وزير التعليم يشهد حفل ختام بطولات الجمهورية ومسابقات التربية الفكرية ببورسعيد (صور)    جامعة كفر الشيخ تحقق إنجازا فى تصنيف التايمز العالمي    البابا تواضروس يتلقى تقريرا عن الخدمة في إيبارشية وسط أوروبا    أسعار الأسماك اليوم، الكابوريا ترتفع 35 جنيهًا في سوق العبور    وزير الإسكان: غدا بدء تسليم أراضى بيت الوطن بالمرحلة التكميلية 2 بمدينة العبور    السيد القصير ومحافظ جنوب سيناء يتابعان المشروعات الزراعية والثروة السمكية    مدبولي يتفقد مجمع مصانع العربي للغسالات بكوم أبو راضي (صور)    وزير التموين: 60% زيادة في توريد القمح خلال الموسم الحالي    مسئولو التطوير المؤسسي ب "هيئة المجتمعات العمرانية "يزورون مدينة العلمين الجديدة    إخلاء أحد مجمعات النازحين السوريين في لبنان    محمد فايز فرحات: المواقف المصرية منذ بداية الأزمة في غزة قوية وواضحة ومعلنة    حاكم خاركيف الأوكرانية: تم إجلاء نحو 10،000 شخص من المنطقة بسبب المعارك    9 مجازر جديدة بغزة، 35386 شهيدا حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي    الأهلي ضد الترجي، القنوات الناقلة لمباراة نهائي دوري أبطال أفريقيا    نهائي أبطال إفريقيا.. "الكرات الهوائية" دفاع حديدي في الأهلي والترجي (أرقام)    تشكيل الشباب أمام التعاون في دوري روشن السعودي    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    مصرع شاب سقط من علو في القليوبية    خبير ل المصريين: كل متاحف مصر اليوم مجانية.. وعليكم زيارتها    إصابة المخرج محمد العدل بجلطة في القلب    جوري بكر بعد طلاقها: "استحملت اللي مفيش جبل يستحمله"    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    معهد القلب يشارك بمبادرة قوائم الانتظار بإجراء 4 آلاف عملية قلب مفتوح    طيران الاحتلال يشن غارات على جنوب لبنان.. وحزب الله ينفذ هجوما صاروخيا    الشهادة الإعدادية 2024| 16807 طالبا وطالبة يؤدون أول امتحاناتهم ب108 لجان بالأقصر    بنك الأسئلة المتوقعة لمادة الجغرافيا لطلاب الثانوية العامة 2024    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    جامعة كفر الشيخ الثالثة محليًا فى تصنيف التايمز للجامعات الناشئة    ياسمين فؤاد: تطوير المناهج البيئية بالجامعات في مباحثات مع «البنك الدولي»    محمد صلاح: "تواصلي مع كلوب سيبقى مدى الحياة.. وسأطلب رأيه في هذه الحالة"    لقاء سويدان تهنئ عادل إمام في عيد ميلاده: «صاحب السعادة»    فيلم شقو يحقق إيرادات 614 ألف جنيه في دور العرض أمس    «السياحة» توضح تفاصيل اكتشاف نهر الأهرامات بالجيزة (فيديو).. عمقه 25 مترا    3 منهم قرروا البقاء.. 17 طبيبا أمريكيا يغادرون غزة بعد محاصرتهم بالمستشفى    "الصحة" تعلق على متحور كورونا الجديد "FLiRT"- هل يستعدعي القلق؟    بدء تلقي طلبات راغبي الالتحاق بمعهد معاوني الأمن.. اعرف الشروط    وظائف وزارة العمل 2024.. فرص عمل في مصر والسعودية واليونان (تفاصيل)    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    رفع 32 سيارة ودراجة نارية متهالكة.. خلال 24 ساعة    فانتازي يلا كورة.. تحدي الجولة 38 من لعبة الدوري الإنجليزي الجديدة.. وأفضل الاختيارات    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    بينها التوت والمكسرات.. 5 أطعمة أساسية للحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية    بحثا عن لقبه الأول.. مصطفى عسل يضرب موعدا ناريا مع دييجو الياس في بطولة العالم للاسكواش    «طائرة درون تراقبنا».. بيبو يشكو سوء التنظيم في ملعب رادس قبل مواجهة الترجي    تراجع أسعار الدواجن اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    معاريف تكشف تفاصيل جديدة عن أزمة الحكومة الإسرائيلية    طريقة عمل شاورما الفراخ، أكلة سريعة التحضير واقتصادية    بدء امتحان اللغة العربية لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة والدراسات الاجتماعية بالقاهرة    مفتي الجمهورية يوضح مشروعية التبرع لمؤسسة حياة كريمة    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبوالعز الحريرى: يذهب الآن فى دقيق الفقراء وفى عروقنا كبرياء
نشر في اليوم السابع يوم 06 - 09 - 2014

مات كما يموت كل المحاربين عن الأوطان، مات كما يموت عمال المصانع وزارعو حقول الحنطة، مات بالفشل الكلوى وهو الذى كان قد منح أخاه كليته، مات بفشل الكبد، وهو الذى كان قطعة من كبد الوطن، غادرت القاهرة للإسكندرية أتوكأ على عصاى حاملا بين جوانحى شوقا لرؤيته، كان فى غرفة الإنعاش، وكانت «هند» ابنته تحاول أن تبل ريقه بقطرة ماء بملعقة، وكانت نفسه تعاف كل شىء، تمسح «هند» عن جبهته نسغ ماء وهى تقبل يده، وأنا قبلت رأسه، كان «هشام» ابنه البار يرد على مكالمات الهاتف التى لا تنقطع، وكان «هيثم» ابنه يقرأ القرآن فى صمت من جهاز الآيباد، أما «زينب» الزوجة ورفيقة العمر والدرب فكانت تقرأ القرآن من مصحف بين يديها.
