بعد أن استشهد الإمام الحسين رضى الله عنه فى كربلاء، كانت الفاجعة اكبر من احتمال السنة قبل الشيعة، فعبر الشعراء عنها بأشعارهم، وروى القصاصون حكاية استشهاده فى شرق العالم الاسلامى وغربه، وعندما جاء الدور على الفنان المسلم ليصور المأساة بريشته، كان الزمان يشير الى القرن الثامن الهجرى الرابع عشر الميلادى، وتعتبر اقدم صورة ظهر فيها الامام الحسين تلك التى جاءت فى مخطوط «الآثار الباقية عن القرون الخالية» للبيرونى، الذى يُصنف وفقا للدكتور عصام الفرماوى -أستاذ الآثار والفنون الاسلامية جامعة المنيا- فى جامعة ادنبرة نسخة ابن القطبى سنة 707 ه الموافق 1307 م، حسب المدرسة المغولية. الدكتور عصام الفرماوي يتحدث عن الصورة الوحيدة التى ظهر بها الامام الحسين فى هذا المخطوط، والتى تعرف بصورة «المباهلة» او «الملاعنة» وهى خاصة بوفد نصارى نجران عندما جاء الي الرسول صلى الله عليه و سلم ودعاهم للاسلام وقرأ عليهم الآية الكريمة «الحق من ربك فلا تكن من الممترين ، فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» وبحسب ما رواه ابن هشام في سيرته فإن نصارى نجران قبلوا المباهلة، ثم رجعوا فاستقالوا الرسول فأقالهم، والمعنى انهم رجعوا عن قبولهم المباهلة وانصرفوا، ويشاهد فى الصورة مجموعتان من الناس، احداهما على اليمين تتألف من الرسول وعلى رأسه عمامة كبيرة مخططة والى جانبه ابنته السيدة فاطمة رضى الله عنها وابن عمه على بن ابى طالب كرم الله وجهه ومعهم الصبيان الحسن والحسين رضى الله عنهما، اما المجموعة الاخرى على اليسار فتتألف من ثلاثة اشخاص من نصارى نجران، وكما يبدو فإن الصورة كانت قبل استئذان وفد نجران ورفضهم المباهلة، وهذه تعتبر اول صورة يظهر بها الامام الحسين وتبدو ملامح الاشخاص فى الصورة ملامح مغولية او صينية وأبرز ما فيها العين المنحرفة بميل. ثم توالت بعد ذلك الصور خاصة فى المدرسة الايرانية التى ارتبطت بالشيعة والمدرسة التركية التى ارتبطت بالطرق الصوفية وحب آل البيت وجاء في خاتمة مخطوط « حديقة السعداء» المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم 81 تاريخ تركى – ترجمة تركية لكتاب «روضة الشهداء لمؤلفه حسين بن على البيهقى الشهير بالواعظى والمتوفى سنة 910 ه - 1504 م، ان الكتابة تمت بعون الله تعالى بقلم مير على الهروى المتوفى 953 ه - 1546م، ويقع المخطوط فى 250 ورقة و يشتمل على 17 صورة اهمها صورة العباس بن على بن ابى طالب يحضر الماء من الفرات بأرض كربلاء حيث احرق الامويون خيام الامام الحسين، الذى ارسل جماعة تطلب الماء من الفرات، و على رأسهم اخوه العباس الذى يرى فى الصورة على حصان اشهب و هو يروى ظمأ العطشى، فى حين يقف الامام الحسين ومن تبقى من آل البيت فى خلفية الصورة. وهناك صورة اخرى توضح احدى جولات معركة كربلاء ، وتمثل انضمام القائد الحر بن يزيد الى جيش الامام الحسين ، حيث اخذته النخوة العربية فترك الجيش الاموى، وانضم الى جيش الحسين، ونرى فى مؤخرة الصورة الامام الحسين و حول رأسه هالة نورانية، و يرتدى العمامة الخضراء، بينما يقف ابناء عمومته من بنى العباس الى جانبه بالعمائم السوداء. اما اهم صور المخطوط فتمثل استشهاد الامام الحسين، حيث قمة الفاجعة التاريخية حيث يرى فى مقدمة الصورة على اليمين كائن له اجنحة طائر وارجل اسد يقترب من الامام الحسين، ويقول له ( سلام عليك وعلى ابيك وعلى جدك) كما ظهر على يسار الصورة رجل بالغ المصور فى إظهار بشاعته وهو شمر بن ذى الجوشن الذى اعتلى صدر الإمام الحسين و جز رأسه الشريف!