قال المخرج الألمانى الكبير فولكر شلوندورف، أثناء المؤتمر الصحفى الذى عقده بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، يوم الأحد، بمركز الإبداع، إنه لم يكن يتوقع حصوله على جائزة الهرم الذهبى التقديرية، والتى تعرف أيضًا باسم "جائزة نجيب محفوظ"، قائلاً:"لم أكن أتوقع أن تفكر مصر بى أو فى تقييم أعمالى وتمنحنى جائزتها التقديرية فى ظل الظروف السياسية الصعبة التى مرت بها والتى اعتبرها بداية عصر جديد لمصر". وأشار إلى أنه لم يحالفه الحظ فى الالتقاء بنجيب محفوظ ولكنه قرأ العديد من مؤلفاته بعد فوزه بجائزة نوبل وبعد أن تمت ترجمة هذه المؤلفات إلى اللغة الألمانية". وأضاف أنه سعيد بقضائه أسبوعًا كاملاً فى مصر قائلا: "لم أكن متابعًا جيدًا للسينما المصرية فى الأعوام الماضية ومشاهدتى للأفلام كانت فقط عبر مواقع الإنترنت، ولكننى سعيد بقضائى أسبوعا كاملا فى مصر لمشاهدة الأفلام ومتابعة السينما عن قرب من قلب الحدث". ولفت إلى أن العصر الذى نعيش به حاليًا يوجد به الكثير من التسهيلات لعرض الأفلام على نطاق واسع ولكن ما يفتقده عرض الأفلام بهذه الطريقة هو الحوار المجتمعى الجماهيرى حول الفيلم لأن السينما هى احتياج إنسانى، مدللاً بأن كل التجمعات الجماهيرية سواء الدينية أو الترفيهية أو السياسية يكون سبب أساسى من أسباب إقبال الناس عليها هى مقابلة بعضهم البعض وتبادل الآراء حول الموضوعات المختلفة لأن الناس فى هذا الوقت يشعرون بأنهم أحياء ويتفاعلون. وأثنى فولكر على مهرجان القاهرة السينمائى قائلا: "إقامة مهرجان القاهرة هى فرصة ذهبية لكل صناع السينما لعرض أعمالهم على جمهور متنوع الثقافات ومن بلدان مختلفة ما يوسع مجال التحاور ويعمل على تطوير هؤلاء الصناع لأفلامهم من الناحية الفنية"، لافتًا إلى أن هذه الزيارة ليست الزيارة الأولى لمصر لأنه قام بزيارتها فى الستينيات وبعد أن أنهى زيارته لمصر ذهب للبنان وقضى بها 6 شهور وقرر أن يقوم بتنفيذ فيلم عن صراع الأجيال خاصة بعد أن شاهد الحروب الأهلية فى لبنان والتى كانت بتحريض مع مافيا السلاح لأن طبيعة اللبنانيين الأصيلة لا تحمل العداء لأحد. وأوضح أن فيلمه "الدبلوماسية" الذى من المقرر أن يتم عرضه ضمن فعاليات المهرجان، لا يربط بين أحداث الأربعينيات والحرب فى باريس وبما يحدث فى العالم العربى حاليًا قائلا: "لا أستطيع أن أحدد أن هناك أوجه تشابه أو ربطًا فى الفيلم بين أحداث الحرب العالمية الثانية فى باريس والدمار التى ألحقته وبين ما يحدث الآن فى بلدان العالم العربى، ولكن الفيلم يحمل مكانة مميزة لدى لأننى عبرت عن فترة عاصرتها بنفسى وهى فترة دراستى فى فرنسا وقت الحرب والدمار الذى لحق بها وأحزن جدًا عندما أرى دولة لا تستطيع أن تتخطى مرحلة الحرب وتبدأ فى إعادة بناء نفسها من جديد، ولا مجال للشك من أن الأحداث التى عاصرتها انعكست بشكل أو آخر على أحداث الفيلم ولكن عنوان الفيلم يحمل الرسالة الأساسية منه وهو دعوة للجوء للدبلوماسية فى حل الخلافات بدلا من اللجوء للقوى العسكرية الغاشمة لأن ليس بالدمار تتقدم الأمم، ويتجسد ذلك فى الشخصية الأساسية بالفيلم والتى تحارب فكرها الشخصى والفكر السائد فى اللجوء للعنف والحرب حولها". وأضاف: "تاريخ الحروب يعيد نفسه فى وقتنا الحاضر ولجأت الكثير من حكومات العالم لحل نزاعاتها بإعلان الحرب". وتطرق فولكر للحديث حول صديقه الكاتب كوندرجراس الذى حصل على جائزة كان عن فيلمه "طبل الصفيح" قائلاً: "تفاجأت بعد علمى أن صديقى الحميم الكاتب كوندرجراس كان ينتمى للنازية، وقلت له لماذا لم تقل لى هذا الأمر من قبل، ورد أنه حاول ولكن بعد انتهاء الحرب العالمية كان من العار إعلان الانتماء للنازية وبعد مرور السنين كان من الصعب الإفصاح عن هذا الأمر ولكن الصراع الذى كان بداخل كوندرجراس كان هو الدافع وراء إبداعه". وأوضح فولكر أن أعماله السينمائية لا تلقى قبولاً واسعًا حاليًا من الجمهور الألمانى على الرغم من أن عند عرضها فى الستينيات والسبعينيات كانت تلقى رواجًا شديدًا والسبب فى ذلك أنها أفلام سياسية معبره عن الواقع الذى كان يعيشه الألمان آنذاك فضلاً عن أن التليفزيون الألمانى كان انعكاس لأراء الحكومة الألمانية وقتها وكانت السينما هى المتنفس الوحيد عن الشعب الألمانى ولذلك كان الإقبال على الأفلام كثيرًا ولكن الوضع تغيير ومتطلبات الجمهور أصبحت بعيدة عن السياسة". وعن تجربته فى السينما الأمريكية قال إنه لم يعمل فى هوليود ولكنه عمل فى مدينة نيويورك وهى مدينة السينما المستقلة وعبر عن سعادته بالعمل آنذاك بالسينما المستقلة فى أمريكا مضيفًا أنه كان يتمنى أن يستمر فى العمل بأمريكا ولكنه كان علم ذات يوم بانهيار جدار برلين عام 89 وقرر أن يعود برلين، وبعد أن عاد قام بقضاء 7 أو 8 سنوات فى إعادة إحياء ستديوهات بلسفرد الألمانية وهو ما يعتبره أكبر خطأ فى حياته لأنه كان فى هذا الوقت من المفترض أن يقوم بتنفيذ أفلام وأن يوثق حكايات الألمان الذين توحدوا بعد انهيار الجدار الفاصل ولكنه قبل بتطوير هذه الاستديوهات لأنه كان من الواجب أن يتم تطويرها ويستفيد من التسهيلات والإصلاحات التى أقامها الآن كل صناع الأفلام حول العالم ولكنه توقف عن ادارة هذه الاستديوهات منذ 14 سنة. وتابع أن أزمة السينما الحالية ليست ف السوق ولكن فى التوزيع لأن قديمًا كان هناك دور عرض صغيرة متخصصة فى عرض الأفلام المستقلة وباختفاء دور العرض هذه، أصبح العبء كبير على دور العرض التى تفضل عرض الأفلام التجارية".