على مقهى بلدية مكتظة بالرواد بحى السيدة زينب بالقاهرة، وقف المخرج المبدع "مظهر أبو جاموس" يضبط كاميراته المحمولة والثابتة بأرجاء المكان ويوجه فريق العمل، استعدادا للنقل الحى المباشر للبرنامج الكبير المثير للجدل في جميع الأوساط الثقافية والاجتماعية والصحفية "ملح الأرض"، والذي يقدمه بلدياتنا المعلم المهم جدًا فتّوح المفتّح، حيث يتناول فيه مشاكل الطبقات الفقيرة الكادحة بل والمطحونة من أبناء هذا الوطن المنسيين، أولئك الذين لا يجدون لهم صوتًا ليعبر عن معاناتهم اليومية وآنّاتهم المكتومة. يبدأ البرنامج بالتتر الذي يظهر جليًا للمعلم فتوح وبقية الرواد على الشاشة ال " l c d" الكبيرة التي وضعت في ظهر الكاميرات والتي عادة ما يتابع عليها الرواد مباريات كرة القدم، وصوت المطرب المحبوب - المطحون سابقا - محمد منير يصدح بكلمات التتر قائلا: إدينى طول وشوية عرض إدينى فرصة أكون بجد بطل تشوفني ما تشوفش حد وخد لى بالك دا أنا ملح أرض ****** تملى قابل ما باقولش لأ لو حتى رأسي يندق دق بس النهاردة كفاية لأ يا شمس طلي شبعنا برد يبدأ المعلم فتوح البرنامج بقوله: أعزائى المشاهدين الواقفين قدام الشاشة والمقعمزين، واللى في الغيطان هاجعين، أو في البيوت ناجعين، واللى على صرصور ودانهم نايمين، ألفين كلوب منور على عيونكم السهرانين وأهلا ومرحبا بكم في برنامجكم المحبوب [مِلْح الأرض] الذي يقدمه بلدياتكم وأخوكم المعلم فتوح المفتح اللى هو آنى طبعا، نبتدى البرنامج بعد الصلاة على النبى ونقول: من خلال اللى إحنا عايشينه من أيام ضلمه، وبلاوى زرقة، وموارد محدودة، وشغلانة سودة، لطّمت الكبار، وشيّبت الصغار، حتى حس كل واحد منهم أنه جحش أو جايز حمار، فمطرح ما يولى إنسان الزمان ده وجهه أو قفاه، يلقاها مقفولة ولا حول ولا قوة إلا بالله، حتى تسنكحت الحريم ويئس الوِلْد وأدمن الشباب، في محاولة لتحسين وجه الحياة الهباب، في ظل أمل مفقود، لا يأتيهم نوره حتى ولو من خرم باب، حتى أحس الجميع بالفشل، وأن خيبة الأمل راكبة جمل، وتساءل القاصى والدانى عن العمل لذا ولكل (هاتيك المجالي) كان لابد لهذا البرنامج الألمعى ذى الطبع المهلبى أن يظهر بالصلاة على النبي، وهو برنامج عبارة عن مجموعة قصص تحكى كل قصة تجربة قام بها صاحبها وانتهت نهاية مقندلة ومطينة بطين، بعيد عن السامعين، وهى في معظمها تجارب لأشخاص قليلى الحيلة، ومنيلة بستين نيلة، وليس الهدف منه زيادة حالة الإحباط العام، وليس هو برنامج والسلام، ولكنه ذو فلسفة خاصة مفادها أنك إذا اطلعت على أحوال الغلبانين الذين ملح هذه الأرض بجد، وعرفت كيف ولماذا حاق بهم ما كانوا يعملون، ربما نجوت من هذا المصير الملعون، إذًا فهو برنامج يشاهده الناجحون، وليس "كله عند العرب صابون"، وعملا بالقول السائر عند "اسوداد الليل ينبلج الفجر" ويا بوى ع الليل وآخره، فنحن هنا نحاول أن نؤكد أن عمر الفسيخ ما هيبقى شربات ولا العلقم سكر نبات، وإنك لازم تشتغل على نفسك وتبطل سكات، والأجر والثواب عند الله واستعنا على