نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الأزهر الشريف بالقاهرة (بث مباشر)    8 قرارات جمهورية مهمة ورسائل حاسمة من السيسي بشأن أضرار سد النهضة الأخيرة    التعليم العالي: توقيع 42 اتفاقية بين الجامعات المصرية والفرنسية    محافظ الشرقية من داخل غرفة المتابعة: تعريفة الركوب مناسبة لخط سير وراعينا البعد الاجتماعي للمواطنين    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    معهد بحوث الإلكترونيات يستقبل وفدًا صينيًا لتعزيز الشراكة    مصر والبنك الأوروبي يجددان الالتزام بالشراكة لدعم «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    القوات الروسية تحرير بلدة بريفوليه في مقاطعة دنيبروبيتروفسك    مسؤول إسرائيلي: نلتزم بخطة ترامب وحماس تنتهك الاتفاق وتحتجز رفات 19 أسيرا    سيارتو يكشف موعد وتفاصيل القمة الروسية الأمريكية في المجر    انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين مصر والهند    3 ألقاب متتالية تتوج هنا جودة ملكة على العرش الأفريقي في تنس الطاولة    كريم وليد: صعب أنتقل للزمالك.. كولر مدرب عادل وموسيماني لم يتحمل الضغوط    دوري أبطال إفريقيا| محاضرة فنية للأهلي اليوم استعدادًا لخوض مباراة «ايجل نوار»    محمد صلاح يقترب من إنجاز تاريخي أمام مانشستر يونايتد    الدكتورة مي التلمساني في ضيافة مكتبة مصر الجديدة العامة غدا    خال ضحية سفاح الإسماعيلية ينفي الأكل من جثمانه: أرحمونا من الشائعات كفاية إللى إحنا فيه    طقس اليوم.. خريفي ونشاط رياح وأمطار ببعض المناطق والعظمى بالقاهرة 29 درجة    سميح ساويرس: النجاح الحالي لمدينة الجونة لم يكن في الأحلام (فيديو)    نقيب التشكيليين يفتتح معرض "أطلال" للفنان حسين قطنه بجاليري ضي غدًا    الرعاية الصحية: تشغيل وحدة مناظير الجراحة بمستشفى كوم أمبو ب28 مليون جنيه    استشارى تغذية: الثوم على الريق يسبب قرح المعدة    جامعة قناة السويس تطلق دورة تدريبية لمواجهة الأزمات والكوارث بالتعاون مع "الكشافة الجوية"    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 بعد ارتفاع 60 جنيهًا ل عيار 21    أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة الفيوم لانتخابات مجلس النواب 2025    مصرع 3 أشخاص وإصابة 4 آخرين إثر تصادم «ملاكي» بالرصيف على طريق «شبرا- بنها» الحر    الأونروا: جميع الأراضى الزراعية فى غزة تقريبا مدمرة أو يتعذر الوصول إليها    السوبر الأفريقي.. موعد مباراة بيراميدز ونهضة بركان المغربي    المتحف المصري الكبير يكشف موعد افتتاح قاعة توت عنخ آمون    سبب غياب حمدالله عن مباراة أهلي جدة    اليوم.. المصري في ضيافة الاتحاد الليبي بذهاب الكونفيدرالية الأفريقية    مواعيد مباريات اليوم 17 أكتوبر.. عودة الدوري والمصري في الكونفدرالية    حقيقة ارتفاع أسعار مواد البناء خلال الفترة المقبلة بسبب إعمار غزة    الطفولة والأمومة ينعى الأطفال ضحايا حادث التروسيكل بأسيوط    شعبة المخابز: سعر الخبز المدعم ثابت ب20 قرشا للرغيف ولن يتأثر بتحريك أسعار الوقود    5 أبراج تحب قضاء الوقت مع الأطفال    إطلاق قافلة زاد العزة ال52 إلى غزة بحمولة 4 آلاف طن مساعدات غذائية    مارشال صاحب فيديو كلب الأهرامات يشارك فى مظلات الباراموتور