قال الدكتور على الدين هلال، أمين الإعلام بالحزب الوطنى، أن العلمانية ليست ضد الدين كما يعتقد البعض، ولكنها ضد التفسير الخاطئ للدين، مشيدا بكتاب "العلمانية هى الحل"، الصادر عن دار العين لمؤلفه فاروق القاضى قائلا إن المؤلف كان موفقا للغاية عندما أثبت فى عمله أن العلمانية لا تعنى إقصاء الدين عن المجتمع. وانتقد هلال عنوان الكتاب قائلا إن العلمانية أصبحت كلمة سيئة السمعة، خاصة بعدما نجح فريق من الناس فى ربطها بفكرة الإلحاد، مضيفًا أنه كان من الأفضل للمؤلف أن يعنون كتابه ب "الدولة المدنية". وأبدى هلال خلال اللقاء الذى عُقد مساء أمس الاثنين، لمناقشة الكتاب بدار العين، موافقته على بعض المبادئ التى تحدث ودعا إليها الكتاب كالمواطنة والمساواة وحرية العقيدة، قائلا إن جوهر الكتاب يتعلق بعلاقة الدين بالدولة، ويتضح فيه الحجة الأساسية للمؤلف فى فصل الاثنين حتى يتسنى لنا خلق إطار فكرى عام تنبع منه الحلول لكافة القضايا والمشكلات. وأضاف هلال أن الرئيس السادات كان له دور كبير فى الترويج للحركات الصوفية والإسلامية، وذلك لمحاربة الماركسية والشيوعية، ولكن للأسف انقلب السحر على الساحر. وقال الدكتور سمير مرقص، إن الكتاب يقدم محاولة جادة لفهم العلاقة بين الدين والدولة من الداخل وليس من الخارج، مضيفاً أن هناك العديد من الأعمال والمؤلفات التى تناولت تفسير وتحليل تلك العلاقة مثل "التراث السياسى فى الإسلام" و"النزاعات المادية فى الفلسفة العربية الإسلامية"، ولكنها لم تحظ بالاهتمام الكافى. وأشار مرقص إلى أن الكتاب أعاد الاعتبار لجانب هام من التراث العربى الإسلامى المسكوت عنه، فحاول أن يؤسس تاريخيا لمسار العلاقة بين الدين والدولة، وهى مسألة هامة للغاية، مضيفا أن المشكلة الوحيدة التى يواجهها هذا الكتاب هى أنه لم يسلط الضوء بشكل كاف على الإمام محمد عبده واجتهاداته التنويرية. وأوضح مرقص أن الإخوان المسلمين مثلوا انحرافة حقيقية عن ذروة الاجتهاد الإسلامى، فوضعوا مساراً آخر بعيداً تماماً عن فكرة تأسيس الدولة الوطنية، واتفق مرقص مع هلال فى انتقاده لعنوان الكتاب قائلا: لا يجوز أن نرفع شعار "العلمانية هى الحل"، ونحن نهاجم شعار الإخوان المسلمين "الإسلام هو الحل"، وكان من الأولى أن يكون عنوان الكتاب "الدولة الحديثة ذات الركائز المدنية". أما الدكتور عمرو الشوبكى، فقال إن هذا الكتاب ليس تقليديا على الرغم من تشابه عنوانه مع عناوين مؤلفات أخرى، مضيفا أنه مع انتشار وزيادة موجة الإسلام الشكلى زاد الهجوم على العلمانية، فتحولت من حالة طبيعية إلى فرصة للتكفير والإلحاد حتى إن بعض المثقفين لجأوا إلى استخدام مصطلح "مدنية الدولة" بدلا من "العلمانية" حتى يتجنبوا الصدام والاشتباكات. ووافق الشوبكى على فكرة إقحام الدن فى تعاملاتنا اليومية وفى المجال العام من الناحية الثقافية والقيمية، فى حين أعلن رفضه لاستخدام السلطة الدينية فى المجال السياسى قائلا: لابد أن نرسخ لفكرة علمانية المجال السياسى. وأضاف الشوبكى أن النجاح الحقيقى للتيار العلمانى يكمن فى قدرته على احتواء التيارات الدينية، قائلا إن المتطرفين العلمانيين هم الذين يظنون أن العلمانية تعنى إقصاء الدين عن المجال العام. وأوضح الشوبكى أن كافة البلاد الإسلامية استندت على الإسلام كمصدر أساسى للتشريع باستثناء تركيا، لذلك من الطبيعى أن نجد إشكالية الدين والسياسة حاضرة بقوة ومتأصلة فيها، مؤكدا على أن العلمانية بالمعنى السياسى هى الملاذ الوحيد للخروج من المشاكل التى يعانى منها المجتمع المصرى اليوم. وأضاف الشوبكى أنه عندما كتب مقالا بعنوان أن مصر ليست تونس فى إحدى الصحف اليومية كان يقصد بذلك أن الشباب التونسى لا يعانى حالة التغييب العقلى التى تواجه الشباب المصرى الآن، ولا يسيطر على عقولهم هذا النمط الزائف من الدين، بينما كانت المشكلة الوحيدة التى يعانون منها هى القمعية والاستبداد. أما الدكتور فاروق القاضى فقال إن شعار "الدين الرسمى للدولة هو الإسلام" شعار تمييزى للغاية، مؤكدا على أنه تعمد اختيار عنوان كتابه "العلمانية هى الحل" بهذا الشكل ليواجه به سائر العناوين المضللة، واعترف القاضى بتقصيره فى الاهتمام بمحمد عبده فى هذا الكتاب، قائلا إن هذا العمل ليس مسك الختام وسيقدم مؤلفا آخر حول الموضوع نفسه قريبا.