بعض الناس لا يقدرون جهد الإنسان مهما بلغ.. وهناك أشخاص يقدرون العمل الصغير أو الذى يبدو صغيرا، لكن معناه عظيم، قال الرسول "صلى الله عليه وسلم": (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)، أما بالنسبة للعمل أو جهد الإنسان الذى يستغل فى عمل الخير و نشر الفائدة، فإنه يبدأ صغيراً ثم يكبر ويتضخم، حتى يعم شذاه الكون. قرأت قصة جميلة من كتاب العودة، كان رسام مشهور يتردد على مطعم، وقد قضى أربعين سنة فى عمله وإبداعه (تخيل إلى أين ستصل موهبة الإنسان إذا رعاها وركز عليها بجدية، وأنفق فى سبيل تطويرها دماء قلبه كما يقال)، ذات يوم دخل المطعم فطلب منه المالك أن يرسم له باقة ورود ليزين بها مطعمه، فرسمها له حسب الطلب، وحين ذكر له المبلغ الذى ينبغى أن يدفعه اندهش صاحب المطعم و قال: كيف تطلب منى هذا المبلغ وأنت رسمتها فى دقائق؟، فقال الرسام: صحيح أننى رسمتها فى دقائق، لكنها تمثل تجربة أربعين سنة من الرسم، ثم أضاف: أتدفع هذا المبلغ أم لا؟، رفض صاحب المطعم دفع المبلغ فمزق الرسام رسمه!. العبرة: لهذه القصة معانٍ عميقة لا يدركها أى شخص، لكنها تلامس شغاف قلب الإنسان، فهذه اللوحة جزء من ذات الرسام..لا يمكنك الحصول على هذه اللوحة بمبلغ عادى، إنها نتيجة عمل دام أربعين عاماً و ثمرة جميع لحظات الماضى التى كرسها هذا الرسام لتنمية أغلى موهبة لديه...ستفهم سلوك هذا الفنان الواثق من نفسه إذا أحببت شيئاً (موهبة - عمل - دراسة)، وأعطيته معظم أوقاتك، مزق الفنان الرسم فى النهاية، لأنها ثمينة لكنها لا تعد شيئاً بالنسبة لموهبته.