بالأقصر.. فيديو    محافظ بورسعيد يعتمد تعريفة الركوب الجديدة بعد زيادة البنزين والسولار الجديدة    الوطنية للانتخابات تعلن أسماء المرشحين لانتخابات النواب بالأقصر    حمزة نمرة: وفاة والدتي في التاسعة من عمري أورثتني القلق.. وقضيت عاما كاملا أنتظر معجزة لشفائها    فى ذكراه.. منير مراد الموسيقار المنسى من وزارة الثقافة والغائب عن حفلات ومهرجانات الأوبرا    فلسطين.. الاحتلال يدمر سيارة مواطن خلال اقتحام حي المخفية في نابلس    ترامب يتحدى بوتين: "آلاف توماهوك بانتظار خصومك".. فما سر هذا الصاروخ الأمريكي الفتاك؟    أشرف زكي: لا يوجد أي منصب في الدنيا يجعلني أترك النقابة.. والاستقالة لسبب داخلي    حيلة لتنظيف الفوط والحفاظ على رائحتها دائمًا منعشة    لو عايز تركز أكتر.. 5 أطعمة هتساعدك بدل القهوة    أسماء المترشحين بنظام الفردي عن دوائر بمحافظة الغربية لانتخابات النواب    أوقاف الفيوم تعقد فعاليات البرنامج التثقيفي للطفل لغرس القيم الإيمانية والوطنية.. صور    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ووقتها المستحب    أدعية يوم الجمعة المستحبة للمتوفى والمهموم والأبناء    السيطرة على حريق داخل مخزن لقطع غيار السيارات بميت حلفا    السيطرة على حريق سيارة ملاكي بميدان الرماية في الهرم    تركي آل الشيخ: «بدأنا الحلم في 2016.. واليوم نحصد ثمار رؤية 2030»    فضل يوم الجمعة وأعماله المستحبة للمسلمين وعظمة هذا اليوم    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير مبارك للشاذلى ينهى الجدل حول الحرب.. تعليمات وزير الطيران المدنى ل «مصر للطيران» كادت تفسد خطة الهجوم على العدو الإسرائيلى
نشر في فيتو يوم 03 - 05 - 2013

لفترة طويلة ظل الإسرائيليون‮ ‬يعيشون فى أحلام التفوق العسكرى،‮ ‬خاصة التفوق الجوى، ليس على مصر وحدها، بل على الدول العربية مجتمعة، ولم‮ ‬يكن شاغلهم الأول هو احتمال تعرضهم لحرب هجومية لم‮ ‬يتعرضوا لها من قبل،‮ ‬وإنما كان انشغالهم بأمور أخرى أهمها استقدام مهاجرين جدد،‮ ‬خاصة‮ ‬يهود الاتحاد السوفييتي،‮ ‬بالاضافة إلى الانتخابات البرلمانية المقررة فى نهاية أكتوبر‮ عام 3791.‬فى ظهر الإثنين أول أكتوبر1973 هبطت طائرة إسرائيلية فى مطار فيينا ، وخرج منها الوزير الإسرائيلي‮ »‬يزرائيل جاليلي‮« ‬يحمل تقريرا عاجلا إلى رئيسة الوزراء‮ »‬جولدا مائير‮« ‬حول الموقف العسكرى على الجبهة السورية،‮ ‬وكانت وقتها فى زيارة مهمة للنمسا، وقابلها الوزير جاليلى على الفور ، وقال لها انه اجتمع مع «موشى ديان» وبحث معه ضرورة مناقشة الموقف فى الجولان معها ، دون أن ينتظرا عودتها إلى إسرائيل رغم أنه من المتوقع عودتها خلال ‮84‬ ساعة‮.‬
الهدف من هذا الاجتماع العاجل والتقرير الذى يحمله الوزير جاليلى ، كان إقناع رئيسة الوزراء بمناقشة فكرة استدعاء الاحتياط ، وكانت هى فى قرارة نفسها تعارض الفكرة من أساسها ، دون أن ترفض المناقشة،‮ ‬فقد كانت مشغولة بتوقف النمسا عن استقبال المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفيتى وترحيلهم إلى إسرائيل،‮ ‬بعد أن أصدر المستشار النمساوى الدكتور‮ »‬برونو كريسكي‮« ‬قرارا بإغلاق مركز استقبال المهاجرين اليهود القادمين بالقطار من الاتحاد السوفيتى والمقام فى قلعة‮ »‬شنو‮« ‬قرب فيينا ، والتى ينتقل منها المهاجرون اليهود بالأتوبيسات إلى المطار ليستقلوا طائرات شركة‮ »‬العال‮« ‬إلى إسرائيل‮.‬
