هل يعد تمصير المسلسلات الأجنبية سرقة؟ أم اقتباسا مشروعا؟.. أسئلة عديدة فرضت نفسها بعد أن شهد شهر رمضان العديد من الأعمال الدرامية المأخوذة من أعمال أجنبية, فمسلسل "سر علني" هو نسخة ممصرة من "الهارب" للمخرج أندرو ديفيز كما أكد تقرير رقابة التليفزيون, وكذلك مسلسل "لحظات حرجة" مأخوذ عن المسلسل الأمريكي «ذا هسبيتل» ومسلسل "الباب في الباب" مأخوذ عن «الكل يحب ريموند»وغيرها من الأعمال الدرامية. الناقد طارق الشناوي يرى أن السبب الأول والأخير في قيام الكتاب بالاقتباس هو الكسل, ومحاولة اللعب في المضمون واصفا ذلك بالقصور لدي المبدعين في ابتكار أفكار جديدة. «العالم كله يوجد به اقتباس ولكن بنسب بسيطة وليس كما هو موجود في مجتمعنا», هذا ما عبر به الشناوى عن حال الدراما المصرية مشبها ظاهرة تفشى الاقتباس بالسرطان الذى يسرى في الجسم كله, مؤكداً أنه حتى فى تمصير الأعمال ليس لدينا كتاب على مستوى من الحرفية في الوقت الحالي. ويشارك الناقد سمير الجمل زميله الشناوى الرأى قائلا: قيامنا باقتباس أعمال أجنبية يدل علي إفلاس فكري في المقام الأول لدى المبدعين ولكن يجوز في حالة واحدة أن يأخذ عملا أجنبيا ويمصر إذا كانت الفكرة تستحق وتعبر عن واقع المجتمع المصرى تماما. الجمل تحدث عن المسلسلات التي تأخذ النهج الأوروبي والأمريكي بالقول: أرفض هذا فمثلا مسلسل «لحظات حرجة» يأخذ النهج الأوروبي والأمريكي ولهذا اضطروا أن يستكملوا هذا الشكل الأمريكي بأفكار وأخلاقيات تختلف مع مجتمعنا المصري والنتيجة كوارث فنية وأخلاقية علما بأن هذا المسلسل تكلف مبالغ مالية كبيرة في حملته الدعائية ومع هذا فشل. أما الناقدة ماجدة موريس فعبرت عن اعتراضها على رأى الشناوي والجمل قائلة: مسألة الاقتباس موجودة في العالم كله فالسينما الأمريكية نفسها كانت تأخذ من الألمانية فقضية الاقتباس أصبحت الآن مسألة عادية ومتعارف عليها في السينما ومركز صناعة الدراما. موريس أكدت أن الاقتباس لا يعني قصور المبدعين في الأفكار وأكبر دليل هو وجود مبدعين جدد في الدراما العام الماضي وهذا العام ومسلسلاتهم مميزة, مشيرة إلى وجود مبدعين لديهم القدرة علي تحويل الأفكار الأجنبية إلى مصرية كفيلم «أسكا فيلس» الأمريكي الشهير«الرجل ذو الندبة» تحولت إلى ثلاثة أعمال مصرية كان أهم هذه الأعمال فيلم «الإمبراطور» لأحمد زكي فقد حول الواقع الأمريكي بحرفية شديدة لواقع محلي وغيرها من الأعمال التي تحولت إلى مصرية. فيما يختلف الدكتور علي أبو شادي مع موريس ويقول: هناك فقر شديد في الأفكار والخيال لدى الكتاب المصريين ومن ثم يلجئون لهذه السرقة العلانية فضلا عن عدم وجود معايير لاقتباس من الأعمال الأجنبية, فالأمانة والموهبة هنا يلعبان دوراً مهماً . «الاقتباس ظاهرة سلبية في المجتمع المصري», هكذا يرى الناقد نادر عدلى ويؤكد أن عملية الاقتباس لا يتم تحويلها بشكل حرفي مميز ولهذا معظم الأعمال المقتبسة تبدو فارغة واستهلاكية أكثر مما هي إبداعية والسبب أن مصر لم توقع علي اتفاقية الملكية الفكرية العالمية والتى تنص على ذكر المصدر الذى أخذت الفكرة عنه وتسديد مبلغ مالى نظير الاقتباس كما أن الإنتاج يسمح بعملية الاقتباس. من جهته, أوضح المؤلف مجدي صابر أن ظاهرة التمصير والاقتباس ظاهر قديمة فالكثير من المسلسلات والأفلام العربية مأخوذة عن أجنبية, فالمسألة هنا أصبحت خاضعة لضمير الكاتب, ولكن لو أعيد طرح القضية والشخصيات بشكل يناسب المجتمع المصري فالاقتباس هنا مشروع مع ذكر مصدر الاقتباس ومع طرح رؤية جديدة وأرضية جديدة تراعي وتناسب المجتمع لكي تعطي مذاقا، إن الكاتب هنا بذل جهدا كبيرا لتحويل هذا العمل إلى مصري صميم. صابر يرى أنه لابد من وجود تشابه كبير بين العمل الفني الأجنبي الذي يتم تمصيره وبين واقع المجتمع المصري حتى يكون هناك مصداقية وواقعية وينجح العمل الفني فمثلا فيلم «زقاق المدق « لنجيب محفوظ تحول لفيلم مكسيكي ومع هذا الفيلم كان رائعا لوجود تشابه بين بعض القيم لدي المجتمعين والشخصيات. وفي محاولة للدفاع عن نفسه.. يقول أحمد سمير فرج مخرج مسلسل «الباب في الباب»: إخراج المسلسل يتم بطريقة أمريكية وبإشراف من خبراء أمريكيين لتناسب العمل ويكون العمل مقبولاً من المجتمع المصرى. غير أن المخرج عمرو عرفة يختلف مع فرج قائلاً إن لكل عمل طريقة إخراج والمخرج ينبغي أن يصل لطريقة إخراج مختلفة عن الأجنبي حتى لا يشعر المشاهد بالتقارب والاقتباس.