سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بطرس غالى: لابد من وسيط لحل أزمة المياه مع دول حوض النيل.. حل المشاكل بأسلوب المواجهات "فاشل".. ولا سبيل إلا بالتفاوض والطرق الدبلوماسية.. والزيارات السريعة لإفريقيا لن تحل مشكلات مصر
اقترح الدكتور بطرس بطرس غالى، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة ووزير الدولة للشئون الخارجية سابقا، أن يكون هناك وسيط بين مصر وبعض الدول الإفريقية ولا سيما إثيوبيا من أجل المساعدة على الأقل للتوصل إلى حلول مشتركة تحقق المنفعة المتبادلة وترضى الأطراف المختلفة. وأوضح غالى فى تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط أنه يتصور أنه قد يكون الوسيط دولة ما تلعب دورا مهما فى إفريقيا أو منظمة دولية كالأمم المتحدة أو مجموعة دول وأنه من المهم بشدة أن يتم إقناع هذا الوسيط بأنه يقوم بمهمة له فيها مصلحة فى ذلك حتى يستطيع أن يقوم بدوره ومهمته. وشدد غالى على أنه لا يجب حل المشاكل والأزمات من خلال أسلوب المواجهات كما ليس من المصلحة الإضرار بمصلحة أى طرف فى مياه النيل أو تعزيز المصالح مع دولة على حساب دول إفريقية أخرى، هذا الأمر سوف يسبب ضررا كبيرا لمصر على مستوى القارة الإفريقية. وقال إنه يؤمن أنه بالتفاوض والاتصالات الدبلوماسية وبمزيد من العمل وليس بالمواجهة يمكن أن نحل المشاكل بروح جديدة تكفل المنفعة المتبادلة والمشتركة فى إطار عالم متغير بل سريع التطور والتغير فى كل ساعة. ونصح غالى بأن أسلوب الزيارات السريعة لإفريقيا لن يحل مشكلات مصر فى حصتها لمياه النيل، وأنه لابد من إحداث دفعة قوية من خلال مساعدة هذا الوسيط المرتقب فى حالة الاتفاق على وجوده ومهمته بين الأطراف المعنية وذلك لكى نتغلب على الأزمة الحاضرة وأنه لابد من إيجاد أفكار جديدة وخلاقة. وأشار إلى أنه من بين الأفكار مشروعات قامت مصر بطرحها فى فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، وهى مشروعات متكاملة للربط الكهربائى بين الدول الإفريقية من خلال إنتاج الكهرباء من المساقط المائية الكبرى فى عدد من الأنهار الكبرى فى القارة الإفريقية وأيضا مشروعات لربط الطرق فى إفريقيا من خلال طريق برى من القاهرة إلى السودان وحتى كيب تاون فى إفريقيا، وأشار إلى أنه من الأفكار إقامة مشروعات مشتركة بالتعاون مع دول آسيوية توجه إنتاجها إلى الأسواق الإفريقية وهى سوق استهلاكى كبير. ودعا إلى ضرورة التفكير فى وسائل وأدوار يمكن بها أن نتغلب على ضعف الإمكانيات المالية المحدودة لدينا وأيضا من خلال الاستعانة بالخبراء المصريين المتخصصين فى مجالات الطب والهندسة والعلوم فى أوربا وأمريكا وتوجيههم فى مهمات قصيرة لإفريقيا لتقديم خبراتهم للشعوب هناك. ونوه غالى إلى أن كل مثل هذه المشروعات والأفكار تحتاج إلى وسيط قد يساعدنا فيها وتكون له منفعة ومصلحة فى ذلك. ونصح غالى بأن الدبلوماسية المصرية تستطيع أن تلعب دورا فى تعبئة الرأى العام وبالتعاون مع الوزارات الأخرى المعنية مثل الرى والزراعة والثقافة والتعليم لإعادة إحياء الاهتمام الخاص بإفريقيا وأن مصر جزء من إفريقيا ومشاكلها هى مشاكل مصر، وأنه لا انفصال عن إفريقيا. وقال إن التعامل مع إفريقيا لابد وأن يستلزمه قدرة عالية على معرفة كل شىء بالتفصيل عن إفريقيا وشعوبها وعاداتها وضرورة أن تشعر مصر الشعوب الإفريقية بأنها دولة إفريقية، وهذا أيضا يجب أن يكون فى وعى الشعب المصرى الذى يرى أن نهر النيل هو نهر مصرى وليس نهرا إقليميا تشارك فيه دول إفريقية أخرى شقيقة وصديقة. وأعاد غالى ضرورة أن ننفتح على الخارج ولا ننغلق وأن تكون قدرتنا ممركزة على مواجهة حل المشاكل فى وقت واحد، مشاكل اليوم ومشاكل الغد القريبة وليس التفرغ لقضية واحدة مثلما حدث فى الماضى، حيث كانت القضية الفلسطينية هى جوهر الاهتمام وواضح أننا تراجعنا عن إفريقيا وصحيح أن القضية الفلسطينية مهمة فى قلب الشعب المصرى، ولكنها لا يجب أن تكون على حساب قضايا أخرى مصيرية مثل قضية مياه النيل التى أصبحت قضية ملحة بسبب الانفجار السكانى الذى أصبحنا نعانى منه بشدة وكذلك تعانى منه الدول الإفريقية.