اجتماع «مائير»
وجاء توقيت هذا القرار فى فترة تستعد فيها جولدا مائير وحزبها لخوض معركة انتخابية صعبة من المقرر إجراؤها فى إسرائيل يوم الأحد 28 أكتوبر 73 ، وكان الرأى العام فى إسرائيل منشغلا منذ بداية شهر أكتوبر بالحملات الانتخابية والدعايات الحزبية،‮ ‬وفشل رئيسة الوزراء فى دفع النمسا إلى التراجع عن قرارها سيكون له تأثيره على موقفها فى الانتخابات‮.‬
ورغم أن الوزير الإسرائيلى لجأ إلى المبالغة فى تصوير الموقف ليبرر سفره إلى فيينا وعرض التقرير على رئيسة الوزراء فإن جولدا مائير لم تتحمس لمناقشة التقرير معه،‮ ‬وقالت انها ستفعل ذلك فور وصولها إلى تل أبيب فى الثلاثاء الثانى من أكتوبر،‮ ‬لكن الاجتماع انعقد صباح الأربعاء ‮3‬ أكتوبر دون أن يخطر على بال أحد من المجتمعين أن هذا هو اليوم‮ (‬ى ‮3‬) أى قبل الحرب بحوالى 70 ساعة‮.‬
لكن «مائير» وجدت عند هبوط طائرتها فى مطار بن جوريون قادمة من فيينا تقريراً‮ ‬يتضمن تفاصيل المعلومات التى سبق إبلاغها بها خلال زيارتها للنمسا بواسطة الوزير‮ »‬يزرائيل جاليلي‮«.‬
وحضر اجتماع الأربعاء وزير الدفاع‮ »‬موشى ديان‮« ‬والجنرال‮ »‬ديفيد إليعازر‮« ‬رئيس أركان القوات الإسرائيلية الشهير بلقب‮ »‬دادو‮« ‬، ويزرائيل جاليلى وزير الدولة ومستشار رئيسة الوزراء ، والجنرال‮ »‬إلى زائيرا‮« ‬مدير المخابرات الحربية‮ (‬لوكادرا‮) ‬
بدأ رئيس الأركان ديفيد إليعازر بقوله ان الموقف على الجبهتين المصرية والسورية لا يمثل خطورة ، وأنه من المستبعد وقوع هجوم مصرى سورى مشترك،‮ ‬وإن قيام السوريين بحشد قوات إضافية على الجبهة قد بدأ منذ المعركة الجوية التى جرت فى سماء سوريا يوم الخميس ‮31‬ سبتمبر1973 وأسفرت عن سقوط ‮21‬ طائرة سورية طراز‮ »‬ميج‮« ‬، فى حين فقدت إسرائيل طائرة واحدة من طراز‮ »‬ميراج ،لكنهم لن يتمكنوا من شن هجوم منفرد‮. ‬
اليعازر تحدث عن الجبهة المصرية ، بقوله أنها تشهد حلقة من تحركاتها المستمرة طول العام ، وهى تقوم بمناوراتها السنوية التى تشمل نقل قوات مختلفة من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق‮.. ‬وبالعكس،‮ ‬منهيا كلامه باستبعاد فكرة استدعاء قوات الاحتياط ‮.‬
فيما تحدثت جولدا مائير عن تجاربها السابقة مع المصريين ، وقالت إنها لا تريد أن تكرر تجربة شهر مايو الماضى عندما سجل الاستطلاع الإسرائيلى تحركات مصرية واسعة وتم رصد العديد من معدات العبور والكبارى المحمولة وهى تنقل من العمق إلى الجبهة المصرية،‮ ‬بالإضافة إلى معلومات وثيقة عن تحرك معدات العبور على الطريق القريب من مطار القاهرة فى اتجاه السويس ، والتى شاهدها أحد الملحقين العسكريين فى القاهرة وأبلغ‮ ‬بها إسرائيل،‮ ‬ويومها قالت أجهزة المخابرات إن هذا لا يعنى شيئا وأن الحرب لن تندلع وأن المصريين‮ ‬غير قادرين على عبور القناة لا الآن ولا مستقبلاً ،‮ ‬ورغم ذلك فقد قررنا يومها أن نأخذ الأمر بجدية،‮ ‬وانتقلت بنفسى مع حاييم بارليف وزير الصناعة إلى المركز الرئيسى للمخابرات العسكرية لنناقش تفاصيل الموقف مع القادة ، والاستعداد للتعبئة،‮ ‬ولكن شيئاً‮ ‬لم يحدث،‮ ‬وما نراه الآن على الجبهة المصرية أقل مما تم رصده فى مايو .
