نيقوسيا (ا ف ب) - "حلقت" الكرواتية بلانكا فلاسيتش "فوق السحاب" بعد تجاوزها قبل ايام ارتفاع 08ر2 م في الوثب العالي خلال لقاء زغرب الدولي، واقتربت اكثر من "الحاجز الذهني" للرقم القياسي العالمي (09ر2 م) المسجل باسم البلغارية ستيفكا كوستادينوفا منذ 30 آب/اغسطس) 1987 (النسخة الثانية من بطولة العالم). ويضع هذا الارتفاع فلاسيتش (25 سنة) في مستوى عشر "بطلات" من عقد الثمانينات في القرن الماضي، يحملن ارقاما قياسية عالمية تعتبر "اعجازا"، وهي لامست رقم كوستادينوفا بعدما اضحت على بعد سنتم واحد منه. في لقاء زوريخ الدولي واثر فوزها بلقب المسابقة (01ر2م) ضمن جولات الدوري الذهب، اعلنت فلاسيتش ان قواها "خارت في هذا الموسم المضني". وبدت كأنها اكتفت بما حققته خصوصا اسقاطها منافستها المباشرة الالمانية اريان فريديريتش الشهر الماضي على ارضها ضمن بطولة العالم في برلين، واحتفاظها باللقب 04ر2م في المحاولة الثانية). لكن فلاسيتش (92ر1م) تخلصت من الارهاق والتعب واستمدت من المشاركة امام جمهورها في لقاء زغرب "فيتامينا خاصا" منحها الاندفاع والزخم وخفة الارتقاء وليونة تجاوز العارضة، فتخطتها بسهولة، ومن المحاولة الاولى تباعا على ارتفاعات 90ر1م و94ر1م و00ر2م و05ر2م و08ر2م، معززة رقمها القياسي الشخصي الذي كان يبلغ 07ر2م. وقالت بعد محاولتها ثلاث مرات تجاوز 10ر2م: "اعدكم بذلك في مناسبات اخرى". وحين حققت فلاسيتش ارتفاع 07ر2م قبل عامين، بدت متمكنة وعلى وشك تحطيم الرقم العالمي. لكنها لم تقو لاحقا في وجه عقبات عدة، ابرزها النكسة غير المنتظرة في دورة بكين الاولمبية امام البلجيكية ثيا هيليبو التي وضعت حدا ل34 انتصارا حققتها الحسناء الكرواتية. وبعدها فقدت فلاسيتش "نصيبها" في الدوري الذهبي، ثم هزمت في بطولة اوروبا للقاعات خلال آذار/مارس الماضي في تورينو. وقطعت الالمانية فريدريتش الطريق امامها نحو حصة من ال"غولدن ليغ" على جائزة المليون دولار، بفوزها عليها في الجولة الافتتاحية في برلين (06ر2م في مقابل 03ر2م - 14 حزيران/يونيو الماضي)، "ماسحة" رقما المانيا عمره 18 عاما. لكن اللقب العالمي في "اولمبياشتاديوم" جاء بمثابة رد مباشر وتعويض مميز من قبل فلاسيتش، فبدت منشرحة جدا، وطغى صراخها خلال جولة الشرف على "هيصة" الجمهور وتصفيقه. وكسبت مجددا القلوب والعقول، واستقطبت الانظار محولة الاهتمام نحوها عن كل ما عداه في مضامير العاب القوى وميادينها، خصوصا انها ترتقي في الارتفاع الى ابعد من طاقة الاخريات. ومنذ عام 2006 وباستثناء محطات معدودة، برهنت فلاسيتش (75 كلغ) مرارا وتكرارا انها الافضل. وصحيح انها تسر بالمنافسة والضغط الملقى على عاتقها الذي يحفزها لبذل قصاراها، لكنها كانت تدرك دائما انها في منافسة مع ذاتها بالدرجة الاولى. وهذا ما اتضح "ساعة الحسم" في بطولة العالم. استأنفت فلاسيتش مسلسل انتصاراتها واستعراضاتها. ووثبت ارتفاع 08ر2م في زغرب وفي جو بارد وعلى مضمار مبلل بزخات المطر، لكنها لم تستطع التعبير عن شعورها وفرحتها بالرقم الجديد، "حين تخطيت العارضة شعرت بمزيج من الاثارة والمفاجأة. وللوهلة الاولى اردت التقاط انفاسي". وتوضح انها انتظرت هذه اللحظة طويلا، "كانت مفعمة بالراحة والسكينة بعد هذا العناء. ولطالما كنت متزنة وصبورة، اجتهدت كثيرا علما انني لست آلة". شاركت فلاسيتش في 21 مسابقة هذا الموسم. ويبدو ان امكاناتها الفنية تضعها في مستوى عارضة ال10ر2م، كما تؤكد هيليبو. اما مدرب البلجيكية وصديقها "التقني" فيم فانديفن فيلفت الى ان طاقة فلاسيتش كبيرة، وفي مقدورها بلوغ 12ر2م خصوصا اذا حسنت انطلاقتها وجعلت تحفزها اسرع قليلا. ارتقت فلاسيتش ارتفاع المترين عام 2003، وكانت لا تزال في فئة الناشئات وحملت لقبها العالمي (91ر1م في سانتياغو). وفي مشاركتها الاولى في بطولة العالم ل"الكبيرات" عام 2001 في ادمونتون، حلت سادسة. عام 2006 ولمناسبة عيد ميلادها (8 تشرين الثالني/نوفمبر)، كرمها بلدها باصداره طابعا بريديا يحمل صورتها ويؤرخ انجازاتها. وللقاء زغرب منزلة خاصة في قلب فلاسيتش، اذ انضمت على مضماره الى "نادي المترين" عام 2003. وهي ابنة عائلة رياضية، فوالدها يوسكو ومدربها، الى جانب بويان مارينوفيتش، يحمل الرقم القياسي الكرواتي للمسابقة العشارية (7659 نقطة) وسجله عام 1983 في الدارالبيضاء خلال دورة العاب البحر المتوسط، قبل اسابيع من ولادة ابنته التي سماها بلانكا تيمنا ب"كازابلانكا" اسم المدينة المغربية باللغة الاجنبية، التي شهدت انتصاره المتوسطي. ووالدتها استاذة الرياضة لاعبة كرة سلة سابقة، ومتزلجة دأبت على المشاركة في سباقات العمق الريفية. ولا تتذكر فلاسيتش من سنوات طفولتها الا والديها في ثياب الرياضة يخوضان المنافسات، وهي اعتادت على هذا المحيط واجوائه من خلال مرافقتهما، ووجدت لاحقا انها لا تستطيع الابتعاد عنه. في بداياتها، طمحت فلاسيتش الى خوض سباقات الجري السريع. ثم اختبرت العابا مختلفة قبل ان ترسو على الوثب العالي، علما ان طولها الفارع يساعدها على البروز في كرة السلة والكرة الطائرة اللعبة التي شجعها والدها على مزاولتها، لكنها فضلت دائما الالعاب الفردية كي تستأثر بالاضواء كلها.