ماذا قال أنتوني بلينكن لوزير الدفاع الإسرائيلي بشأن فلسطين؟    بعد بيلوسوف.. أبرز تغييرات بوتين في القيادة العسكرية الروسية    من بينهم مصطفى عسل، رجال مصر يتألقون ببطولة العالم للإسكواش    طقس اليوم الإثنين.. الأرصاد: رياح وأمطار على هذه المناطق    اليوم، محاكمة 57 متهما بقضية اللجان النوعية للإخوان    البيضاء تواصل انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الإثنين 13 مايو في البورصة والأسواق    بالصور.. نائب القاهرة للمنطقة الجنوبية تكشف تفاصيل تطوير مسجد السيدة زينب    استعداد المستثمرين لدعم رؤية الحكومة في زيادة أعداد السياح وتحفيز القطاع السياحي    10 معلومات عن السيارات الكهربائية.. مقرر طرحها للاستخدام خلال ساعات    بعد تعيينها بقرار جمهوري.. تفاصيل توجيهات رئيس جامعة القاهرة لعميدة التمريض    أزهري يرد على تصريحات إسلام بحيري: أي دين يتحدثون عنه؟    وكيل «خارجية الشيوخ»: مصر داعية للسلام وعنصر متوازن في النزاعات الإقليمية    وزير التعليم: هناك آلية لدى الوزارة لتعيين المعلمين الجدد    قرار عاجل من اتحاد الكرة بسبب أزمة الشحات والشيبي    «اللاعبين كانوا مخضوضين».. أول تعليق من حسين لبيب على خسارة الزمالك أمام نهضة بركان    تدريبات خاصة للاعبي الزمالك البدلاء والمستبعدين أمام نهضة بركان    خطأين للحكم.. أول تعليق من «كاف» على ركلة جزاء نهضة بركان أمام الزمالك    مفاجأة.. نجم الزمالك يكشف مكسب الفريق في مباراة نهضة بركان    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 13 مايو بعد انخفاضه في 7 بنوك    زيادة جديدة.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 13 مايو 2024 في المصانع والأسواق    حدث ليلا| زيادة كبيرة في أراضي الاستصلاح الزراعي.. وتشغيل مترو جامعة القاهرة قبل افتتاحه    تشديد عاجل من "التعليم" بشأن امتحانات الشهادة الإعدادية (تفاصيل)    مرتديا النقاب.. سيدة تستعين بشاب للشروع لضرب صاحب سوبر ماركت في الوراق    مدحت العدل: أنا مش محتكر نيللي كريم أو يسرا    افتتاح مسجد السيدة زينب.. لحظة تاريخية تجسد التراث الديني والثقافي في مصر    لا أستطيع الوفاء بالنذر.. ماذا أفعل؟.. الإفتاء توضح الكفارة    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك أن تستجيب دعواتنا وتحقق رغباتنا وتقضي حوائجنا    «من حقك تعرف».. هل المطلقة لها الحق في نفقة العدة قبل الدخول بها؟    منها تخفيف الغازات والانتفاخ.. فوائد مذهلة لمضغ القرنفل (تعرف عليها)    سر قرمشة ولون السمك الذهبي.. «هتعمليه زي المحلات»    «الإفتاء» تستعد لإعلان موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات قريبًا    العدو يحرق جباليا بالتزامن مع اجتياج رفح .. وتصد بعمليات نوعية للمقاومة    أمير عزمي: نهضة بركان سيلجأ للدفاع بقوة أمام الزمالك في الإياب    سيرين خاص: مسلسل "مليحة" أظهر معاناة الشعب الفلسطيني والدعم المصري الكبير للقضية    مسلسل لعبة حب الحلقة 24، فريدة تعلن انتهاء اتفاقها مع سما    قصواء الخلالي تدق ناقوس الخطر: ملف اللاجئين أصبح قضية وطن    استثمار الذكاء الاصطناعي.. تحول العالم نحو المستقبل    كاميرون: نشر القوات البريطانية في غزة من أجل توزيع المساعدات ليس خطوة جيدة    المصريين الأحرار يُشيد بموقف مصر الداعم للشعب الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية    روسيا: إسقاط 14 صاروخا من طراز "أولخا" و"فامبير" فوق بيلجورود    رئيس الوزراء الإسباني يشيد بفوز الإشتراكيين في إنتخابات كتالونيا    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد مستشفى الحميات وتوجِّة باستكمال العيادات (صور)    مستقبل وطن بأشمون يكرم العمال في عيدهم | صور    طلاب آداب القاهرة يناقشون كتاب «سيمفونية الحجارة» ضمن مشروعات التخرج    أربع سيدات يطلقن أعيرة نارية على أفراد أسرة بقنا    رئيس مجلس الأعمال المصري الماليزي: مصر بها فرص واعدة للاستثمار    الكشف على 1328 شخصاً في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    وقوع حادث تصادم بين سيارتين ملاكي وأخرى ربع نقل بميدان الحصري في 6 أكتوبر    نقابة الصحفيين: قرار منع تصوير الجنازات مخالف للدستور.. والشخصية العامة ملك للمجتمع    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    وزيرة الهجرة تبحث استعدادات المؤتمرالخامس للمصريين بالخارج    حظك اليوم برج العذراء الاثنين 13-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. لا تعاند رئيسك    عمرو أديب يعلن مناظرة بين إسلام البحيري وعبدالله رشدي (فيديو)    رئيس جامعة المنوفية يعقد لقاءً مفتوحاً مع أعضاء هيئة التدريس    الأعلى للصوفية: اهتمام الرئيس بمساجد آل البيت رسالة بأن مصر دولة وسطية    أمين الفتوى: سيطرة الأم على بنتها يؤثر على الثقة والمحبة بينهما    منها إطلاق مبادرة المدرب الوطني.. أجندة مزدحمة على طاولة «رياضة الشيوخ» اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير مبارك للشاذلى ينهى الجدل حول الحرب.. تعليمات وزير الطيران المدنى ل «مصر للطيران» كادت تفسد خطة الهجوم على العدو الإسرائيلى
نشر في فيتو يوم 03 - 05 - 2013

لفترة طويلة ظل الإسرائيليون‮ ‬يعيشون فى أحلام التفوق العسكرى،‮ ‬خاصة التفوق الجوى، ليس على مصر وحدها، بل على الدول العربية مجتمعة، ولم‮ ‬يكن شاغلهم الأول هو احتمال تعرضهم لحرب هجومية لم‮ ‬يتعرضوا لها من قبل،‮ ‬وإنما كان انشغالهم بأمور أخرى أهمها استقدام مهاجرين جدد،‮ ‬خاصة‮ ‬يهود الاتحاد السوفييتي،‮ ‬بالاضافة إلى الانتخابات البرلمانية المقررة فى نهاية أكتوبر‮ عام 3791.‬فى ظهر الإثنين أول أكتوبر1973 هبطت طائرة إسرائيلية فى مطار فيينا ، وخرج منها الوزير الإسرائيلي‮ »‬يزرائيل جاليلي‮« ‬يحمل تقريرا عاجلا إلى رئيسة الوزراء‮ »‬جولدا مائير‮« ‬حول الموقف العسكرى على الجبهة السورية،‮ ‬وكانت وقتها فى زيارة مهمة للنمسا، وقابلها الوزير جاليلى على الفور ، وقال لها انه اجتمع مع «موشى ديان» وبحث معه ضرورة مناقشة الموقف فى الجولان معها ، دون أن ينتظرا عودتها إلى إسرائيل رغم أنه من المتوقع عودتها خلال ‮84‬ ساعة‮.‬
الهدف من هذا الاجتماع العاجل والتقرير الذى يحمله الوزير جاليلى ، كان إقناع رئيسة الوزراء بمناقشة فكرة استدعاء الاحتياط ، وكانت هى فى قرارة نفسها تعارض الفكرة من أساسها ، دون أن ترفض المناقشة،‮ ‬فقد كانت مشغولة بتوقف النمسا عن استقبال المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفيتى وترحيلهم إلى إسرائيل،‮ ‬بعد أن أصدر المستشار النمساوى الدكتور‮ »‬برونو كريسكي‮« ‬قرارا بإغلاق مركز استقبال المهاجرين اليهود القادمين بالقطار من الاتحاد السوفيتى والمقام فى قلعة‮ »‬شنو‮« ‬قرب فيينا ، والتى ينتقل منها المهاجرون اليهود بالأتوبيسات إلى المطار ليستقلوا طائرات شركة‮ »‬العال‮« ‬إلى إسرائيل‮.‬
