آثار قرار إندونيسيا المثير للجدل بحظر صادرات المعادن الخام عواقب لم تكن مقصودة، ولكن كان من الممكن التنبؤ بها: فقد خسر حوالى 500 ألف من عمال التعدين وظائفهم. وكانت جاكرتا أعلنت فى 12 يناير الماضى لوائح جديدة تحظر تصدير الخامات المعدنية فى إطار الجهود المبذولة للحفاظ على حصة أكبر من أرباح الموارد داخل إندونيسيا، إحدى أكبر دول العالم المنتجة للمعادن مثل النحاس والذهب والنيكل. ولكن وبعد مرور أكثر من شهر من فرض الحظر، فقد أكثر من 570 ألفا من العاملين فى صناعة التعدين وظائفهم بعد أن أوقفت الشركات أعمالها، بحسب ما ذكره خوان فورتى سيلالاهى، المتحدث باسم جماعة "التضامن مع عمال التعدين الوطنيين". وأكد سيلالاهى أن "العدد سيتزايد، ما لم تراجع الحكومة الحظر"، وأوضح: "تعرضت الشركات الصغيرة للشلل، وقد تأثر أيضا الناس الذين يبيعون السلع للعمال والمواطنين الذين يؤجرون لهم منازلهم والأقارب الذين يعتمدون عليهم". وكانت الشركات وخبراء الصناعة حذروا من أن الحظر، الذى فرض بمقتضى قانون تم التصديق عليه فى عام 2009، من شأنه أن يؤدى إلى عمليات تسريح جماعى للعمال، فضلا عن الحد من عائدات التصدير فى الوقت الذى يظهر فيه الاقتصاد دلائل على وجود تباطؤ. ويقول أيدى أكبر 27 عاما، الذى كان يعمل فى شركة "ستارجيت" لتعدين النيكل بمنطقة كوناوى أوتارا فى شمال سولاويسى: "لم أعمل منذ شهر". وأضاف أكبر فى مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عبر الهاتف: "لا أستطيع أن أطلب تعويضا عن إنهاء الخدمة لأن الشركة لا تنتج وليس لديها أموال". ووفقا للوائح، الشركات مطالبة بمعالجة المواد الخام محليا لإنتاج منتجات ذات قيمة أعلى، ولكن اللاعبين فى مجال الصناعة يقولون إن بناء مسابك غير قابل للتطبيق من الناحية الاقتصادية لأن ذلك يحتاج إلى استثمارات كبيرة. ومنحت كبريات شركات التعدين الأجنبية العاملة فى إندونيسيا، مثل "فريبورت ماكموران" للنحاس والذهب وشركة ""نيومونت" للتعدين مهلة مؤقتة، لكن الشركات اشتكت من أن فرض ضريبة تصدير جديدة على المركزات المعدنية والتى تبلغ قيمتها 25% تشكل عبئا كبيرا محذرة من أنها قد تضطر إلى تسريح آلاف العمال. وارتفعت ضريبة التصدير على المركزات المعدنية من20% إلى 25%، وستتصاعد تدريجيا لتصل إلى 60% بحلول نهاية عام 2016. واحتشد حوالى ألف عامل من "فريبورت" الأسبوع الماضى فى إقليم بابوا خارج مقر المجلس المحلى لمنطقة تيميكا مطالبين الحكومة بإعادة النظر فى القانون. ويؤكد الزعيم النقابى هينجكى بينور أن "حظر التصدير يهدد معيشة آلاف العمال"، مضيفا "نأمل أن تعيد الحكومة النظر فى مصير 30 ألف عامل.. إنهم ليسوا مجرد رقم، ولكن أناس فى حاجة ماسة إلى العمل". ويحذر ديرد تابونى، رئيس المجلس التشريعى فى بابوا، من أن 50 فى المئة من إجمالى عدد العاملين فى فريبورت، البالغ 30 ألف موظف، قد يفقدون وظائفهم. وأضاف تابونى: "ذهبت مؤخرا إلى فريبورت ووجدت أن آلات التركيز لم تعد تعمل الشاحنات لم تعد تعمل، حتى العاملين توقفوا عن العمل". ويقول صالح عبد الرحمن، المتحدث باسم وزارة الطاقة والثروة المعدنية، إن الحظر سيكون مفيدا لأندونيسا على المدى الطويل. وأوضح أن "الإيرادات التى كانت تدرها صادرات المعادن ضئيلة جدا.. بعد أن تتم معالجتها فى الخارج نستوردها مرة أخرى بتكاليف أعلى. هذا ليس عدلا". كما تقول وزارة الطاقة والموارد المعدنية إن التداعيات على العمال مؤقتة، ويؤكد هيرسونو ويبوو، رئيس قطاع تجارة وإنتاج المعادن بالوزارة: "بمجرد أن تبنى الشركات المسابك، سيتم استيعاب العمال ثانية".