رغم خفض البنك المركزى لقيمة العملة المصرية أمام الدولار بما يقرب من نصف جنيه خلال نحو أسبوعين بهدف القضاء على السوق الموازية (السوق السوداء)، إلا أن سعر الدولار ارتفع فى السوق الموازية مسجلا اليوم سعرا أعلى بما يقرب من 30 قرش من سعر البنوك. فوفقا لوكالة أنباء رويترز تجاوز سعر الدولار 7.90 جنيه اليوم فى السوق الموازية، مقارنة ب 7.63 جنيه فى البنوك. وانخفض الجنيه بقرشين فى عطاء المركزى ليصل إلى 7.59 قرش، وهو نفس الانخفاض الحادث فى البنوك، بينما انخفض ب 8 قروش كاملة فى السوق السوداء. يذكر أن عطاء اليوم هو العاشر فى سلسلة عطاءات خفض قيمة الجنيه التى بدأت يوم 18 يناير الماضى. ويأتى سماح البنك المركزى المصرى بالتخفيض التدريجى لعملة البلاد قبل نحو شهرين من استضافة مصر لمؤتمر اقتصادى كبير فى منتصف مارس آذار القادم. وتوقع هشام رامز محافظ البنك المركزى فى نوفمبر القضاء على السوق الموازية للدولار فى البلاد خلال فترة تتراوح بين ستة أشهر وعام. السوق السوداء تتخطى "السعر العادل" للدولار وتعتبر أسعار السوق السوداء الآن أعلى من "السعر العادل" للدولار، وفقا لتقديرات بعض بنوك الاستثمار، مثل بنك فاروس الذى يقدر رئيس قسم البحوث فيه هانى جنينة، السعر العادل للدولار عند 7.80 جنيه. ويُقصد ب"السعر العادل" أنه السعر الذى يُفترض أن يستقر عنده الجنيه بناء على قوى العرض والطلب. ولكن جنينة فسر هذا الارتفاع الكبير بأن "المضاربات هى ما تحرك السوق السوداء الآن، فالبعض يتوقع أن يصل السعر الموازى إلى 8 جنيهات، ولكن مع تقليل السوق الرسمية للفجوة السعرية، سينخفض الطلب عليهم، وبالتالى تنتهى السوق السوداء". تباين فى مدى توافر الدولار بالسعر الرسمى للمستوردين من ناحية أخرى، ذكر عدد من التجار والمستوردين أنهم مازالوا يعتمدون، بشكل متفاوت، على السوق السوداء، فى تدبير احتياجاتهم من الدولار، ما يفسر استمرار صعود قيمة الدولار فى السوق الموازية. حيث قال أحمد الوكيل رئيس إتحاد الغرف التجارية إن قرارات البنك المركزى الأخيرة لا يوجد لها تأثير ملموس حتى الآن "والمهم عندنا نلاقى دولار بصرف النظر عن مصدره". وأضاف الوكيل أن " إجراءات البنك المركزى خطوة علاجية لتحقيق التوازن فى أسعار الصرف ولكن ما زالت البنوك لا توفر كل شيئ للمستورد وإن كانت تعطى أولوية للسلع الاستراتيجية، وأتصور أن يتحسن الوضع مع بداية تدفق الاستثمار الأجنبى وعودة السياحة بما يساهم فى تعزيز احتياطى النقد الأجنبي". ويتوقع رئيس إتحاد الغرف التجارية أن يستمر البنك المركزى فى السياسات الإصلاحية التى من شأنها القضاء على السوق الموازى خاصة مع بداية مؤتمر القمة الاقتصادية فى مارس المقبل، كما يتوقع أن يعيد البنك المركزى النظر فى قرار الحد الأقصى للسحب النقدى اليومى المسموح به للشركات والمقدر بحوالى 10 آلاف دولار. هذا فى الوقت الذى أكد فيه سيد عتريس، مستورد للحديد، أن البنوك تقوم الأن بتوفير من 85% إلى 90% من احتياجاته من الدولار، أما النسبة الباقية فيتحصل عليها من السوق السوداء، "قبل كدة كان 100% من السوق السوداء"، وفقا لعتريس الذى قال إنه سعيد بأن الدولة ستستفيد من فرق السعر بين السوق الرسمى والموازي، بعدما رفعت سعر الدولار. ويقول أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، أن البنوك تقوم بتوفير الدولار، بشكل جزئي، لمستوردى السلع الغذائية والطبية والإستراتيجية عموما، بينما لا توفر الدولار لمستوردى السلع الاستهلاكية. وأشار شيحة إلى أن البنوك، قبل القرارات الأخيرة، كان لديها طلبات كثيرة من مستوردين لتوفير الدولار، وهى تقوم الأن بتوفير الدولار للمنتظرين منذ أشهر وليس للمتقدمين الأن، "البنوك بتتأخر لكن بتدبر". وقال يسرى عبد الوهاب رئيس مجلس إدارة النيل للطيران إن شركات الطيران الخاصة مازالت تعتمد على الأسواق الموازية لتوفير متطلباتها من العملة الأجنبية مثل شراء المشتقات البترولية اللازمة لتشغيل الطائرات وكذلك الرسوم التى تسددها الشركات لصالح وزارة الطيران مقابل عمليات الشحن والتفريغ. "مؤشرات إيجابية" من ناحية أخرى، يقول محمود منتصر نائب رئيس البنك الأهلى أن الأمور لن تتحسن فى يوم وليلة، "ولكن هناك مؤشرات إيجابية من بينها زيادة معدلات تنازل العملاء عن الدولار للبنوك بدلاً من سحبه وبيعه فى السوق السوداء". وأوضح نائب رئيس البنك الأهلى لأصوات مصرية أنه "مع تراجع الفجوة بين السعر الرسمى والموازى من 70 قرش إلى 30 قرش فقط، وأصبح الأسهل للمواطن التعامل مع البنوك بشكل رسمي". وأضاف منتصر"مع زيادة عمليات التنازل عن الدولار فى المستوى المتوسط سنتمكن من تغطية كافة احتياجات العملاء ".