اجتماع «مائير»
وجاء توقيت هذا القرار فى فترة تستعد فيها جولدا مائير وحزبها لخوض معركة انتخابية صعبة من المقرر إجراؤها فى إسرائيل يوم الأحد 28 أكتوبر 73 ، وكان الرأى العام فى إسرائيل منشغلا منذ بداية شهر أكتوبر بالحملات الانتخابية والدعايات الحزبية،‮ ‬وفشل رئيسة الوزراء فى دفع النمسا إلى التراجع عن قرارها سيكون له تأثيره على موقفها فى الانتخابات‮.‬
ورغم أن الوزير الإسرائيلى لجأ إلى المبالغة فى تصوير الموقف ليبرر سفره إلى فيينا وعرض التقرير على رئيسة الوزراء فإن جولدا مائير لم تتحمس لمناقشة التقرير معه،‮ ‬وقالت انها ستفعل ذلك فور وصولها إلى تل أبيب فى الثلاثاء الثانى من أكتوبر،‮ ‬لكن الاجتماع انعقد صباح الأربعاء ‮3‬ أكتوبر دون أن يخطر على بال أحد من المجتمعين أن هذا هو اليوم‮ (‬ى ‮3‬) أى قبل الحرب بحوالى 70 ساعة‮.‬
لكن «مائير» وجدت عند هبوط طائرتها فى مطار بن جوريون قادمة من فيينا تقريراً‮ ‬يتضمن تفاصيل المعلومات التى سبق إبلاغها بها خلال زيارتها للنمسا بواسطة الوزير‮ »‬يزرائيل جاليلي‮«.‬
وحضر اجتماع الأربعاء وزير الدفاع‮ »‬موشى ديان‮« ‬والجنرال‮ »‬ديفيد إليعازر‮« ‬رئيس أركان القوات الإسرائيلية الشهير بلقب‮ »‬دادو‮« ‬، ويزرائيل جاليلى وزير الدولة ومستشار رئيسة الوزراء ، والجنرال‮ »‬إلى زائيرا‮« ‬مدير المخابرات الحربية‮ (‬لوكادرا‮) ‬
بدأ رئيس الأركان ديفيد إليعازر بقوله ان الموقف على الجبهتين المصرية والسورية لا يمثل خطورة ، وأنه من المستبعد وقوع هجوم مصرى سورى مشترك،‮ ‬وإن قيام السوريين بحشد قوات إضافية على الجبهة قد بدأ منذ المعركة الجوية التى جرت فى سماء سوريا يوم الخميس ‮31‬ سبتمبر1973 وأسفرت عن سقوط ‮21‬ طائرة سورية طراز‮ »‬ميج‮« ‬، فى حين فقدت إسرائيل طائرة واحدة من طراز‮ »‬ميراج ،لكنهم لن يتمكنوا من شن هجوم منفرد‮. ‬
اليعازر تحدث عن الجبهة المصرية ، بقوله أنها تشهد حلقة من تحركاتها المستمرة طول العام ، وهى تقوم بمناوراتها السنوية التى تشمل نقل قوات مختلفة من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق‮.. ‬وبالعكس،‮ ‬منهيا كلامه باستبعاد فكرة استدعاء قوات الاحتياط ‮.‬
فيما تحدثت جولدا مائير عن تجاربها السابقة مع المصريين ، وقالت إنها لا تريد أن تكرر تجربة شهر مايو الماضى عندما سجل الاستطلاع الإسرائيلى تحركات مصرية واسعة وتم رصد العديد من معدات العبور والكبارى المحمولة وهى تنقل من العمق إلى الجبهة المصرية،‮ ‬بالإضافة إلى معلومات وثيقة عن تحرك معدات العبور على الطريق القريب من مطار القاهرة فى اتجاه السويس ، والتى شاهدها أحد الملحقين العسكريين فى القاهرة وأبلغ‮ ‬بها إسرائيل،‮ ‬ويومها قالت أجهزة المخابرات إن هذا لا يعنى شيئا وأن الحرب لن تندلع وأن المصريين‮ ‬غير قادرين على عبور القناة لا الآن ولا مستقبلاً ،‮ ‬ورغم ذلك فقد قررنا يومها أن نأخذ الأمر بجدية،‮ ‬وانتقلت بنفسى مع حاييم بارليف وزير الصناعة إلى المركز الرئيسى للمخابرات العسكرية لنناقش تفاصيل الموقف مع القادة ، والاستعداد للتعبئة،‮ ‬ولكن شيئاً‮ ‬لم يحدث،‮ ‬وما نراه الآن على الجبهة المصرية أقل مما تم رصده فى مايو .
