من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر.. كلنا خالد سعيد.. كلنا هذا المقهور المتعرى المسحول.. كلنا حمادة.. كلنا هذه الكماشة البشرية التى تحيط بالفريسة وتنتهك كرامتها فى قلب ميدان التحرير وكلنا الضحية التى ظهرت على الشاشات لتعلن أنها واقفة على الحافة بين العار والوطنية..كلنا هذا المتردد بين ستر الموضوع وخليها تيجى فى.. وبين البطولة الوهمية التى يدعيها عندما انكشف المستور.. كلنا أمنة التى وقعت فى عشق الباشمهندس الذى سلب هنادى شرفها.. كلنا دافع عن شفيق بشراسة وأيد مرسى باستماتة وكلنا عصر على نفسه ليمونة. قبل ثورة يناير بكام شهر كنت أقف على بلكونة عيادتى المطلة على الشارع الرئيسى بالمدينة أدخن سيجارتى المسببة لكل الأمراض والمؤدية حتما للموت.. الشارع مزدحم ومتلألئ وضجيج الأغانى من كل مكان.. يصمت كل شىء وتمر أمامى عربة شرطة بتمهل المفاجأة والمصيبة حبل مربوط بها ويُسحل شاب على الأسفلت وقد تعرت أجزاء من جسده المسحول.. انتابتنى حالة لا تمر بى كثيرا من عدم التصديق وكأنى فى حلم وصدمة وعدم اتخاذ قرار.. مشهد بطىء صامت مربك.. وقبلها بكام شهر وفى نفس المكان مشاجرة بين أخى الأصغر وأحد الضباط استدعانى "فاعل خير" فنزلت وتحول الشارع لمولد الكل يشجع على أخذ الحق من المفترين.. لكن نفس الشارع الآن غير مبال بأى شىء.. الكل على المقاهى يواصل التسامر ودور الدومينو ولا أحد يهتم بالمواطن المسحول.. قبل أن افيق من الصدمة جاء بعض الشباب لا يجاوزون العشرين من العمر أوقفوا عربة الشرطة سبوا الضابط وأرادوا التعدى عليه.. أمر العسكرى بحمل الشاب إلى العربة وانطلق به.. شباب أعاد لى ثقتى بهذا الشعب اللى أرادوا أن يقنعونا بموت الشعب وأن فيه كل العبر.. شباب بعدها بقليل أشعلوا ثورة يناير وجعلوا أجيالا قبلهم تشعر بالعار من كتر لعب الطاولة وتشجيع منتخب مصر وفقط.. واللى يجوز أمه يقول له يا عمى. بعد سنتين من الثورة مواطن يضرب ويسحل ويتعرى بيد الشرطة اللى غيرت عقيدتها.. مصر كلها تعرت جوه وبره.. ومن يدافعون عن النظام يقولون ماتكبروش الموضوع وتولعوا الدنيا ما فى شرطة أيضا بتضّرب..ماجاتش على حمادة.. والبرامج كلها تتحدث اللى مع واللى ضد.. مصر أصبحت تتحدث عن حمادة وليس عن نفسها، كل هذا لا يهم ولا يشغل بالى الأهم أن فيه مواطن اتسحل وفى شباب لا يتفلسف ولا يظهر فى البرامج حياخد حقه وحقنا..والثورة مستمرة.