طريق الحرير القديم الذى يرجع إلى آلاف السنين، لم يكن طريقًا لنقل السلع التجارية إلى القارات الثلاث فحسب، بل كان طريقا لنقل الأفكار والفنون والعلوم والحرف أيضا وتبادلها عن طريق التفاعل المباشر مع التجار. كما شهد طريق الحرير تطور العلاقات التاريخية والصداقة الطويلة بين الصين والشرق الأوسط. وإن تأثير الحضارتين الصينية والعربية فى بعضها البعض ترك أثرًا إيجابيًا مستمرًا ومفيدًا على الطرفين قديمًا وحديثًا، وكان للتفاعل الذى نشأ بين الحضارتين إسهامات عظيمة فى الحضارة البشرية. يعد طريق الحرير البرى وطريق الحرير البحرى الحزام الوثيق الذى ربط بين الصين ودول الشرق الأوسط. حيث لعب الطريقان دورًا مهمًا فى التبادلات التجارية والفنية والثقافية والتعليمية بين الصين والدول العربية. كما أن الموقف الجيوستراتيجى الخاص لمنطقة الشرق الأوسط ووفرة الموارد فيها، ومميزاتها الثقافية والتاريخية، وتأثيرها فى السياسة الدولية المعاصرة، جعلها تحظى بمكانة مهمة فى العلاقات الدبلوماسية والتعاون الاقتصادى والتجارى بالنسبة للصين ومختلف دول العالم. كما أن طرح الصين لإستراتيجية "الطريق والحزام" فى ظل تحسين مكانتها الدولية وتعزيز قدرتها على المشاركة فى الشئون الدولية سيجعل العلاقات بين الصين ودول الشرق الأوسط تدخل مرحلة جديدة من التطور الكبير. أشار الرئيس الصينى شى جين بينغ فى خطابه الذى ألقاه فى افتتاح الاجتماع الوزارى السادس لمنتدى التعاون الصينى العربى فى يونيو عام 2014، إلى أن السنوات العشر المقبلة تعد مرحلة حيوية للتنمية بالنسبة إلى كلا الجانبين الصينى والعربى، حيث دخلت الصين المرحلة الحاسمة فى بناء المجتمع الرغيد على نحو شامل، وهذا يعد خطوة حاسمة لتحقيق الحلم الصينى المتمثل فى النهضة العظيمة للأمة الصينية. وتمر دول الشرق الأوسط حاليا بتغيرات وتعديلات كبيرة وغير مسبوقة، ومازالت الدول العربية تقوم باستكشاف طرق التغيير والإصلاح بإرادتها المستقلة. إن المهام والتحديات المشتركة فى تحقيق نهضة الأمة تتطلب تجسيد روح طريق الحرير، بما يزيد قوة دافعة للتنمية ويضفى الحيوية للتعاون ويعمق باطراد علاقات التعاون الإستراتيجى الصينية العربية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة. العالم العربى الذى يقع فى منطقة التلاقى بين "الحزام" و"الطريق" فى طرفهما الغربى، يعتبر شريكا طبيعيا ومهما للصين فى بناء "الطريق والحزام"، إذ أن التعاون الصينى العربى فى هذا المجال سيساهم فى تحقيق التكامل الفعال بين الجانبين من حيث الموارد الطبيعية والمزايا المالية وإمكانيات السوق، وكذا تعزيز التدفق الحر والمنتظم والتوزيع الأمثل لعناصر الموارد بين الصين والدول العربية، بما يمكّن الجانبين من اختراق "عنق الزجاجة" الذى يواجهه التعاون العملى الصينى- العربى فى مسيرته نحو التحول والتطور، وتحقيق المواجهة المشتركة للتغيرات العميقة الجذور التى تكتنف المعادلات التنموية والتجارية والاستثمارية واتجاهات تدفق رأس المال فى العالم. أصبحت الصين ثانى أكبر شريك تجارى للعالم العربى، وفى المقابل تعتبر الدول العربية سابع أكبر شريك تجارى للصين، وأهم مصادر النفط الخام، وسوقًا مهمة للمشاريع والاستثمارات الصينية بالخارج. بالإضافة إلى المجالات التقليدية مثل التجارة والاستثمار، يشهد التعاون الصينى- العربى فى مجالات التمويل، الطيران، السياحة والزراعة والمواد البشرية ازدهارا أيضا. كما أنشأ الجانبان نمطا جديدا من التعاون يتخذ الطاقة والبنية التحتية الدعامة، وتوسيع التعاون فى مجال الطاقة النووية والأقمار الصناعية، والطاقة الجديدة وغيرهم، بما يحقق الفوائد الملموسة للشعبين. والصين واثقة من أن إنشاء "الطريق والحزام" سيجمع الطاقة الإيجابية ويعمق الصداقة الشعبية القائمة على الدول ذات الصلة، ويفتح مجالا جديدا للتعاون والفوز المشترك. مقال لصحيفة الشعب اليومية الصينية