مائير أنهت حديثها بطلب مواصلة مناقشة الأمر فى الاجتماع المعتاد لمجلس الوزراء الإسرائيلى والمقرر بعد ثلاثة أيام أى يوم الأحد ‮7‬ أكتوبر عقب إجازة عيد كابور ، وقالت انه يمكن يومها بحث الموقف بكل أبعاده وتطوراته اللاحقة‮.‬
وبينما كان المجتمعون يغادرون مكتب رئيسة وزراء إسرائيل كانت أحداث اليوم‮ (‬ى ‮3‬) تتلاحق داخل مراكز القيادة والسيطرة على الجبهة المصرية مع اتمام الحشد على محاور الجيشين الميدانيين الثانى والثالث‮.‬
ورغم المعلومات التى تجمعت لدى إسرائيل عن الحشد السورى والتحركات المصرية،‮ ‬فإنها لم تكن تعرف شيئا عن استعدادات الطيران المصرى الذى سيشن هجومه الجوى على المواقع المحددة للضربة الجوية‮.‬
ويومها رفع حسنى مبارك الى القيادة العامة ورئيس أركان القوات المسلحة الفريق سعد الشاذلى تقريرا مفصلا‮ ‬يتضمن معلومات وبيانات بالغة الأهمية ، وتتلخص فى ان القوات الجوية تتوفر لها الآن امكانيات فنية وقتالية تفوق ما كان من قبل،‮ ‬ومنها وجود طائرات الاعاقة والتشويش التى تم التدريب على استخدامها بكفاءة بالغة‮.‬
رغبة سورية
ولم تكن اسرائيل على علم بذلك،‮ ‬كما انها لم تصل الى أي معلومات عن وصول الفريق‮ «‬أحمد إسماعيل‮» ‬وزير الحربية المصرى واللواء‮ «‬بهى الدين نوفل» رئيس أركان القيادة المصرية السورية الاتحادية إلى دمشق ، للاجتماع مع وزير الدفاع السورى اللواء‮ «‬مصطفى طلاس‮».‬
وسر هذا الاجتماع يرجع إلى رغبة القيادة السورية تأخير يوم المعركة لمدة‮ (84) ساعة لاستكمال الحشد وتهيئة الجبهة الداخلية للحرب،‮ ‬والانتهاء من تفريغ‮ ‬صهاريج البترول فى مصفاة التكرير بمدينة حمص‮. ‬‬
وأسفرت المناقشة عن بقاء اليوم‮ (‬ي‮) ‬كما هو السبت السادس من أكتوبر باعتباره أنسب الأيام لتحقيق المفاجأة واستغلال إجازة يوم الغفران‮ (‬عيد كيبور‮) ‬عند اليهود،‮ ‬بالإضافة إلى أن الحرب كانت قد بدأت فعلاً‮ ‬بالنسبة لبعض الوحدات المصرية ومنها الغواصات والقطع البحرية التي‮ ‬غادرت قواعدها ، مع فرض الصمت اللاسلكى عليها واستحالة الاتصال بها‮.‬
وعاد وزير الحربية المصرى إلى القاهرة ليجد مفاجأة فى انتظاره ،‮ ‬لقد تبين أن شركة‮ «‬مصر للطيران‮» ‬قامت بإلغاء رحلاتها الجوية ، وبدأت فى تنفيذ إخلاء طائراتها من مطار القاهرة كما أصدرت تعليمات لطائراتها فى الخارج بالمبيت فى المطارات الأجنبية بعد أن استشعر وزير الطيران المدنى وجود استعدادات للعبور ، وتوقع نشوب الحرب مع آخر ضوء وقيام إسرائيل بضرب المطارات المصرية مع أول ضوء،‮ ‬واستصوب حماية طائراته من التدمير‮. ‬وجرى اتصال عاجل مع وزير الطيران وتم تدارك الموقف وإلغاء هذه التعليمات وعادت حركة الطائرات إلى حالتها الطبيعية بعد خمس ساعات دون أن تتنبه إسرائيل إلى الأمر الذى كان يبدو وكأنه مجرد ارتباك فى جداول الطيران‮.‬