مائير أنهت حديثها بطلب مواصلة مناقشة الأمر فى الاجتماع المعتاد لمجلس الوزراء الإسرائيلى والمقرر بعد ثلاثة أيام أى يوم الأحد ‮7‬ أكتوبر عقب إجازة عيد كابور ، وقالت انه يمكن يومها بحث الموقف بكل أبعاده وتطوراته اللاحقة‮.‬
وبينما كان المجتمعون يغادرون مكتب رئيسة وزراء إسرائيل كانت أحداث اليوم‮ (‬ى ‮3‬) تتلاحق داخل مراكز القيادة والسيطرة على الجبهة المصرية مع اتمام الحشد على محاور الجيشين الميدانيين الثانى والثالث‮.‬
ورغم المعلومات التى تجمعت لدى إسرائيل عن الحشد السورى والتحركات المصرية،‮ ‬فإنها لم تكن تعرف شيئا عن استعدادات الطيران المصرى الذى سيشن هجومه الجوى على المواقع المحددة للضربة الجوية‮.‬
ويومها رفع حسنى مبارك الى القيادة العامة ورئيس أركان القوات المسلحة الفريق سعد الشاذلى تقريرا مفصلا‮ ‬يتضمن معلومات وبيانات بالغة الأهمية ، وتتلخص فى ان القوات الجوية تتوفر لها الآن امكانيات فنية وقتالية تفوق ما كان من قبل،‮ ‬ومنها وجود طائرات الاعاقة والتشويش التى تم التدريب على استخدامها بكفاءة بالغة‮.‬
رغبة سورية
ولم تكن اسرائيل على علم بذلك،‮ ‬كما انها لم تصل الى أي معلومات عن وصول الفريق‮ «‬أحمد إسماعيل‮» ‬وزير الحربية المصرى واللواء‮ «‬بهى الدين نوفل» رئيس أركان القيادة المصرية السورية الاتحادية إلى دمشق ، للاجتماع مع وزير الدفاع السورى اللواء‮ «‬مصطفى طلاس‮».‬
وسر هذا الاجتماع يرجع إلى رغبة القيادة السورية تأخير يوم المعركة لمدة‮ (84) ساعة لاستكمال الحشد وتهيئة الجبهة الداخلية للحرب،‮ ‬والانتهاء من تفريغ‮ ‬صهاريج البترول فى مصفاة التكرير بمدينة حمص‮. ‬‬
وأسفرت المناقشة عن بقاء اليوم‮ (‬ي‮) ‬كما هو السبت السادس من أكتوبر باعتباره أنسب الأيام لتحقيق المفاجأة واستغلال إجازة يوم الغفران‮ (‬عيد كيبور‮) ‬عند اليهود،‮ ‬بالإضافة إلى أن الحرب كانت قد بدأت فعلاً‮ ‬بالنسبة لبعض الوحدات المصرية ومنها الغواصات والقطع البحرية التي‮ ‬غادرت قواعدها ، مع فرض الصمت اللاسلكى عليها واستحالة الاتصال بها‮.‬
وعاد وزير الحربية المصرى إلى القاهرة ليجد مفاجأة فى انتظاره ،‮ ‬لقد تبين أن شركة‮ «‬مصر للطيران‮» ‬قامت بإلغاء رحلاتها الجوية ، وبدأت فى تنفيذ إخلاء طائراتها من مطار القاهرة كما أصدرت تعليمات لطائراتها فى الخارج بالمبيت فى المطارات الأجنبية بعد أن استشعر وزير الطيران المدنى وجود استعدادات للعبور ، وتوقع نشوب الحرب مع آخر ضوء وقيام إسرائيل بضرب المطارات المصرية مع أول ضوء،‮ ‬واستصوب حماية طائراته من التدمير‮. ‬وجرى اتصال عاجل مع وزير الطيران وتم تدارك الموقف وإلغاء هذه التعليمات وعادت حركة الطائرات إلى حالتها الطبيعية بعد خمس ساعات دون أن تتنبه إسرائيل إلى الأمر الذى كان يبدو وكأنه مجرد ارتباك فى جداول الطيران‮.‬
