لا يبدو أن أوضاع كرة القدم السعودية ستسير وفق ما تريده وتتطلع له الجماهير السعودية التي تجرعت مرارة الإخفاقات والانكسارات منذ مطلع الألفية الجديدة، إذ على الرغم من التغييرات المستمرة في الأجهزة الفنية والإدارية للمنتخبات السعودية بفئاتها كافة إلا أن أيا من هذه التغييرات لم تكن سوى مسكنات وقتية بل كانت ولازالت سبباً من تعميق جراح جسدها المثخن أصلاً، فضلاً عن المشاكل الكبيرة والمتعددة التي تعج بها الكرة السعودية واتحادها وأنديتها. استقالة الأمير نواف بن فيصل بعد الإخفاق في التأهل إلى التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم 2014 كانت قد فتحت الباب أمام تفاؤل طفيف في أن يتحسن الوضع القائم في الكرة السعودية، إذ قدم رئيس اتحاد القدم استقالته في التاسع والعشرين من فبراير الماضي بعد أقل من عام من توليه منصبه وهو الذي أكد تحمله المسؤولية وابتعاده عن إدارة الاتحاد الأهم، ومنذ ذلك الوقت ظل الشارع الرياضي يترقب إيضاح آلية واضحة للانتخابات المقبلة وقبل هذا كله موعداً واضحاً لإجرائها. يقول الأمير نواف بن فيصل بصفته رئيساً عاماً لرعاية الشباب في أحد أحاديثه إنه "سيتم الإعلان عن آلية انتخابات اتحاد الكرة في أقرب وقت"، فيما يذهب رئيس رابطة المحترفين محمد النويصر إلى القول إن "الأمور قد تتضح بعد نهاية أولمبياد لندن"، وهو الأولمبياد الذي لم تتأهل السعودية بفريقها الأولمبي أصلاً للمشاركة فيه، ما يوضح حجم التخبط والمعاناة التي تعيشها الكرة السعودية، وهو أيضاً ما دفع غالبية المتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي ليؤكدوا أن ما يحدث ماهو إلا تسويف وتمييع لأخطر مرحلة في تاريخ الكرة السعودية، بل قد يذهب الأمر إلى ماهو أبعد من ذلك من تطورات. لا تملك اللجنة المكلفة بإدارة شؤون اتحاد الكرة صلاحيات كافية، فضلاً عن أن غالبية أعضائها لم يضيفوا أي جديد للاتحاد السابق، لكن رئيسها أحمد عيد أظهر حزماً وجرأة في التعامل مع القضية الأبرز وهي القضية التي تفجرت بين اللجنة والمحامي ماجد قاروب، الذي اتهم الأول بالتدخل فيما لا يعنيه، وإغلاق ملف الرشوة التي قُدّمت لحارس نجران جابر العامري وغيرها من أمور قانونية، وتكمن المشكلة هنا أن الرئيس المؤقت لا يملك صلاحيات تمنحه الحق في فتح وإغلاق ملفات حساسة، فقضية رشوة حارس نجران ظهرت قبل رحيل اتحاد الكرة السابق والذي لم يتعامل بشفافية مع الكثير من الأمور، وهو الاتحاد الذي كان قاروب أحد أهم أركانه. منتخباتنا إلى أين تتجه؟؟ بغض النظر عن اختلاف الآراء حول أداء إدارة المنتخبات الوطنية وتقييم القرارات التي اتخذتها بقيادة محمد المسحل وآلية العمل، فالإدارة تقوم بجهود كبيرة لا يمكن مقابلتها بجحود، إذ يُحسب لإدارة المنتخبات أنها تبحث عن تطوير المنتخبات السنية بعد أن عانت إهمالاً في السنوات العشر الأخيرة، غير أن الواضح للمتابعين غياب التواصل بين الإدارة واتحاد الكرة، وهو ما يوحي بأن الأولى تعمل بمفردها، إذ لم يقرأ أو يسمع المتابع عن اجتماع الاتحاد بإدارة المنتخبات بعد أي إخفاق، مثل إخفاق منتخبي الناشئين الأول قبل أيام، وهو ما يعطي الفرصة أمام البعض للحديث عن أن هناك من يحاول