غير أن هناك أحداثا أخرى وقعت جعلت الأجهزة الإسرائيلية تستشعر بجدية وجود خطر حقيقى ، لقد تلقت مصر طلباً‮ ‬عاجلاً‮ ‬من السفير السوفييتى فى القاهرة بسحب المستشارين المدنيين وأسرهم وإعادتهم إلى بلادهم،‮ ‬كما تلقت سوريا طلبا مماثلا من محيى الدينوف السفير السوفييتى فى دمشق ، ولم يكن ممكنا رفض مثل هذا الطلب رغم أنه قوبل باستياء بالغ ، وفى اليوم التالى وصلت بالفعل ست طائرات‮ ‬ركاب من شركة‮ «‬إيروفلوت‮» ‬السوفييتية إلى مصر لتنقل المستشارين وأسرهم إلى بلادهم،‮ ‬كما وصلت خمس طائرات من نفس الشركة إلى سوريا‮.. ‬وعرف العدو الإسرائيلى بذلك‮. ‬ونتيجة لهذا استطاع أن يكسر حلقات الخداع مستشعراً‮ ‬الخطر لأول مرة بصورة جدية.
ومن هنا بدأ العدو يتابع بقلق مايجرى على الجبهة المصرية ، وبدأت آثار الخداع تزول تدريجياً ، لكنه لم يتوقع ساعة الحرب وبقيت لغزاً‮ ‬بالنسبة له ‮.‬
وبينما كانت رئيسة الوزراء جولدا مائير تستعد لمغادرة مكتبها بعد ظهر الجمعة ‮5‬ أكتوبر لقضاء إجازة العيد بمنزلها في‮ «‬برامات أفيف» ، قبل عودتها إلى القدس صباح الأحد ، لترأس اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي،‮ ‬تلقت تقريرا عاجلاً‮ ‬جاء فيه أن طائرات ركاب سوفييتية وصلت إلى دمشق وأنها تقف فى انتظار عائلات الخبراء السوفييت فى سوريا لنقلهم إلى موسكو،‮ ‬وأن أفراد العائلات السوفييتية قاموا بحزم أمتعتهم على عجل استعداداً‮ ‬للرحيل‮.‬
تحركات إسرائيلية
وأجرت «مائير» ثلاثة اتصالات تليفونية ، بوزير دفاعها موشى ديان ورئيس الأركان ديفيد إليعازر ومدير الاستخبارات‮ »‬إلى زئيرا‮«‬،‮ ‬وكان سؤالها إلى كل منهم يدور حول مدلول هذا التقرير‮. ‬لكن أحدا لم يجزم بأن هجوماً‮ ‬سورياً‮ ‬يمكن أن يقع على الفور ، وأن ترحيل أسر الخبراء السوفييت يمكن أن يسبق أية عمليات عسكرية بأيام أو بأسابيع‮. ‬
فاستبعد إليعازر قيام سوريا بعمل عسكرى منفرد ، وأكد أيضاً‮ ‬أن ما يجرى على الجبهة المصرية تكرار لما سبق على مدى شهور طويلة كان آخرها شهر مايو‮.‬
ورغم ذلك اتفقوا جميعاً‮ ‬على عقد اجتماع فى المساء وتأجيل برامجهم السابقة المعدة ل«يوم كيبور»، وقررت رئيسة الوزراء أن يكون الاجتماع موسعاً‮ ‬وأن يحضره كل الوزراء،‮ ‬واكتمل الاجتماع فى السابعة والنصف مساءً‮ ‬بمكتب رئيسة الوزراء فى تل أبيب،‮ ‬وحضره معهم الجنرال إليعازر‮ «رئيس الأركان‮« ‬والجنرال زائيرا‮ »‬مدير الاستخبارات‮«‬،‮ ‬وتحدثت إليهم رئيسة الوزراء معبرة عن شعورها بالقلق بسبب ما يتردد فى أجهزة الإعلام والصحف العربية حول رفض إسرائيل للسلام الذى يتطلع إليه العرب وإظهارها فى صورة الذى يستعد للحرب من جديد‮. ‬أما المصدر الثانى للقلق فيرجع إلى المعلومات المؤكدة عن خروج أسر الخبراء السوفييت من سوريا على وجه الاستعجال ، وتولى التعقيب على هذا الكلام حاييم بارليف وزير