وسط سلسلة من الكوارث الفنية والإدارية، انتهت ب "فضيحة" السقوط أمام فريق بايرن ميونخ الألماني، بثمانية أهداف مقابل هدفين، في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، يطمح نادي برشلونة في مساهمة الهولندي رونالد كومان في إحياء الفريق مجددًا، قبل موسم صعب، سيشهد ضغطًا كبيرًا في المباريات، بسبب أزمة امتداد الموسم الحالي، عقب التوقف الإجباري الذي فرضه تفشي فيروس كورونا المستجد. التعاقد مع المدير الفني كيكي سيتيين في شهر يناير الماضي حمل مجموعة من المشاعر المتناقضة لدى جماهير برشلونة، فبين طريقة لعبه مع ريال بيتيس التي كانت قريبة من الفلسفة المحببة للكتالونيين، وبين ضعف الاسم مقارنة بالطموحات التي أعقبت إقالة سلفه إرنستو فالفيردي، كانت الجماهير مجبرة على الانتظار، لتحديد موقفها من المدرب الذي أكدت إدارة النادي أنه وقع عقدًا يمتد لموسمين، وليس بشكل مؤقت حتى نهاية الموسم، كما أشارت الكثير من التكهنات. لكن الانتظار لم يجلب سوى المتاعب في برشلونة، فمنذ الوهلة الأولى بدا سيتيين مترددًا في أفكاره، وتراجعت نتائجه قبل وبعد توقف "كورونا" قبل أن تتطور الأمور لما هو أسوأ، فانهارت علاقته مع نجوم الفريق، في ظل الضغوطات التي عاناها الفريق عقب اقتراب ريال مدريد من لقب دوري الدرجة الأولى الإسباني، الذي حسمه بالفعل في نهاية المطاف. التعاقد مع المدير الفني الهولندي رونالدو كومان، والذي ضحى بحلم قيادة منتخب بلاده في كأس الأمم الأوروبية التي تم تأجيلها لعام 2021، رفع كثيرًا من معنويات محبي برشلونة، حيث يتمتع الرجل الهولندي بثقة كبيرة في برشلونة، سواءً كلاعب تاريخي، تحت قيادة المدير الفني الأسطوري الراحل يوهان كرويف، بين عامي 1989 و1995، ثم كمدرب مساعد في بدايات مشواره التدريبي، تحت قيادة مواطنه لويس فان خال بين عامي 1998 و2000. كما أظهر كومان قدرات مميزة خلال مشواره كمدير فني، الذي شهد عشر محطات مختلفة قبل برشلونة، كان نصفها في الدوري الهولندي الممتاز، وكان آخرها على مقعد القيادة الفنية للمنتخب البرتقالي. افتتح كومان مشواره كمدير فني بقيادة فريق فيتيسة الهولندي، قبل المرحلة التي صعد بها خطوة واسعة في عالم التدريب، عندما قاد أياكس أمستردام بين عامي 2001 و2005، وقاد أيضًا أيندهوفن، ألكمار وفيينورد في هولندا، بينما خاض تجربتين إنجليزيتين في ساوثامبتون وإيفرتون، كما قاد بنفيكا البرتغالي وفالنسيا الإسباني. سؤالان بارزان يتصدران المشهد الكتالوني في الوقت الحالي، أولهما يتمثل في كيفية تعامل كومان مع قائمة برشلونة الحالية، التي تجاوز معظم نجومها الثلاثين من العمر، وهي الملحوظة التي تحدث عنها كومان نفسه قبل توليه تدريب الفريق، بينما يتمثل السؤال الثاني في طريقة لعب المدرب الهولندي خلال الفترة المقبلة. السؤال الأول بدأت ملامح إجابته تتضح في الساعات الأخيرة، حيث أكدت العديد من التقارير الإسبانية أن إدارة برشلونة اتخذت قرارًا حاسمًا بتجديد دماء الفريق، والذي يتمثل بشكل أساسي في منح الضوء الأخضر للاستمتاع إلى العروض المقدمة لمجموعة من النجوم المخضرمين، وفي مقدمتهم لويس سواريز، جيرارد بيكيه، خوردي ألبا وسيرخيو بوسكتس. فلسفة كومان لا تبتعد