكيا وتعليميا بالكامل يعتمد على العنف وممارسة القسوة هى سبب فرحتهم على هذا النحو المهين؟!
لكن لماذا الاستغراب وقد أصبحنا ننفذ كل ما يطلب منا تحت ضغوط الاعتصامات والإضرابات وقطع الطرق والبلطجة، إذا ما كنا نريد تحقيق أى هدف، حتى وإن كان ضد القانون، وضد المنطق، وضد هيبة الدولة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.