عزل الإدارة عن الاتحاد. أيضاً لم تقدم إدارة المنتخبات خططها المالية وهل ذلك سيؤثر على ميزانية اتحاد كرة القدم الضعيفة أصلاً، إذا ما علمنا أن الإدارة تضم عدداً كبيراً من العاملين، فضلاً عن عدد عشرة أجهزة فنية وإدارية، إذ أن ضخ الأموال على هذه الفرق سيؤثر على اتحاد الكرة، وسينعكس بالسلب على الأندية، وهنا لا يمكن أن يتوقع أحد أن تظهر اللجنة أرقاماً مالية خصوصاً وأن اتحاد الكرة لم يفصح يوماً عن أي تفاصيل مالية..! وفي الوقت الذي تعاني فيه إدارة المنتخبات من عدم تقبل بعض الأندية لغيابات لاعبيها وذهابهم لمشاركة المنتخبات، كما حدث بين المنتخب الأولمبي وإدارة الاتحاد في الموسم الماضي، إلا أن اتحاد كرة القدم لم يظهر أي حزم أمام هذه التصرفات، ما يشكل أحد العوائق أمام هذه الإدارة. وعلى كل حال، فالمنتخب السعودي الأول، والذي أُعلن عن البدء في تكوينه بعد كارثة أستراليا الأخيرة، قد لا يأتي بجديد طالما لم تعمل إدارة المنتخبات بجميع أطقمها على تغيير مفاهيم كرة القدم واللعب لدى اللاعبين وهو ما لا يمكن فعله مع المنتخب الأول في المستقبل المنظور، ما يزيد المطالبة بالعمل على تطوير فكر لاعبي المنتخبات السنية والتركيز عليها، إذ أظهرت بطولة كأس العرب الأخيرة أن إدارة المنتخبات أمام عمل شاق ومضن في سبيل إعادة توهج لا نظن أنه سيعود قريباً. أندية قوية دون مرجعية! أثبتت الأحداث في المواسم الأخيرة ضعف اتحاد كرة القدم أمام الأندية، فالاتحاد السابق، تعامل بضعف مع العديد من المواضيع التي كان آخرها السماح للأندية بالتسجيل في فترة الانتقالات الشتوية دون الالتزام بسداد حقوق لاعبيها بقرار استفادت منه أندية معينة، وهو ضعفٌ مرده إلى الأخطاء التي ارتكبها الاتحاد في مسألة حقوق الأندية عن النقل التلفزيوني. بدا صوت الأندية أقوى من خلال سيطرتها على كل ما يطرح الإعلام وتعالي أصوات منسوبيها، بالتزامن مع انحدار في بعض مستويات الطرح الإعلامي لكن هذه الأندية ظلت تبحث عن مرجعية قوية تلجأ إليها، ففرق دوري "زين" عانت وتعاني من رابطة هيئة دوري المحترفين الذي لم تسهم في حل المشاكل المالية للأندية، وفشلت فشلاً ذريعاً في تسويق الأندية أمام القطاع الخاص والمساهمة في توقيع الأندية لعقود استثمارية، فضلاً عن عدم وقوفها بصف الأندية عند مطالبة الأندية بحقوقها من النقل التلفزيوني عن الموسم قبل الماضي والتي لم تصرف بعد، وبالتالي فاللجنة التي لا تملك الصلاحيات لن تتمكن من فرض شخصيتها أمام هذه الأندية. أخيراً.. لا تزال الأمور غير واضحة على جميع الأصعدة، ولا يبدو أن ثمة مساحة للفرح ستظهر من جديد في المدرجات السعودية، فالواضح أن الأمور معقدة للغاية، واستمرار الأوضاع في الكرة السعودية بهذا الشكل ينذر بالمزيد من الكوارث، ما لم يكن هناك تحركات جدية للتسريع في إجراء انتخابات اتحاد الكرة وتقييم عمل إدارة المنتخبات والأندية ورابطة دوري المحترفين ومطالبة من فشل وأخفق بالاستقالة، إذ من المؤكد أن الإعلام لن يكون سبباً من أسباب الإخفاقات المقبلة والمتوقعة في ظل هذه الفوضى التي لا تتحملها اللجنة المكلفة بإدارة أعمال الاتحاد. تابع أخبار ياللاكورة ارابيا علي تويتر من خلال هذا الرابط