تردد حلم محو الأمية كثيرا، وحاولنا وما زلنا نحاول بنفس الطريقة والأسلوب، حتى بدا لى أننا بحاجة لمحو الغباء أكثر من حاجتنا لمحو الأمية. تعالوا نناقش هذا الحلم أولا ثم نتكلم عن كيفية تحقيقه، فالحلم المعروض منذ أكثر من 60 عاما هو محو أمية القراءة والكتابة، وعلى ما يبدو أن الأميين وهم كُثر لا يرونه ضرورة، فلماذا يحاول من القرّاء والكُّتاب فرضه على الأميين؟ نعم البداية هى تحديد الهدف، لماذا محو الأمية؟ أرى أن الحاجة الحقيقية هى حاجتنا للتواصل ولتبادل المعلومات، وقديما كانت الوسيلة هى القراءة والكتابة، أما الآن فهناك التليفزيون والكمبيوتر والموبايل والكاميرات، فهل ما زلنا بحاجة لمحو أمية القراءة والكتابة؟ نحن بحاجة لمحو أمية التواصل والتعلم وبأسرع وقت، فالمتعلم يساهم أكثر من الجاهل فى تقدم الأمة بصرف النظر عن طريقة التعلم، فيستطيع أن يختار ممثليه السياسيين بصورة أفضل، ويصبح أكثر إنتاجا وكفاءة. من هذا المنطلق فنحن بحاجة لمحو أميتنا كلنا الذين يقرأون ويكتبون والذين لا يعرفون القراءة والكتابة، نحن بحاجة لإتاحة العلم والمعلومات للكافة أكثر بكثير من حاجاتنا لمحو أمية القراءة والكتابة. أما كيف نمحو الأمية، فما علينا سوى أن ننشر وسائل التواصل: التليفزيون والدش والتابلت والكمبيوتر والتليفون الذكى، ثم نتوسع فى إنتاج برامج التعليمية، نجارة - حدادة - برمجة – فيزياء... إلخ ونسمح بكل الفضائيات استفادة سريعة من الغير، ونسهل عملية إنتاج البرامج التليفزيونية وبرامج الحاسبات فننتج مناخ يستطيع كل من يريد أن يتعلم شيئا أن يتعلمه. وماذا عن الثمن الذى سندفعه، ثمن دخول الممنوعات والأفكار الغريبة على مجتمعنا المثالى؟ علينا أن نختار ماذا نريد إذا أردنا التقدم فلندفع الثمن. لنعد لأمية القراءة والكتابة باعتبارها الهدف المرجو، ونترك أنواع الأمية الأخرى ونترك التعلم لمقال آخر، فمع التقدم التكنولوجى ستصبح عملية محو الأمية أسهل كثيرا من أى وقت مضى، فما أسهل من كاميرا فى التليفون تلتقط صورة أى شىء، ثم برنامج يتعرف على ما هو موجود ويعرض طريقة كتابته وقراءته، فكل يتعلم ما يريده بدلا من أن يتعلم الصياد كيفية كتابة الذرة ويتعلم المزارع كيفية كتابة المصنع، هذا عن القدرة على التعلم لمن يريد بدون معلم -التعلم - كما أتاح التقدم التكنولوجى فرصة التواصل عن بعد، فيستطيع كل متعلم منا أن يعتنى بأمى وأن يتابع تقدمه ويسانده دون الحاجة لترك المنزل، فيصبح كل منا قادرا على أن يكون معلما لمن يريد أن يتعلم. إذا لمحو الأمية نستطيع أن نفعل الآتى: 1- الاستثمار القوى فى تكنولوجيا المعلومات وبالأخص البرامج التعليمية والتطبيقات اللغوية. 2- إتاحة وسيلة لكل مواطن لاستخدام تلك التكنولوجيا، تابلت لكل مواطن. 3- إتاحة خدمة الإنترنت بالمجان ممكن أن بسرعة منخفضة لكى يتواصل جميع المواطنين. 4- عمل برنامج توأمة بين المواطنين، بحيث يتواءم كل متعلم مع من يسعى لمحو أميته. هل هذا حلم من أحلام اليقظة المستحيلة؟ لا أعتقد.. أعتقد أنه المستقبل، وعلينا أن نقرر إذا كنا نريد أن نكون أول دولة تتبنى حق كمبيوتر أو تابلت لكل مواطن، أم نريد أن ننتظر غيرنا أن يسبقنا كالعادة.