المركب والحصان والكعبة وشخص يرتدي ملابس الإحرام وهو يقف رافعًا يديه إلى الله للغفران والرحمة، «حج مبرور وذنب مغفور...ذنب مغفور وسعي مشكور» هذه الرسومات والعبارات التي ظلت على مدار سنوات تزين بيوت الحجاج في قرى مراكز محافظة قنا، ونسج ألوانها أبناء الوطن الواحد، حيث يزين هذه البيوت المسيحيون قبل المسلمين، ويتبارزون فيما بينهم حتى في كتابة الآيات القرآنية. رسوم الحجاج خليط بين أبناء نسيج الوطن بقنا قال منصور أحمد الطيب، أحد أبناء مركز نقادة، إن الأهالي هنا كانوا يستخدمون الألوان المختلفة لتزيين بيوت الحجاج وذلك أثناء سفرهم إلى الأراضي المقدسة، منوهًا إلى أن الرسامين كانوا يتشاركون فيها دون تفرقة فالمسلمون والمسيحيون هنا سواء، وكان الفنانون المسيحيون ماهرين حيث كانوا يتفنون في الرسم وكتابة الآيات القرآنية. وِأشار سيد الضوي محمد، أحد أبناء مركز قوص، إلى أن بعض القرى لا تزال تحتفظ بهذه العادات والتقاليد وإحضار رسام لتزيين المنزل وعند عودة الحجيج يستقبلونه بالطبل والمزمار البلدي، مضيفًا أن هذه الرسوم يقوم بها متخصصون في الرسم وفنانون مهرة ولا يختلف في هذا الأمر إذا كان القائم بالرسم مسلما أو مسيحيا. «ظهور التيارات الدينية المتطرفة جعل الفنانين المسيحيين يقلعون عن رسوم الحج» بتلك الكلمات أكد محمود على طالب، على أن مدينة نقادة وقراها من المدن الأكثر تسامحًا بين نسيج الوطن، وكان هناك أحد الفنانين المسيحيين المتخصص في التزيين والنقش وكتابة الآيات القرآنية وظل هذا الشخص يقوم بهذا العمل حتى ثورة 25 يناير وظهور التيارات الدينية المختلفة التي جعلته يفكر في الاعتزال والبعد عن هذه الحرفة خوفًا من تلك التيارات، وعلى الرغم من أن هذه الحرفة كان يتقنها الفنانون المسيحيون بشكل يفوق الوصف، وكانت من العلامات المميزة بالنسبة لبيوت الصعايدة وعادات متوارثة من قديم الأزمنة. وأشار أبو الحسن محمود السيد، أحد أبناء قوص، إلى أننا هنا لا نعرف التفريق بين مسلم ومسيحي، والفوانيس صناعة مسيحية والرسوم على بيوت الحجيج من قبل رسامين مسيحيين، ولم يحدث أن حدث أي خلاف في هذا الأمر ولكن بعد ثورة يناير كثير من التيارات ظهرت في هذا الوقت مما جعل الكثير منهم يبتعد عن المهنة، ونأمل أن يعودوا إلى تلك الحرفة مرة أخرى.