الصناعة والخبير العسكرى المتخصص فى شئون الدفاع وصاحب فكرة الخط الدفاعى الحصين شرق القناة المعروف باسمه ، وقال ان الأمر لن يستوجب توجيه ضربة وقائية ولا استدعاء الاحتياط الآن،‮ ‬لكن ذلك لا يمنع من إلغاء الإجازات ورفع حالة الاستعداد خاصة فى أجهزة الدفاع الجوى مع بقاء الاتصال المستمر قائماً‮ ‬بين رئيسة الوزراء ووزير الدفاع‮ »‬موشى ديان‮«. ‬واقترح الوزير‮ »‬جاليلي‮« ‬الاتصال بواشنطن قبل بدء إجازة نهاية الأسبوع فى الولايات المتحدة‮ ‬غداً‮ ‬السبت‮.‬‬
وجاءت الإجراءات الوقائية هذه المرة مستشعرة الخطر من القوات الجوية المصرية ، عندما طلب بارليف رفع حالة الاستعداد فى أجهزة الدفاع الجوى ، حيث لا توجد معلومات عن موقف الطيران المصرى ومدى استعداده لتوجيه ضربة جوية للأهداف الإسرائيلية‮. ‬وكان هذا هو ما انتهى إليه اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلى الذى قرر‮ ‬إرسال بلاغات تحذير إلى وحدات الدفاع الجوى ورفع حالة الاستعداد وإلغاء الإجازات دون أى تفكير فى استدعاء قوات الاحتياط‮.‬
ولم يعد أمام إسرائيل فرصة لتدارك الموقف بعد أن بدأت إجازة عيد كيبور ، وتوقفت الإذاعات عن البث ، ومعها كل وسائل استدعاء الاحتياط بالطرق العلنية،‮ ‬وساد الجمود كل جوانب الحياة فى إسرائيل لتبقى الاتصالات محصورة بين رئيسة الوزراء ووزير الدفاع ، طبقاً‮ ‬لما استقر عليه الرأى فى مجلس الوزراء ليلة العيد‮. ‬واعتذرت رئيسة الوزراء عن حضور عشاء ليلة العيد الذى أعده ابنها‮ »‬ميناحيم‮« ‬وابنتها‮ »‬وايا‮« ‬لأصدقائهما وهو العشاء الذى يسبق صيام يوم الغفران كيبور واتجهت مباشرة إلى مخدعها فى محاولة للتغلب على الأرق‮.‬
وقبل الرابعة فجرا بدقيقة أو دقيقتين دق جرس التليفون الملاصق لسرير موشى ديان‮ »‬وزير الدفاع‮« ‬، وقال له صاحب الاتصال بكلمات قاطعة واضحة ان مصر وسوريا ستدخلان الحرب مع آخر ضوء ، وأن هذا الخبر يؤكده مصدر رفيع المستوى طلب أن يبلغه بنفسه لرئيسة الوزراء وأن ذلك تم بالفعل‮.‬
وقفز وزير دفاع إسرائيل من سريره،‮ ‬ليرتدى زيه العسكرى بسرعة ويتجه إلى مكتبه فى وزارة الدفاع،‮ ‬وقبل أن يغادر بيته طلب رئيس الأركان الجنرال ديفيد إليعازر ليلحق به فى وزارة الدفاع‮.‬
وكان‮ »‬أليور‮« ‬سكرتير رئيسة الوزراء العسكرى قد أبلغه بموعد الاجتماع مع مائير فى السابعة صباحا،‮ ‬وفى مكتب ديان اقتصر الاجتماع عليه وعلى رئيس الأركان‮ »‬إليعازر‮« ‬وتطرق إلى أربع نقاط ، استدعاء الاحتياط وتعزيز الجبهات ، وتوجيه ضربات جوية فى هجوم وقائى ، وإجلاء النساء والأطفال من المستعمرات الحدودية فى الجولان ، وتوجيه إنذار إلى مصر وسوريا لدفعهما إلى التراجع والظهور أمام العالم بأن مسئولية الحرب لا تقع على إسرائيل‮.‬
