منذ انطلاق ما اصطلح على تسميته "الربيع العربى" بشرارة تونسية، ومصر فى حالة ارتباك لم تشهده ثورة فى العالم، ولن تشهده أى ثورة مهما كانت جدليات المشهد السياسى والدينى بها، فقد قامت ثورة فى تونس وشهدت ارتباكات كثيرة، وظن كثيرون أن اغتيال الناشط السياسى بلعيد سيكون القشة التى قصمت ظهر البعير، وأن هذا الاغتيال سيعيد المشهد التونسى إلى الصفر. لكن فى 30 يوما أو أقل كانت تونس تتعافى بعد سجالات لم تصل لحد الصدامات، فبعد فشل حمادى الجبالى فى تشكيل حكومة تكنوقراط، كانت استقالته سريعة ليتولى على العريض الذى كان وزيرا للداخلية التى اغتيل فى ظلها بلعيد، تولى رئاسة الحكومة وتم تشكيلها واستقرت الأوضاع إلى حد ما دون أن تصل إلى ما نعيشه نحن، رغم أن الوضع الدينى بها يشبه إلى حد ما الوضع فى مصر. حتى ليبيا تعيش حالة شبه استقرار، والأوضاع بها تؤكد أنها تتجه إلى ذلك كون أن رئيس حكومتها على زيدان يسعى دائما إلى توافقات مع كل الاتجاهات حتى الوضع الدولى، وهو ما يسعى إليه أيضا عبد ربه منصور فى اليمن من محاولات لامتصاص غضب ثورة الجنوب . أما نحن فنعيش وضعا، يتم تخصيبه بشكل يومى، تخصيب أشبه بتخصيب اليورانيوم الذى يعتمد على عزل نظائر معينة من اليورانيوم الطبيعى للحصول على اليورانيوم المخصب على مراحل، ويتم فى كل مرحلة عزل النظائر غير المرغوبة ليزداد العنصر تخصيبا بعد كل مرحلة لحد الوصول إلى القوة المطلوبة، ففى كل يوم يسعى حزب الحرية والعدالة بطرق أشبه بالتخصيب لعزل النظائر أو كل ما من شأنه يدخل فى منافسة لهم، وبذكاء شديد لتصل قوة الإخوان إلى مرحلة التخويف من الانفجار الذى قد يهدم أى مجتمع . ولكن لا يعلم الإخوان أن عملية العزل الشديدة الذكاء التى تشبه عملية تخصيب اليورانيوم – غن صح التعبير – أنه قد يحدث الانفجار ليقضى على الأخضر واليابس . الشكوك تحيط كل شىء، حتى القوات المسلحة التى هى بوابة أمان المصريين، بل ولا أبالغ إن قلت العالم العربى، هناك شكوك فى السعى إلى تسييسها، وهى الأمل الوحيد للمصريين، ما حدث فى أزمة تسمم طلاب الأزهر، والذى أكدت مصادر أنه مدبر، ولا يوجد تسمم ولا غيره وأنها لعبة من بعض الشباب، لتنفيذ مخطط للإطاحة بالرجل الطيب الشيخ أحمد الطيب . حادثة الكاتدرائية المفتعلة، وأقول مفتعلة للتوقيت الذى تحدث فيه، تأتى وكأنها ضمن مخطط مرحلى لإشعال الفتنة بين المسلم والقبطى، لأنه منذ فترة لم تحدث أزمة، كل شىء أصبح يثير الريبة ويبعث على القرف من الوضع السياسى المصرى، فالحكومة تستنفد ما هو متاح من ثروات حتى نصل إلى مرحلة الانفجار، أو أن نسلم بالأمر بالواقع . انقسم الجميع، الحكومة فى اتجاه غارقة فى الفشل، وأحزاب فشلت حتى فى التعبير عن هويتها أو سياستها أو أهدافها، ولم تستطع الوصول إلى الشعب، وتيارات تتفتت كل يوم، سلفيون تحولوا إلى خمسة أحزاب ثم انتهت إلى ثرثرات على الفضائيات ولم يبق منها سوى تصريحات خائبة فى الحلال والحرام .. حرام!