أسقط الاتفاق الذي وقع بين مصر وروسيا لإقامة محطة الضبعة لإنتاج الطاقة النووية، الذي حضره الرئيس عبد الفتاح السيسي الخميس الماضي، كل التوقعات الخارجية التي كانت تراهن على تقاقم أزمة الطائرة التي سقطت في سيناء وعلى متنها 223 مواطنا روسيًا، ما أكد عمق العلاقات بين الدولتين التي تمتد إلى عدة عقود، وأثمرت مشروعات جادة لصالح الشعبين. ولم يدر بخلد الذين راهنوا على أنه ليس من السهل تجاوز الأزمة التي أدمت قلوب ملايين الروس، أن العلاقات الروسية المصرية كثيرًا ما تعرضت لأزمات، أبرزها قرار الرئيس السادات بطرد الخبراء الروس الذين ساهموا في تدريب القوات المسلحة المصرية؛ إرضاء لأمريكا التي كان السادات يصر على أن بيدها 99٪ من أوراق اللعبة.. واعتقد أنها ستسانده في مواجهة إسرائيل، متناسيا أن أمريكا تعتبرها ولاية أمريكية.. ولن تتخذ معها موقفا محايدا. وتوقع العديد من الخبراء.. أن القطيعة بين مصر وروسيا ستستمر إلى الأبد.. وتبين أن العلاقة بين البلدين أقوى بكثير من الخلافات السياسية بين الزعماء. لقد نزع الرئيس عبد الفتاح السيسي فتيل الأزمة الأربعاء الماضي، باتصاله بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتأكيده على أن مصر تتفهم مدى الآلام التي أصابت الشعب الروسي الصديق جراء حادث الطائرة، وأن السلطات المصرية تتعاون مع نظيرتها الروسية في كل مراحل التحقيق. وواصل الرئيس السيسي رسائله إلى الشعب الروسي، عقب توقيع اتفاقية إقامة محطة الضبعة النووية، فأكد على أن المصريين جميعا يشاركونهم أحزانهم.. وستعمل الأجهزة الأمنية في البلدين على تعقب الجناة، وهو المطلب الذي يتجمع حوله الشعب الروسي. والأمر المؤكد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لم يكن ينتظر أن تتعرض العلاقات المصرية الروسية لأزمة عنيفة، في هذا التوقيت بالذات؛ حيث يشتد الحصار العالمي حول موسكو، ولكن الحادث الذي اعتبره بوتين، أنه يعد من أكبر الأعمال الإرهابية وأكثرها دموية في تاريخ بلاده، دفعه لاتخاذ إجراءات ترضي شعبه الغاضب، وأرد به أن يهدئ من آثار الصدمة التي أصابت مواطنيه.. دون أن يتعرض لمصر بكلمة تدينها.. ويوافق على اتفاقية محطة الضبعة النووية.. ويترك للسيسي مهمة طمأنة الشعب الروسي.