طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتغيير المنظومة التشريعية الحاكمة لقضايا الباعة الجائلين، والعمال لإنهاء أزماتهم المتكررة، مؤكدة أن استمرار حالات الانتحار بين العمال والباعة الجائلين، ترجع إلى انحياز الحكومة لأصحاب الأعمال ضدهم، وتجاهلها لمشكلاتهم. وأضافت المبادرة، فى بيان لها اليوم الأحد، أنها رصدت، خلال الأسابيع القليلة الماضية، عددًا من الحالات قام فيها عمال بإنهاء حياتهم أو حياة المقربين منهم، يأسًا من الحصول على حقهم فى العمل والحياة الكريمة، فى ظل تخلى الدولة عن التزاماتها بحماية حقهم فى العمل، خصوصًا فى فترة تزداد فيها معدلات البطالة، وتتناقص فرص العمل. وذكرت المبادرة فى بيانها عددا من الأزمات التى يلاقيها العمال، ومنها وفاة أحد الباعة الجائلين ويدعى حسين حلمى، 48 عاما، إثر إصابته باكتئاب حاد أدى إلى ذبحة صدرية أودت بحياته، وذلك بعد أن قام بإشعال النار بنفسه أمام زملائه من الباعة فى سوق محطة مترو المرج الجديدة، موضحًا أن السبب كان مضايقات الشرطة له، فى الشهور الأخيرة، بدعوى أن مشروع شباب الخريجين الذين كان يعمل بإحدى العربات التابعة له منذ 1989 توقف. وأشار البيان إلى أن شهادة نائب رئيس النقابة المستقلة للباعة الجائلين بالقاهرة، تفيد بقيام رائد بشرطة المرافق بأخذ إتاوة من البائع، ومضايقته ومصادرة بضاعته وضربه وتكسير عربته، ليقوم الأخير بإشعال النار فى نفسه، ما أدى لإصابته بحروق، نقل بعدها للمستشفى، حيث توفى، لافتا إلى وجود محاولات للتعتيم على الحادث، وتصوير البائع على أنه متجول، كان يزاول نشاطه أمام قصر الاتحادية، وأشعل النار فى نفسه، بعد أن جاء من الاتحادية إلى المرج، مؤكدًا أنه أمر عار تماما عن الصحة. كما أشار البيان إلى انتحار يحيى محمود، 24 عاما، يعمل بالشركة العربية لأنابيب البترول، اعتراضًا على عدم تثبيته بعد خمسة أعوام من الخدمة فى الشركة بأجور مجحفة، وقيام عامل آخر بنفس الشركة، بعد الواقعة بشهرين بإشعال النار فى نفسه، يأسا من تجاهل إدارة الشركة والحكومة، لإضرابه مع زملائه من العمالة المؤقتة، والذين يطالبون بحقهم فى التثبيت بعد فترة عمل تجاوزت لدى بعضهم عشرين عاما. واعتبرت المبادرة أن كل تلك الوقائع تشير إلى أن العدالة الاجتماعية، التى كانت فى مقدمة مطالب ثورة 25 يناير لا تزال بعيدة المنال وإن ثورة ألهمها إضرام التونسى محمد بوعزيزي، البائع المتجول للنار فى نفسه يأسا، لا يزال عمالها يشعلون النار فى أنفسهم فى ذات دائرة اليأس. فيما وصفت المبادرة فى بيانها، أداء الحكومة إزاء حقوق العمال بالمتخاذل، مؤكدة أن التوجه العام للحكومة منحاز لصالح أصحاب الأعمال على حساب حقوق العمال، وبخاصة فى ظل القانون رقم 12 لعام 2003، والذى تم إقراره بمعزل عن العمال ودون التشاور مع اتحادات ممثلة لهم بحق، مشددة على أن هذا الإطار التشريعى يغفل الكثير من حقوق العمال. وانتقد البيان مؤسسات الدولة، مؤكدا أنه بدلا من معالجة أزمة الباعة الجائلين، تستمر نظرتها القاصرة لهم كظاهرة يجب قمعها بدلا من معالجتها بشكل يضمن حقهم فى العمل، عن طريق إيجاد حلول شاملة اقتصادية وسياسية واجتماعية، لافتا إلى أن الإطار التشريعى الذى يحكم عمل الباعة الجائلين، خاصة القانون رقم 33 لسنة 1957، لم يمس منذ أكثر من 55 عامًا، إلا فيما يخص تغليظ العقوبات والغرامات. واختتمت المبادرة بيانها مؤكدة أن وقف الانتهاكات والتعديات على الباعة الجائلين، ومعالجة الأزمة برمتها، لن يتم إلا عبر مناقشات جادة تصل إلى أطر تشريعية جديدة تحمى حق الباعة الجائلين فى العمل، وتمكنهم من الحصول على تراخيص لمزاولة عملهم عبر قنوات واضحة وسلسلة فى إطار تنظيم عادل للمساحة العامة بين جميع الأطراف المعنية.