وطلب رئيس الأركان موافقة مائيرعلى استدعاء الاحتياط وتوجيه هجوم وقائى على الجبهتين ، ولم يكن هناك اعتراض على استدعاء الاحتياط لكن الضربة الوقائية كانت موضع البحث فى الاجتماع التالى الذى تم عقده بعد ساعة واحدة فى بيت جولدا مائير فى الثامنة صباحاً،‮ ‬وتحدثت مائير عن المعلومات التى أبلغها‮ »‬الصديق‮« ‬قائلة‮: ‬» إنها معلومات دقيقة لا تستند إلى تحركات عسكرية معينة،‮ ‬وانما إلى معلومات عن القرار العربى بدخول الحرب،‮ ‬وأن هذه المعلومات وصلت إلى إسرائيل من مصدرين مختلفين أحدهما عربى موجود الآن فى سويسرا،‮ ‬والآخر مسئول كبير أرسل هذه المعلومات من عاصمة عربية «‮. ‬
لكن ديان قال‮: ‬إن مثل هذه المعلومات سبق أن جاءت من قبل،‮ ‬وبالذات فى شهر مايو السابق وتم استدعاء الاحتياط بكل ما يترتب عليه من تبعات وتكاليف باهظة دون جدوي،‮ ‬وربما تعمد أحد تسريب هذه المعلومات بعد أن وجد رد الفعل لدى إسرائيل لا يتناسب مع التحركات الجارية فى سوريا ووجود معدات عبور تصاحب كل الوحدات المصرية المشاركة الآن فى المناورات التدريبية‮.‬
ورغم ذلك لم يتردد المجتمعون فى أخذ الأمر بكل جدية واتفقوا على حتمية استدعاء الاحتياط وفتح قنوات الاتصال مع أمريكا،‮ ‬وإجلاء النساء والأطفال من المستعمرات الإسرائيلية على الحدود السورية‮.‬
فيما طلبت مائير وزير خارجيتها «أبا إبيان» الموجود فى نيويورك حيث كان يحضر اجتماعات الأمم المتحدة الذى سارع بالإتصال بنظيرة الأمريكى هنرى كيسنجر، كما طلبت السفير الأمريكى فى تل أبيب لإجتماع سريع معهاه وقالت له: إن الهجوم سيكون فى المساء من الجبهتين المصرية والسورية وهذا ما تؤكده معلومات المخابرات وتحليل المعلومات الخاصة بالتحركات السورية والمصرية، ولذلك فإن إسرائيل لن تبدأ بالهجوم فقد يتراجع السادات كما فعل من قبل وقد تتدخل واشنطن ومعها السوفييت،‮ ‬وطلبت من السفير الأمريكى إبلاغ‮ ‬ذلك إلى وزير خارجيته هنرى كيسنجر وإلى الرئيس الأمريكى الذى يستطيع أن ينقل ذلك إلى السوفييت عبر خط التليفون الساخن مع موسكو‮.‬
وعندما توجه السفير الأمريكى إلى مكتبه للاتصال بواشنطن كانت الساعة بتوقيت إسرائيل تقترب من الثانية عشرة ظهر يوم ‮6‬ أكتوبر 1973،‮ ‬وكان السؤال الذى يتكرر فى مصر وبصورة خاصة داخل الموقع الذى يسيطر على حركة الحرب فى الجبهة المصرية هو‮: ‬هل عرف الاسرائيليون؟ ومتى عرفوا؟
وكان قد تم رصد طائرتى استطلاع إسرائيليتين بالقرب من قناة السويس فى الساعة التاسعة والنصف صباحاً،‮ ‬ولم تعبر الطائرتان إلي‮ ‬غرب القناة ، لكن تجهيزاتهما تتيح لهما الاستطلاع والتصوير من فوق سيناء،‮ ‬ولابد أن تكون إسرائيل قد تأكدت من وجود الجسور ومعدات العبور قرب شواطيء القناة،‮ ‬لكن الاستطلاع الإسرائيلى رصد أيضاً‮ ‬الجنود المصريين يلعبون الكرة على حافة القناة بينما يسبح بعضهم فى مياه القناة نفسها‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.