قال الدكتور حازم الكريتي، الباحث الأثري، مفتش آثار بمنطقة سقارة، إن العالم يحتفل كل عام في 21 مارس بعيد الأم التي لها مكانة مقدسة عند قدماء المصريين منذ بداية الأسرات، فهي التي ولدت آلهة الخصب والخير والبركة، فخلدوها في آثار معابدهم. وأكد الكريتي، أن قدماء المصريين أول من احتفل بعيد الأم كعيد مقدس ابتداءً من الدولة القديمة، واستمر حتى أواخر عهد البطالمة وورد ذكر عيد الأم والنص عليه في أكثر من بردية من برديات كتب الموتى، خاصة كتابي آبي ونبستي، ووجد ضمن مقابر الدولة الحديثة كثير من البرديات التي حوت نماذج من النصوص التقليدية للأم في عيدها. وأوضح الكريتي، أن المصريين القدماء اختاروا لعيد الأم آخر شهور فيضان النيل عندما تكون الأرض الخصبة معدّة لبذر البذور- أو بذور الحياة التي تبعث الحياة في الأرض- وهو شهر هاتور في التقويم المصري القديم، وهاتور أو حتحور تعبر عن ربة الجمال ومعنى "حت- حور" مرضعة الإله "حور"، لذلك شبهوا الأم بنهر النيل الذي يهب الحياة والخصب والخير. من جانبه أكد الدكتور حازم الكريتي، الباحث الأثري، ومفتش آثار منطقة سقارة " أنه مع كل ضربة فأس في أرض مصر يخرج لنا سطر جديد من تاريخنا المجيد ليحدثنا عن أمجاد أجدادنا الذين أبهروا العالم أجمع. وأضاف الكريتي: في مصر القديمة مارست الأم الدور الطبيعي وبذلت كل الجهد لتهيئ المناخ المناسب لأولادها لتحيى حياة سعيدة هانئة ثم جعلت من الأسرة نسيجا قويا ومتماسكا ومن هذا المناخ هيأت المجتمع لإنجاز الحضارة الباقية حتى الآن. وأشار إلى أن المصريون القدماء اعتبروا تمثال إيزيس التي تحمل إبنها حورس وترضعه رمزا لعيد الأم فيضعونه في غرفة الأم ويحيطونه بالزهور والقرابين ويضعون حوله الهدايا المقدمة للأم في عيدها الذي يبدأ الاحتفال به مع شروق الشمس التي يعتبرون نورها وأشعتها رسالة من إله السماء للمشاركة في تهنئتها وقد أعدت الكثير من الأغاني والأناشيد لينشدها الأطفال في عيد الأم في مصر الفرعونية ومن بين البرديات التي تثبت اهتمام قدماء المصريين بإحياء عيد الأم إحدى برديات تل العمارنة التي وجدت على شكل رسالة كتبها طفل لأمه في عيد الأم قائلا: اليوم عيدك يا أماه :دخلت أشعة الشمس من النافذة لتقبل جبينك وتباركك في يوم عيدك، واستيقظت طيور الحديقة مبكرة لتغرد لك في عيدك، تفتحت زهور اللوتس في البحيرة لتحييكي الفراش يرقص فرحًا متنقلا بين الزهور مهنئا بعيدك. اليوم عيدك يا أماه، فلا تنسى أن تدعي لي في صلاتك للرب، فقد قال آمون "إن دعاء الأبناء لا يصل إلى آذان السماء إلا إذا خرج من فم الأمهات"، اليوم عيدك يا أماه إنه فرح السماء الذي تفرح فيه الربة إيزيس وهي تشاركك أفراحك"، كما حوت برديات الحكماء في مصر القديمة الكثير من الحكم والأقوال التي تمجد الأم في عيدها وتقدم النصائح للأبناء بطاعة الأم فيقول الحكيم سنب حتب: "ضاعف لها العطاء فقد أعطتك كل حنانها واحملها في شيخوختها فقد حملتك في طفولتك، إذكرها دائمًا في صلواتك ودعواتك للإله الأعظم، فكلما تذكرتها بذلك ترضى الإله وإذا نسيتها... نسيك فلا تجده عندما تحتاج إليه".