الشقا بالله. أول حكاية معانا هي حكاية الشاب الغلبان بخاتى عليش، اللى نفسه هفته يا ولداه في لحظة طيش، على رغيف من رغفان العيش، يا ترى إيه اللى جرى له، وإيه اللى حصل معاه، ده اللى ها يقوله لنا أخوكم أمجد المغنواتى لما يحكى لنا حكايته... يا مغنواتى غنى حكاياتنا ع الربابة... يبدأ أمجد المغنواتى بالتمايل على ألحان الربابة الحزينة ثم يشدو بالغناء قائلا: "طابور العيش" في لحظة طيش بخاتى عليش طابور العيش لقاه فاضي وقف قدام وقال يا سلام هانمشى قوام وأعود راضي طابوره طال وضاق به الحال قلب موال دا شيء عادي خناق وزعيق ما حد بريء وكل فريق عمل قاضي سويط نسوان وزيطة كمان ف قلب لومان ما كان فاضي قعد محتار وليله نهار طلع له قرار ما هوش عادي بأنه عميل وباعه طويل قتله قتيل وكان سادي قطع له أيديه فقع له عينيه وتف عليه وراح ماضي وإنه كمان من الإخوان مع الأفغان ومش راضي عن الحكام وكان له كلام ف قلب نظام في إعدادي ونخرج فاصل ونجيلكم تانى __ اقطع يا ولد --- ورجعنا لكم تانى بعد الفاصل اللى قطع قلوبنا وقلوبكم فيه أخونا أمجد بعد ما غنى حكايتنا وحكياتكم ع الربابة، والحكاية التانية اللى معانا الليلة دى هي حكاية واحد بلدياتنا اسمه حسنين قبيصى وهو يا عينى يا ولداه شاب غلبان مسكين رباه أبوه على الشرف والأمانة اللى ما ورسش غيرهم من أبوه أبو الشرف قبيصي، ما فيش أحسن من الاستقامة يا ولدي، هي دى الكلمة اللى كان دايما يوصيه بيها المرحوم قبل ما يفلسع، وبوس النعمة وحطها جنب الحيط، وأحسن كما أحسن الله إليك، ويا بخت من بات مغلوب ولا باتشِ غالب، لا يحقد ولا يحسد ولا يرجو غير مولاه والظالم منه لله، لا يترك فرضا إلا ويصليه حاضرا في المسجد ومع ذلك كل ده ما شفعلوش لما هجموا عليه الوحوش، ونروح تانى لأخوكم أمجد المغنواتى ونقول له... يا مغنواتى غنى حكايتنا ع الربابة: " يوميات شاب سريّح " راحت وزارة وجت وزارة ما حد قلّى إيه العبارة! دى أصل حاجة سياسة عليا وأنا كبيرى أعبى سوبيا أدور في شارع وألف حارة وأفز وأهرب آخر شطارة من الحى لما يكون في غارة بس المقدر جماعة عسكر جابتنى إيدهم في تانى حارة شاويش وكرشه زى المغارة شنابه ليفها تقول دبارة قلّى بعظمته آخر جسارة تِكُعّ دمّك تعدى لأمك باخد بريزة وكام سيجارة يادوب دى شايى أنا وعساكري لو حد غيرك ما أسيبه يجري دا أصل قلبى أنا انفتح لك وطيبتى برده يا بو سمارة يا نسيب قانونك يزيد شجونك في الحبس تاكل عدس وبصارة كلامه مقنع لو ميت غباوة بكع وادفع آخر حلاوة في ثانية وارجع على البلاطة العين بتبكى والكل طاطا يا مصر يا مّه إيه اللى نابك؟ ما دول ولادك ودول ولادك!! ولا انت ليكى اللى قصادك؟ مكتوب نعيشها فيكِ بقساوة؟ راحت وزارة وجت وزارة وهيّ هيّ نفس العبارة يتأثر رواد المقهى جدًا بالحكايتين ويأخذون في هتاف مستمر "بالدم بالروح.. نفديك يا فتوح" ليفاجأ الجمهور وجموع الحاضرين بقوة كبيرة من قسم السيدة زينب تقتحم المقهى وتقبض على الجميع بتهمة تأليب الرأى العام، والتظاهر دون تصريح !!!