"هل هناك أغلى من الضنا" مقولة شهيرة للأمهات المصريات اللاتي مازلن يضربن أروع الأمثلة في الانتماء والتضحية ويقدمن يوميا أبناءهن الذين يدافعون عن الأرض والعرض. بعد ساعات قليلة من إبلاغ الأسرة باستشهاد نجلهم في سيناء على يد الجماعات الإرهابية وموعد وصول الجثمان ورغم الصدمة القوية التي تعرضت لها"هدى عز الدين" وكيلة مدرسة أحمد عرابى الثانوية أم الشهيد "أحمد عمر الشبراوى" فإنها بدت متماسكة وقوية وشامخة رغم حالة الحزن الشديدة التى بدت على وجهها مع أنها فقدت أعز ما تملك وهو ابنها فلذة كبدها وأصرت على إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، حيث جاءت إلى مسجد الفتح بمدينة الزقازيق في الساعة التاسعة صباحًا قبل 3 ساعات كاملة لاستقبال جثمان نجلها لتبعث برسالة مفادها "لا أبكي ولدي فلن أبخل به على مصر ولكني أبكي الفراق لأني لن أراه مرة أخرى أبكيه كأم لأنه قطعة منى". كان الوضع هادئا في بداية الأمر بمحيط المسجد إلى أن تحول في الساعة العاشرة صباحًا إلى حالة من الاستنفار والاستعداد، حيث قامت فرق الأجهزة التنفيذية التابعة لمجلس مدينة الزقازيق بالنظافة أولا بأول ثم وجدت سيارات المطافئ والشرطة العسكرية والمدنية، حيث تم تمشيط جميع الأماكن وتأمينها بالكامل. ورصدت "فيتو" لحظة قدوم سيارة الإسعاف التي تحمل الجثمان إلى البوابة الخارجية للمسجد وبمجرد رؤيتها انهارت والدة الشهيد من البكاء إلا أنها سرعان ما تماسكت وأصرت على رؤية وجه ابنها داخل المسجد للمرة الأخيرة. الأم المكلومة عقب مشاهدتها نجلها تعرضت لإغماء لثوان معدودة بجوار نعشه وفور إفاقتها طالبتها الأسرة بالمغادرة للمنزل خوفا على صحتها، حيث بدت متعبة جدا واصفر وجهها إلا أنها أصرت على الذهاب لقرية الشراوين التابعة لمركز ههيا مسقط رأس والد ابنها الشهيد لتودعه لمثواه قبل الأخير وتقبل قبره. وكان أهالي محافظة الشرقية شيعوا جثمان الشهيد الرائد أحمد الشبراوي الذي استشهد في الهجوم الإرهابي الذي استهدف عددا من نقاط التمركز الأمني بسيناء، وتم حمل الجثمان ملفوفًا بالعلم المصري من مسجد الفتح في مدينة الزقازيق في جنازة عسكرية بحضور القيادات الأمنية والتنفيذية، وأسرة الشهيد وزملائه، وتحولت الجنازة إلى تظاهرة ضد الإرهاب وهتف الأهالي "لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله"، رافعين اللافتات المناهضة للإرهاب، مطالبين الرئيس عبدالفتاح السيسي والقوات المسلحة بالقضاء على الإرهاب. يشار إلى أن الشهيد (أحمد عمر الشبراوى) 28 عامًا، كان يقيم بمنطقة "يوسف بك" بالزقازيق، ومتزوج ولديه طفل عمره 5 أعوام، وزوجته "ندى حسن"، حامل في شهرها السابع، ووالده يعمل وكيل وزارة الجهاز المركزي للمحاسبات، وكان الجميع يشهد بأخلاقه الكريمة وحسن معاملته، كما كانت آخر تدوينة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" صورة تجمعه بالعقيد رامي حسنين، قائد الكتيبة 103 صاعقة، الذي استشهد في أكتوبر من العام الماضي، وذلك بعد استهدافه من قبل العناصر الإرهابية بشمال سيناء. وعلق على الصورة قائلا: "إنا لله وإنا إليه راجعون استشهد البطل والمعلم والأخ والظهر والسند والقائد.. إن العين لتدمع والقلب لينزف على فراقك وربنا يصبرنا على فراقك.. وأقسم بالله ما هنسيب حقك يا أجمل ضحكة وأطهر قلب.. يارب يتقبلك إن شاء الله من الشهداء.. أرجو من الجميع الدعاء له ولكل الشهداء.. سلام حتى نلتقي".