«لا يزال الخير فىّ،وفى أمتى إلى يوم القيامة»،هكذا تحدث النبىُّ الكريم، قبل أكثر من 14 قرنا، وهكذا هم المصريون يفعلون، متأسين فى ذلك، بهدى نبيهم وخلفائه الراشدين، فى معاملة غير المسلمين، فالخير دائما وأبدا موصول بين مسلمى مصر وأقباطها، ولا يزعزع تلك العلاقة أبدا،غباء الفئات الضالة المضلة، من هنا، أو من هناك.. فى قرية «عبيد»، بمركز «أبو قرقاص»، فى محافظة المنيا، شمال صعيد مصر، التى لا يزيد عدد قاطنيها على 45 ألف نسمة، من بينهم 6 آلاف قبطى،خرج من بين ظهرانيها خمسينى مسلم، ليتكفل ببناء كنيسة إنجيلية،بعدما تبين له، ضيق مساحة الكنيسة الكائنة بالقرية، حتى أنها لا تستوعب أعداد المصلين، الذين يترددون عليها. فى بادئ الأمر، بدا طارق نجيب، ذو الاثنين والخمسين عاما، متحفظا فى الحديث معنا عن صنيعه الوطنى، مبررا «لقد فعلت ذلك، محبة منى لأهل قريتى الأقباط، لا أبغى من ورائه جزاء أو شكورا، ولا أريد نفاقا أو مراء»! قلتُ له: «فقط نريد أن نسلط الضوء على مثل هذا الأمر، حتى يكون أسوة حسنة، لأصحاب القلوب النقية، والضمائر السوية، وإخراسا ،للمزايدين ومشعلى الحرائق، وصناع الفتن». فلما تبين له أنه الحق، تحدث «طارق نجيب»،ل«فيتو»: نعم، قررتُ التبرع لبناء كنيسة إنجيلية، إيمانا منى بواجبى تجاه أبناء قريتى من الأقباط، بعدما لاحظت ضيق مساحة كنيستهم،حتى أنها لا تتسع للمترددين عليها». مضيفا: «من حق أى مواطن أن يؤدى طقوس دينه فى دور العبادة، فإذا عجزت الحكومة عن الوفاء ببناء وترميم دور العبادة اللازمة، وجب علينا جميعا أن نتكفل بهذا الأمر، فكما أن هناك آلاف المساجد، فلا ضير، من أن يكون للأقباط دور العبادة التى تحتويهم..». ولكن كيف واتته الفكرة، ولماذا الآن؟ يجيب «طارق نجيب»: «تلقيتُ دعوة للإفطار فى شهر رمضان الماضى، بكنيسة قريتى، فساءنى ما رأيت، وأشفقت على إخوتى الأقباط من أبناء قريتى، كيف يحتشدون فى هذا المكان الضيق،ويؤدون طقوسهم ويمارسون شعائرهم،فتحدثتُ مع القس نبيل صموئيل، راعى الكنيسة الإنجيلية بالقرية، وعضو المجمع الإنجيلى بالمنيا، وعبرت له عن استعدادى للتبرع لبناء كنيسة إنجيلية، فوجدتُه مبتهجا سعيدا، ما ضاعف إصرارى على استكمال المشوار إلى آخره..». وقال «نجيب»: إنه تأسى فى هذا الأمر، بأمير المؤمنين «عمر بن الخطاب»،الذى ضرب مثالا تاريخيا رائعا، فى التعامل مع الأقباط، حيث أمّن الأقباط على دينهم وكنائسهم، ورفض الصلاة فى الكنيسة. ويرى أنه لم يبتدع أمرا جديدا، بل إنه سلك المسلك، الذى يجب أن يتبعه جميع المسلمين، مع جميع الأقباط، فى مشارق الأرض ومغاربها. واختتم «طارق نجيب»،حديثه إلى «فيتو»،بأنه يأخذ على القس صموئيل، أنه أشاع الأمر بين أهالى القرية، وكان يريد أن يبقيه سرا، لا يعلمه سوى الله.