غير أن هناك أحداثا أخرى وقعت جعلت الأجهزة الإسرائيلية تستشعر بجدية وجود خطر حقيقى ، لقد تلقت مصر طلباً‮ ‬عاجلاً‮ ‬من السفير السوفييتى فى القاهرة بسحب المستشارين المدنيين وأسرهم وإعادتهم إلى بلادهم،‮ ‬كما تلقت سوريا طلبا مماثلا من محيى الدينوف السفير السوفييتى فى دمشق ، ولم يكن ممكنا رفض مثل هذا الطلب رغم أنه قوبل باستياء بالغ ، وفى اليوم التالى وصلت بالفعل ست طائرات‮ ‬ركاب من شركة‮ «‬إيروفلوت‮» ‬السوفييتية إلى مصر لتنقل المستشارين وأسرهم إلى بلادهم،‮ ‬كما وصلت خمس طائرات من نفس الشركة إلى سوريا‮.. ‬وعرف العدو الإسرائيلى بذلك‮. ‬ونتيجة لهذا استطاع أن يكسر حلقات الخداع مستشعراً‮ ‬الخطر لأول مرة بصورة جدية.
ومن هنا بدأ العدو يتابع بقلق مايجرى على الجبهة المصرية ، وبدأت آثار الخداع تزول تدريجياً ، لكنه لم يتوقع ساعة الحرب وبقيت لغزاً‮ ‬بالنسبة له ‮.‬
وبينما كانت رئيسة الوزراء جولدا مائير تستعد لمغادرة مكتبها بعد ظهر الجمعة ‮5‬ أكتوبر لقضاء إجازة العيد بمنزلها في‮ «‬برامات أفيف» ، قبل عودتها إلى القدس صباح الأحد ، لترأس اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي،‮ ‬تلقت تقريرا عاجلاً‮ ‬جاء فيه أن طائرات ركاب سوفييتية وصلت إلى دمشق وأنها تقف فى انتظار عائلات الخبراء السوفييت فى سوريا لنقلهم إلى موسكو،‮ ‬وأن أفراد العائلات السوفييتية قاموا بحزم أمتعتهم على عجل استعداداً‮ ‬للرحيل‮.‬
تحركات إسرائيلية
وأجرت «مائير» ثلاثة اتصالات تليفونية ، بوزير دفاعها موشى ديان ورئيس الأركان ديفيد إليعازر ومدير الاستخبارات‮ »‬إلى زئيرا‮«‬،‮ ‬وكان سؤالها إلى كل منهم يدور حول مدلول هذا التقرير‮. ‬لكن أحدا لم يجزم بأن هجوماً‮ ‬سورياً‮ ‬يمكن أن يقع على الفور ، وأن ترحيل أسر الخبراء السوفييت يمكن أن يسبق أية عمليات عسكرية بأيام أو بأسابيع‮. ‬
فاستبعد إليعازر قيام سوريا بعمل عسكرى منفرد ، وأكد أيضاً‮ ‬أن ما يجرى على الجبهة المصرية تكرار لما سبق على مدى شهور طويلة كان آخرها شهر مايو‮.‬
ورغم ذلك اتفقوا جميعاً‮ ‬على عقد اجتماع فى المساء وتأجيل برامجهم السابقة المعدة ل«يوم كيبور»، وقررت رئيسة الوزراء أن يكون الاجتماع موسعاً‮ ‬وأن يحضره كل الوزراء،‮ ‬واكتمل الاجتماع فى السابعة والنصف مساءً‮ ‬بمكتب رئيسة الوزراء فى تل أبيب،‮ ‬وحضره معهم الجنرال إليعازر‮ «رئيس الأركان‮« ‬والجنرال زائيرا‮ »‬مدير الاستخبارات‮«‬،‮ ‬وتحدثت إليهم رئيسة الوزراء معبرة عن شعورها بالقلق بسبب ما يتردد فى أجهزة الإعلام والصحف العربية حول رفض إسرائيل للسلام الذى يتطلع إليه العرب وإظهارها فى صورة الذى يستعد للحرب من جديد‮. ‬أما المصدر الثانى للقلق فيرجع إلى المعلومات المؤكدة عن خروج أسر الخبراء السوفييت من سوريا على وجه الاستعجال ، وتولى التعقيب على هذا الكلام حاييم بارليف وزير