كثيرًا عن أسلوب "تيكي تاكا" المحبب للغاية للجمهور الكتالوني، ويميل المدرب الهولندي للعب بطريقة 4-3-3، التي كانت أكثر الطرق التي استخدمها بشقيها الهجومي والدفاعي خلال مشواره التدريبي، والتي تتحول في بعض الأحيان إلى 4-2-3-1 خلال المباريات. أدوار قلبي الدفاع في تشكيل كومان تعتمد على مدى جودتهما، حيث يمنحهما المدير الفني الهولندي أدوارًا أكبر في بناء اللعب، عن طريق اللعب بخط دفاع متقدم، عندما يمتلكان المهارة اللازمة لذلك، وهو ما حدث في تجربته الأخيرة، عندما امتلك مدافعين بقيمة فيرجيل فان دايك مدافع فريق ليفربول الإنجليزي وماتياس دي ليخت مدافع فريق يوفنتوس الإيطالي. الأمر ذاته ينطبق على الظهيرين الأيمن والأيسر، الذين يفضل كومان منحهما أدوارًا هجومية بارزة، لكن دون الإفراط في ذلك، ودون الابتعاد كثيرًا عن الجانبين، وهو ما تمثل بوضوح في تجربته مع إيفرتون، التي ساهم خلالها الظهير الأيمن شيموس كولمان ونظيره الأيسر ليتون بينز بوضوح في هجمات الفريق الإنجليزي، حيث سجلا سويًا ستة أهداف وصنعا ثمانية، في موسم كومان الأول. في وسط الملعب ينتظر فرينكي دي يونج لاعب أياكس السابق أحد أدوار البطولة في برشلونة خلال المرحلة المقبلة، حيث اعتاد كومان على منح لاعب الارتكاز مهمة المايسترو، واللاعب الذي يتحكم في بناء هجمات الفريق، وهو الدور الذي قدمه بامتياز تحت قيادة المدرب ذاته في المنتخب الهولندي، مما يجعله أحد أبرز الأسماء التي سيبني عليها كومان خططه في برشلونة، وبجانبه أحد لاعبي الارتكاز الدفاعيين، لمساعدة الخط الخلفي، وآخر يلعب دور الربط بين خطي الوسط والهجوم. الاسم الذي سيلعب أمام دي يونج، يأمل كومان أن يكون مواطنه جورجي فينالدوم لاعب خط وسط فريق ليفربول الإنجليزي، حسبما أكدت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، وقد يساهم تعاقد ليفربول المنتظر مع الإسباني تياجو ألكانتارا لاعب خط وسط فريق بايرن ميونخ الألماني في حصول كومان على مراده. وكان فينالدوم أحد أبرز لاعبي المنتخب الهولندي تحت قيادة كومان في الشهور الأخيرة، وهو ما يجعله الشريك المثالي لدي يونج زميله في المنتخب. في الخط الهجومي يميل المدير الفني الهولندي لمنح الجناحين حرية الدخول إلى عمق الملعب، وهو ظهر بوضوح خلال تجارب عديدة، كان أبرزها عندما قاد فريق ساوثامبتون الإنجليزي، عندما تألق تحت قيادته الجناحان السنغالي ساديو ماني والصربي دوشان تاديتش، كما منح أدوارًا مشابهة لكوينسي بروميس مع المنتخب الهولندي، وأعاد ريان بابل للأضواء ليلعب الدور ذاته. ولا يُستبعد أن يلجأ كومان لفلسفة "المهاجم الوهمي" رغم تألق العديد من اللاعبين في مركز المهاجم الصريح تحت قيادته، وأبرزهم البلجيكي روميلو لوكاكو في فريق إيفرتون الإنجليزي. واستخدم كومان لاعبه ممفيس ديباي كمهاجم وهمي في المنتخب الهولندي في كثير من الأحيان، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات منح ميسي أحد الأدوار الجديدة في الفريق، وهو الدور الذي لا يعد غريبًا على أسطورة الفريق الكتالوني، رغم أن الاحتمال الأبرز يتمثل في استمراره في اللعب بمركز الجناح الأيمن، مع منحه الحرية المعتاد للدخول إلى عمق مناطق الخصوم.