أعلم أن العنوان صادم إلى حد كبير.. ولكن دعونى أُذكِّر بالبدايات لعل الصدمة تزول... عقب احتلال أمريكا للعراق عام 2003، عمت الفوضى، ثم أجريت الانتخابات التشريعية، وأفرزت أولى إرهاصات التقسيم على خلفية الفرز الطائفى بين الشيعة والسنة والأكراد، ثم انفصلت الطائفة الأخيرة على أرض الواقع. كان المواطن العربى الجميل وقتها بين زبون فى الطراوة، وآخر يلعب بين أصابع قدميه، وثالث بين فخذيه، ورابع فى "مراخينه" كما ينطقها أطفالنا، وخامس كان يرى أن الحديث عن التقسيم مجرد "فشخ حنك" وأضغاث أحلام. وكان أكثر المتفائلين يرى أن ديمقراطية التقسيم فى العراق، مجرد شِدَّة وتزول، بقرص إسبرين أو بكبسولة لبوس. غير أن الآنسة "كونداليزارايس" حاملة حقيبة الخارجية الأمريكية فى إدارة الرئيس بوش الابن وقتها، خرجت كالطاووس لتعلن عن خريطة الشرق الأوسط "المُقَسَّم" الجديد، والزعيم الذى يرفض الحلاقة برضاه، سوف تحلق له الأسطى أمريكا على الزيرو. فى ذلك الحين.. استطاع الزعيم اليمنى؛ على عبد الله صالح المخلوع مؤخراً، أن يقرأ الرسالة ويفهمها على غير عادة العرب!.. أدرك صالح أن رايس لا تهزل، وقال وهو يشير إلى حتمية البدء وبسرعة فى الإصلاحات الديمقراطية ( مالم نبادر بحلاقة رءوسنا بأيدينا، فإن أمريكا سوف تحلق لنا جميعاً رغماً عنا). تحدثت رايس عن الشرق الأوسط الجديد، ودشنت مخطط "الفوضى الخلاقة"، التى ستضرب دول العالم العربى تباعاً، ثم يعقبها التقسيم، وفى نهاية حديثها قالت: "أما مصر فهى الجائزة الكبرى"!!.. الجميع لم يأخذ كلام رايس مأخذ الجد فيما يتعلق بمصرعلى وجه التحديد، لأنها وببساطة؛ الكنز الاستراتيجى الذى لم تكن تحلم به يوماً، لا هى ولا ربيبتها إسرائيل. تمر الأيام، ويخيب ظن الجميع وتهب رياح الثورة على تونس ثم مصر ثم ليبيا، وبدا للجميع أن فرار حاكم وقتل آخر وسجن ثالث، هو نهاية المطاف، وما قصدته رايس تحديداً.. لكن الحقيقة المرعبة أن ماحدث هو بداية المطاف وأول القصيدة، وأن القادم أسخم!. والقادم يامواطن قد بدأ بالفعل، وأعنى الفوضى التى نراها ويروج لها أبناء جلدتنا، لينجرف الجميع إلى مستنقع الاقتتال، ثم تبدأ أمريكا والأمم المتحدة فى الحلاقة، وتفرق رأس تونس من النُّص، وتعمل دماغ مصر حتة بانك، وحتة بقُصة، وحتة بضفيرة، وتنتف الشنب، وتعزل "الدقن" لوحدها!!. تلك هى حقيقة مايحدث فى مصر الآن، وعلى بلاطة، وإننى فقط أذَكِّر الغافلين والمغفلين أن الآنسة رايس، هى التى حددت مسار ما يطلق عليه ثورة، لأقول وبالفم المليان: "اللى هايقول لى إن أمريكا لم يكن لها يد فى الثورة، وأنها كانت مصرية مِيَّة فى المِيَّة، هاقول له وشَّك للحيط وقفاك لِيَّا!.