الصناعة والخبير العسكرى المتخصص فى شئون الدفاع وصاحب فكرة الخط الدفاعى الحصين شرق القناة المعروف باسمه ، وقال ان الأمر لن يستوجب توجيه ضربة وقائية ولا استدعاء الاحتياط الآن،‮ ‬لكن ذلك لا يمنع من إلغاء الإجازات ورفع حالة الاستعداد خاصة فى أجهزة الدفاع الجوى مع بقاء الاتصال المستمر قائماً‮ ‬بين رئيسة الوزراء ووزير الدفاع‮ »‬موشى ديان‮«. ‬واقترح الوزير‮ »‬جاليلي‮« ‬الاتصال بواشنطن قبل بدء إجازة نهاية الأسبوع فى الولايات المتحدة‮ ‬غداً‮ ‬السبت‮.‬‬
وجاءت الإجراءات الوقائية هذه المرة مستشعرة الخطر من القوات الجوية المصرية ، عندما طلب بارليف رفع حالة الاستعداد فى أجهزة الدفاع الجوى ، حيث لا توجد معلومات عن موقف الطيران المصرى ومدى استعداده لتوجيه ضربة جوية للأهداف الإسرائيلية‮. ‬وكان هذا هو ما انتهى إليه اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلى الذى قرر‮ ‬إرسال بلاغات تحذير إلى وحدات الدفاع الجوى ورفع حالة الاستعداد وإلغاء الإجازات دون أى تفكير فى استدعاء قوات الاحتياط‮.‬
ولم يعد أمام إسرائيل فرصة لتدارك الموقف بعد أن بدأت إجازة عيد كيبور ، وتوقفت الإذاعات عن البث ، ومعها كل وسائل استدعاء الاحتياط بالطرق العلنية،‮ ‬وساد الجمود كل جوانب الحياة فى إسرائيل لتبقى الاتصالات محصورة بين رئيسة الوزراء ووزير الدفاع ، طبقاً‮ ‬لما استقر عليه الرأى فى مجلس الوزراء ليلة العيد‮. ‬واعتذرت رئيسة الوزراء عن حضور عشاء ليلة العيد الذى أعده ابنها‮ »‬ميناحيم‮« ‬وابنتها‮ »‬وايا‮« ‬لأصدقائهما وهو العشاء الذى يسبق صيام يوم الغفران كيبور واتجهت مباشرة إلى مخدعها فى محاولة للتغلب على الأرق‮.‬
وقبل الرابعة فجرا بدقيقة أو دقيقتين دق جرس التليفون الملاصق لسرير موشى ديان‮ »‬وزير الدفاع‮« ‬، وقال له صاحب الاتصال بكلمات قاطعة واضحة ان مصر وسوريا ستدخلان الحرب مع آخر ضوء ، وأن هذا الخبر يؤكده مصدر رفيع المستوى طلب أن يبلغه بنفسه لرئيسة الوزراء وأن ذلك تم بالفعل‮.‬
وقفز وزير دفاع إسرائيل من سريره،‮ ‬ليرتدى زيه العسكرى بسرعة ويتجه إلى مكتبه فى وزارة الدفاع،‮ ‬وقبل أن يغادر بيته طلب رئيس الأركان الجنرال ديفيد إليعازر ليلحق به فى وزارة الدفاع‮.‬
وكان‮ »‬أليور‮« ‬سكرتير رئيسة الوزراء العسكرى قد أبلغه بموعد الاجتماع مع مائير فى السابعة صباحا،‮ ‬وفى مكتب ديان اقتصر الاجتماع عليه وعلى رئيس الأركان‮ »‬إليعازر‮« ‬وتطرق إلى أربع نقاط ، استدعاء الاحتياط وتعزيز الجبهات ، وتوجيه ضربات جوية فى هجوم وقائى ، وإجلاء النساء والأطفال من المستعمرات الحدودية فى الجولان ، وتوجيه إنذار إلى مصر وسوريا لدفعهما إلى التراجع والظهور أمام العالم بأن مسئولية الحرب لا تقع على إسرائيل‮.‬
