حذرت باحثة بريطانية من أن غياب برنامج محدد يكشف عن الرؤية السياسة للدكتور محمد البرادعى، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، داخلياً وخارجياً، يهدد فرصه فى تحقيق التغيير الذى يسعى إليه. وفى تحليل نشرته نشرة "World Poltical Review"، قالت إليزابيث إسكندر، المحللة السياسية لشئون الشرق الأوسط، ومينا منير الصحفى المصرى، إن البرادعى منذ عودته إلى مصر ودخوله الدراماتيكى فى دائرة الضوء السياسية، نجح فى الحصول على دعم كتل سياسية متنوعة وتأييد الشعب المصرى الذى استقبله كبطل، لكن الحماس الذى انضم به كثير من المصريين خاصة الشباب والمهمشين إلى حملته قائم على قدر كبير من الإحباط ورغبة فى التغيير السياسى والاجتماعى أكثر من الدعم الفعلى للبرادعى نفسه. ويرى الكاتبان أن استراتيجية البرادعى حتى الآن محاولة، لأن توفر كل شىء لجميع أفراد الشعب، من أجل إرضاء الأطياف السياسية فى مصر، حيث اجتمع ائتلافه تحت مظلة الجمعية الوطنية للتغيير التى تضم أحزاب يسارية والإخوان المسلمين، واستطاع جمع هذه الأطراف المتباينة فى كيان واحد من خلال وضع أجندة سياسية وبالتالى منع أى محاولة لتحديد ميوله السياسية الحقيقية. من المقرر أن يزور البرادعى لندن 11 يونيو الجارى لتمثيل حملته للمصريين هناك، وفى حين أن كثيرين داخل مصر ربما يرضون بأى بادرة أمل، إلا أن هؤلاء فى الخارج سيثبتون أن الأمر أصعب معها، فللفوز بثقتهم ودعمهم، ولكى يقدم البرادعى نفسه كشخصية سياسية جادة ذو رؤية محددة وقائمة، سيكون فى حاجة إلى توضيح رؤيته حول الأسئلة الأساسية التالية: كيف ستبدو مصر فى ظل رئاسة البرادعى؟ فالشركاء المختلفون فى ائتلافه يعارضون السياسات المتعلقة بأحد القضايا الحاسمة وهى تحديد وتنفيذ حقوق المواطنة المتساوية. فطبيعة المواطنة أصبحت موضوعاً أساسياً منذ مارس 2007 عندما دخلت التعديلات الدستورية حيز التنفيذ فى محاولة لتكريس هذا المبدأ فى الثقافة السياسية والقانونية فى مصر. ونقطة الخلاف هى كيفية تطبيق تساوى الحقوق والواجبات لجميع المواطنين على النحو المنصوص عليه فى المادة الأولى من الدستور، وفى المادة الثانية التى تقول أن الإسلام هو دين الدولة الرسمى والمصدر الرئيسى للتشريع، حيث يطالب كثير من المثقفين والشخصيات العلمانية فى مصر بإعادة النظر فى هذه المادة التى يرونها تمثل عائقاً أمام الأدلة المدنية الكاملة والمساواة أمام القانون لجميع المواطنين، وعلى النقيض تماما، فإن جماعة الإخوان المسلمين وبحسب برنامجها فى انتخابات مجلس الشورى تفهم المواطنة على أساس أن المسلمين وغير المسلمين متساوون فى حقوقهم المدنية ولكن فى إطار الشريعة الإسلامية. كان البرادعى قدم نفسه كمرشح علمانى يلتزم بالإصلاح الديمقراطى للنظام السياسى المصرى وفصل الدين عن الدولة، لكن فى ضوء علاقته مع الإخوان، سيواجه البرادعى تعقيدات فى أى نقاش حول تعديل المادة الثانية من الدستور، وإذا كان البرادعى راغباً فى التضحية بمبدأ فصل الدين عن الدولة، فإنه لن يظل شخصية داعمة للدولة المدنية فى مصر. أما السؤال الثانى فيتعلق بموقف البرادعى من السياسة الخارجية، حيث لم يتضح بعد تعامله مع الطموحات الإيرانية فى الشرق الأوسط، كما أن هناك قضية أخرى تتعلق بالكيفية التى سيوفق فيها البرادعى بين رؤى الأطراف المختلفة فى ائتلافه الخاص بالسياسة الخارجية، فالناصريون يرفضون معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل، والإخوان فى حال تحولهم إلى حزب كبير سيعيدون النظر فى كل الاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر، ومنها كامب ديفيد التى سيجرون استفتاءً شعبياً عليها. وأخيراً، فإن بعض المراقبين انتقدوا محاولة البرادعى اختصار الطريق نحو قمة الهرم السياسى فى مصر بسعيه مباشرة للوصول إلى الرئاسة، وأنه دخل المعترك السياسى مستهدفاً المنصب دون أن يكون فى بادئ الأمر حزباً سياسياً أو برنامج لتطوير ودعم قاعدة مستمرة وناضجة. علاوة على ذلك، فإن الشارع المصرى فى الماضى أثبت أنه متشكك من وضع ثقته فى شخصيات سياسية خسرت من قبل فى الانتخابات، وفى الوقت الحالى لا يفى البرادعى بالشروط الدستورية للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. وخلص الكاتبان إلى القول بأن الأسئلة السابقة تحتاج إلى توضيح لأن تحقيق التغيير الحقيقى يتطلب شفافية وإستراتيجية سياسية على المدى الطويل والأجندة الواضحة هى التى ستسمح للناس حقاً بالحكم على ما إذا كان لديه برنامج لتحقيق الإصلاح المستدام أم لا.