عندما جلست بجوارها فتحت حقيبة يدها وأخرجت مظروفا وناولتنى إياه وطلبت منى أعد النقود، كانت المبلغ 1950 جنيها، طلبت منى أن أعطيهم للأستاذ «طارق» والد زوج ابنتها وصديق «أبوالعز» لأنه هو الذى سوف يتولى دفع «التكاليف»، أية تكاليف؟ قالت أن الدكتور «رفيق خليل» صديق أبوالعز قد طلب من الأطباء المعالجين رفع جهاز التنفس الصناعى عنه، وأن المسألة ساعات معدودة، كانت «زينب» صائمة فلم تبل ريقها بقطرة ماء فشربت أنا كل ما كان متبقيا من زجاجة الماء، جاء مدير مستشفى القوات المسلحة يطمئن عليه وقال لزينب: «نحن عملنا كل ما بوسعنا.. إنها إرادة الله»، وجاء قائد المنطقة الشمالية، وجاء عمال ونقابيون من أصدقائه، لكنه كان قد غاب عن الوعى تماما، الآن يفصل بيننا حفنة من تراب الوطن، هل كان يضير الموت أن يتركك ساعة تحمل معك حفنة من تراب الوطن للجنة تزرع فيها شجرة تطرح أوراقا بعدد من أحببتهم وأحبوك؟ والله لا أبكيك وقد منحت الأطفال كلمات من الماء والدقيق.
ولم أجد إلا كلمات أحمد فؤاد نجم: «مسافر.. مسافر أيا سندباد/ وداير تلف الزمان والبلاد/ مسافر لأنك لقيت الحقيقة/ مسافر لأنك عرفت المعاد». أثرثر باسمك الآن بينى وبين نفسى، كانوا معك، العمال كانوا معك، وبشر يخرجون من شقوق الأرض، الجوعى والعرايا كانوا معك، لم يكن معك إلا الجوعى والعرايا والعمال وتلاميذ المدارس يتغنون بمفاتن الوطن المحرمة ويلوحون لك من بعيد فى سفرك، وأنت المسافر الآن وحدك: «وطال السفر.. يا صديقى الحبيب/ وكان الأمل فى اللقاء.. عن قريب/ أشوفك وأبوس ابتسامتك وأضمك/ أقولك همومى.. وأدوب جوه همك/ ونضحك.. ونحلم فى عز النهار/ وتضوى ابتسامتك.. ويحلا الهزار/ أقابلك مسافر.. فى نفس المسار». الآن تسافر وحدك، لا مركبات للغنائم فى وداعك ولا حتى خيولا للفجيعة، فهل حملت لنا الندى أم الدقيق؟ «مسافر.. تودى الوداد للرفاقة/ مسافر.. تجيب الحليب للولاد».
تبتعد الآن عن الوطن لكن الوطن لا يبتعد عنك، ولا يبتعد عنك الشهداء، تسافر الآن بين الحصى والماء، بين العناء المباغت والظهيرة، تحمل الآن فى يديك الندى ورغيف خبز، متدثرا بالماء وقيظ العاشقين والتراب ودخان الذكريات وعصافير تناءت فى الرياح فحدثنا الآن عن حلاوة الماء وشهوة الحب للوطن وعنف الغضب من الفساد: «وطال السفر.. يا صديقى الحبيب/ وكان الأمل فى اللقاء.. عن قريب». ضجيج الهواجس يعلو تماما كضجيج خطاك، فهل يضيع الوطن؟ وطن كان عباءتك ودثارك الوحيد، وها أنت تخرج منه بلا دثار، فهل يكون موتك نهاية الحكاية أم البداية لحريق جديد؟ نهاية حكاية عن السندباد.. بداية حكاية لناس ع الطريق»، وكل ما أعرفه الآن أنك الآن تذهب فى دقيق الفقراء وفى عروقنا كبرياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.