النظام الذى كان قبيل يناير يعاير نظام مبارك بالركوع لأمريكا هاهو يحج للبيت الأبيض والمعارضة التى كانت تتحدث عن علاقات ندية مع واشنطن هاهى تعتمر فى الكونجرس قالت السفيرة الأمريكية فى القاهرة طيب الله فمها "إذا أردتم تغيير مرسى فأمامكم الصندوق" وحكاية الصندوق فى عرف الأمريكان حكاية غريبة وعجيبة ومثيرة مثل أفلامهم التى حققت لإمبراطوريتهم ما فشلت فى تحقيقه ترسانتهم النووية. وما قالته السفيرة الأمريكية ليس درسا فى الديمقراطية أو عظة أسبوعية تطرحها على الشعب كما أن ما قالته لا يدخل فى باب "من عجائب الكون" ولا هو واحد من الحقائق العملية التى توصلت إليها الإدارة الأمريكية بعد جهود شاقة مع دول متخلفة من أمثالنا وإنما يندرج قول سيادتها تحت شعار "خمسة فى الهجايس" ويقال هجس الشذ فى صدره أى خطر على باله أى أن المعنى مجرد كلام طرز على باب سيادتها فقالته من باب الافتكاسات الشعبية حسب التراث الأمريكى العريق. ونقول نحن "خمسة فى الهجايص" بالصاد ونقصد بها الكلام الفارغ والكلام الفارغ هو الكلام الذى لا معنى له حيث تسمع جملة راقصة شيقة رشيقة فإذا ما أردت أن تمسك بالمعنى وجدته هشا لا وجود له وهو ما نعنيه هنا خصوصا أن الحالة التى وصلنا إليها بعد 25 يناير توحى بأننا انتقلنا من عصر الركوع لأمريكا إلى عصر الانبطاح وهو مرحلة ما بعد الركوع وهى فى ذات الوقت المرحلة التى تؤدى للسجود للبيت الأبيض. ومصدر الانزعاج أن النظام متمثل فى جماعة مرسى ومعارضة الإنقاذ، على اعتبار أن المعارضة جزء من النظام، كلاهما يلهث لهث الكلاب الضالة خلف قطعة لحم عفنة وقد كنت أتصور أن يلهث النظام فتعلن المعارضة موقفا متشددا من الولاياتالمتحدةالأمريكية رغبة فى الفوز ولو عاطفيا بمساحة فى الشارع المصرى ترى اعوجاجا فى العلاقة مع أمريكا غير أن الجميع راح واستراح لفكرة الحاجة إلى الدعم الأمريكى. النظام الذى كان قبيل يناير يعاير نظام مبارك بالركوع لأمريكا هاهو يحج للبيت الأبيض والمعارضة التى كانت تتحدث عن علاقات ندية مع واشنطن هاهى تعتمر فى الكونجرس ولذلك يصبح من حق السفيرة الأمريكية فى القاهرة أن تدلى بدلوها فى المسألة المصرية وأنا أراهن أن كل صناع القرار فى الحكومة والرئاسة والمعارضة إنما عكفوا واعتكفوا لساعات لتحليل مضمون ما قالته الموهوبة آن باترسون. ولأن الأطراف المتصارعة فى مصر الآن لا تزال أسيرة الماضى فإن تصريحات السفيرة الأمريكية تبدو مهمة وموحية لكلا الفريقين فالإخوان يعايرون الإنقاذ والإنقاذ يوحون للعامة والخاصة أن الامريكان فاض بهم وقد يخرجون فى شوارع مصر ويهتفون "الشعب، الأمريكى طبعا، يريد إسقاط النظام، المصرى طبعا" وذلك تضامنا مع الشعب المصرى الذى فشل فى إسقاط النظام بكل تبعاته وجلس يتسول الحل من واشنطن وهاهم أبناء أمريكا الأبرار جاءوا ليزيلوا عنكم حرج إسقاط النظام ويرفعوه بالأوناش الأمريكية الضخمة. لم يسأل واحد من المعارضة الست آن باترسون: هتلر الذى جاء بالصندوق هل أسقطه العالم بالصندوق؟!!