وطلب رئيس الأركان موافقة مائيرعلى استدعاء الاحتياط وتوجيه هجوم وقائى على الجبهتين ، ولم يكن هناك اعتراض على استدعاء الاحتياط لكن الضربة الوقائية كانت موضع البحث فى الاجتماع التالى الذى تم عقده بعد ساعة واحدة فى بيت جولدا مائير فى الثامنة صباحاً،‮ ‬وتحدثت مائير عن المعلومات التى أبلغها‮ »‬الصديق‮« ‬قائلة‮: ‬» إنها معلومات دقيقة لا تستند إلى تحركات عسكرية معينة،‮ ‬وانما إلى معلومات عن القرار العربى بدخول الحرب،‮ ‬وأن هذه المعلومات وصلت إلى إسرائيل من مصدرين مختلفين أحدهما عربى موجود الآن فى سويسرا،‮ ‬والآخر مسئول كبير أرسل هذه المعلومات من عاصمة عربية «‮. ‬
لكن ديان قال‮: ‬إن مثل هذه المعلومات سبق أن جاءت من قبل،‮ ‬وبالذات فى شهر مايو السابق وتم استدعاء الاحتياط بكل ما يترتب عليه من تبعات وتكاليف باهظة دون جدوي،‮ ‬وربما تعمد أحد تسريب هذه المعلومات بعد أن وجد رد الفعل لدى إسرائيل لا يتناسب مع التحركات الجارية فى سوريا ووجود معدات عبور تصاحب كل الوحدات المصرية المشاركة الآن فى المناورات التدريبية‮.‬
ورغم ذلك لم يتردد المجتمعون فى أخذ الأمر بكل جدية واتفقوا على حتمية استدعاء الاحتياط وفتح قنوات الاتصال مع أمريكا،‮ ‬وإجلاء النساء والأطفال من المستعمرات الإسرائيلية على الحدود السورية‮.‬
فيما طلبت مائير وزير خارجيتها «أبا إبيان» الموجود فى نيويورك حيث كان يحضر اجتماعات الأمم المتحدة الذى سارع بالإتصال بنظيرة الأمريكى هنرى كيسنجر، كما طلبت السفير الأمريكى فى تل أبيب لإجتماع سريع معهاه وقالت له: إن الهجوم سيكون فى المساء من الجبهتين المصرية والسورية وهذا ما تؤكده معلومات المخابرات وتحليل المعلومات الخاصة بالتحركات السورية والمصرية، ولذلك فإن إسرائيل لن تبدأ بالهجوم فقد يتراجع السادات كما فعل من قبل وقد تتدخل واشنطن ومعها السوفييت،‮ ‬وطلبت من السفير الأمريكى إبلاغ‮ ‬ذلك إلى وزير خارجيته هنرى كيسنجر وإلى الرئيس الأمريكى الذى يستطيع أن ينقل ذلك إلى السوفييت عبر خط التليفون الساخن مع موسكو‮.‬
وعندما توجه السفير الأمريكى إلى مكتبه للاتصال بواشنطن كانت الساعة بتوقيت إسرائيل تقترب من الثانية عشرة ظهر يوم ‮6‬ أكتوبر 1973،‮ ‬وكان السؤال الذى يتكرر فى مصر وبصورة خاصة داخل الموقع الذى يسيطر على حركة الحرب فى الجبهة المصرية هو‮: ‬هل عرف الاسرائيليون؟ ومتى عرفوا؟
وكان قد تم رصد طائرتى استطلاع إسرائيليتين بالقرب من قناة السويس فى الساعة التاسعة والنصف صباحاً،‮ ‬ولم تعبر الطائرتان إلي‮ ‬غرب القناة ، لكن تجهيزاتهما تتيح لهما الاستطلاع والتصوير من فوق سيناء،‮ ‬ولابد أن تكون إسرائيل قد تأكدت من وجود الجسور ومعدات العبور قرب شواطيء القناة،‮ ‬لكن الاستطلاع الإسرائيلى رصد أيضاً‮ ‬الجنود المصريين يلعبون الكرة على حافة القناة بينما يسبح بعضهم فى مياه القناة نفسها‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.