عقب إطاحة الجيش المصري بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، في 3 يوليو الجاري تسارع المعلّقون لإعلان نهاية عصر الإسلاميين في مصر، ولكن هذه الاستنتاجات المتسرعة فشلت في مراعاة بعض الأسئلة العميقة، مثل: هل ما نشهده الآن هو بداية نهاية الأحزاب الدينية؟ أم أنه عبارة عن فشل الإسلاميين في حكم البلاد بطريقة فعّالة وشاملة؟ وما مدى الضرر الذي تسببت فيه هذه التجربة الفاشلة لجماعة الإخوان المسلمين في السلطة على الحركات الإسلامية الأخرى في مصر؟ وما الذي علمناه عن سلوك وممارسة الإسلاميين أثناء وجودهم في السلطة؟ بادئ ذي بدء، ظلت جماعة الإخوان المسلمين على قيد الحياة رغم تعرضها لعقود من الاضطهاد والسجن والنفي من قِبل الأنظمة الاستبدادية بقيادة الجيش، ومن المرجح أن تظل حية أيضا بعد الانقلاب العسكري الأخير الذي عزل "محمد مرسي" عن منصبه، وبالرغم من الجهود المكثفة لبعض العلمانيين الأقوياء -مثل الرئيس المصري الراحل "جمال عبدالناصر"- على مدى الستة عقود الماضية لإضعاف وعزل هذه الجماعة الدينية المنافسة للعلمانية، إلا أن التشابك والتماسك والولاء التام داخل جماعة الإخوان المسلمين قد مكنها من الصمود في وجه الانقضاض الوحشي عليهم من قِبل السلطات العلمانية، وأيضا مكنها من نمو الجماعة وتطورها. ومن خلال حواراتي التي أجريتها مع الإسلاميين خلال ال20 عاما الماضية في مصر وغيرها من الدول، اتضح لي أن الناشطين الدينيين يؤمنون بفكرة النصر الإلهي للجماعة، كما أنهم على استعداد أن يتحملوا التضحية والمصاعب للوصول إلى الغاية المنشودة، وأما عقود الظلم التي صنفوا المجتمع المحيط بهم على أنه معادٍ جوهري لقضيتهم، وسوف يعزز الانقلاب العسكري على "محمد مرسي"، فالحصار العقلي للإخوان المسلمين بأنها جماعة محظورة قد ترك جروحا عميقة في نفس وتفكير الجماعة، وبالتالي ينظر المنتمون للإخوان المسلمين وإحساس التعرض للظلم لدى أتباع ومؤيدي جماعة الإخوان المسلمين. ونظرا لأن جماعة الإخوان المسلمين في مصر تأسست كمنظمة إسلامية مركزية عام 1928، فإن فشل التجربة الأولى للجماعة في السلطة من المرجح أن تكون وصمة عار على مكانة وصورة أفرع الجماعة وشركائها في الأيديولوجية في فلسطين والأردن وسوريا وتونس والمغرب، حيث إن حماس تعاني بالفعل من موجة العنف في القاهرة، ويشعر الإخوان المسلمون في الأردن بالتوتر السياسي والضغط داخل بلدهم، ويعاني إسلاميو سوريا من الاضطراب ويخافون من أن حالة المد والجزر في مصر قد تلقي بظلالها عليهم، وتشعر المعارضة التونسية ذات الميول الليبرالية بالقوة والنشاط وتخطط للوقوف في وجه حزب النهضة، حتى إن حزب العدالة والتنمية المعتدل وحركة جولن في تركيا تشاهدا التطورات المنكشفة في مصر المجاورة بقلق واضطراب، ورغم ذلك كله، من الحماقة أن نكتب نعيا مسبقا لجماعة الإخوان المسلمين في مصر. نقلا عن مجلة فورين بوليسى الأمريكية