عشرات السيارات المصفحة .. آلاف من قوات الحرس الجمهوري والشرطة .. ومئات من أفراد الأمن الخاص المدججين بأحدث أنواع الأسلحة، كان هذا هو موكب الرئيس «الإخواني» محمد مرسي يوم الخميس الماضي عقب عودته من زيارته للصين وإيران والذي قام التليفزيون المصري بقطع الإرسال فجأة لينقل إلى المشاهدين صورة من «طريق المطار». مرسي الذى قال غير مرة إنه لا يخشى إلا الله ، تبدل حاله في أيام معدودات من حكمه وجلوسه على عرش مصر، فمن شاهدوا مرسي في ميدان التحرير في أول خطاب له فور إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية وتحديدا المشهد الذي يفض فيه يد حراسه لكى يلتحم بالجماهير، سيصاب بالصدمة حين يري موكبه الخميس الماضي، المدجج بآلاف الضباط والجنود والسيارات المصفحة والمدرعة، وكأن موكب الرئيس المخلوع حسني مبارك قد عاد من جديد إلى شوارع القاهرة ليعطل حال المرور ويوقف حال البلاد والعباد، فما الذى جري للرئيس مرسي كى يقتفي أثر سلفه مبارك؟.. هل صحيح أن كل من يجلس على كرسي الحكم يصاب ب «لعنة الفراعنة» ليتحول إلى «ديكتاتور» أو «فرعون جديد» ؟ .. أم أن من «تحسبه مرسي يطلع فرعون» ؟! الإجابة جاءت على لسان مصدر مطلع فى الحرس الجمهوري -طلب عدم ذكر اسمه- حيث قال ل «فيتو»: «الرئيس مرسى عندما وقف في ميدان التحرير وفتح صدره أمام حشود المتظاهرين كان يتعامل بحماسة وتلقائية, لشعوره بالأمان والاطمئنان نظرا لوجوده وسط أنصاره من الإخوان الذين احتشدوا في الميدان لحمايته والاحتفال بفوزه, ولكن بعد أن تجرأ البعض على الرئيس لدرجة إلقاء الحجارة علي موكبه عقب جنازة شهداء رفح وتعرضه للشتم والسباب كان لابد من التعامل مع تأمين الرئيس بشكل مختلف». المصدر أوضح أن قرارات مرسى بإقالة مدير أمن القاهرة, وقائد الحرس الجمهوري، وقائد الشرطة العسكرية وعدد من القيادات الأمنية الأخرى، كانت البداية الحقيقية كى تختلف إستراتيجية تأمين الرئيس، حيث خشيت القيادات الأمنية الجديدة المنوط بها تأمين الرئيس من تعرضها هي الأخرى للإقالة فأصبحت تشدد الحراسة على الرئيس خاصة أن تحركاته كثيرة, وهو ما جعل المواطنين يشعرون بالحراسة لأنهم يرونها كثيرا. «تحركات الرئيس مرسي تكلف الدولة ما لا يقل عن عشرة ملايين جنيه شهريا « .. هكذا أكد المصدر، موضحا ذلك بأن هناك أكثر من مرحلة لتأمين موكب الرئيس، حيث تقوم إحدى الفرق الأمنية بتأمين الطريق الذي يمر به الموكب وتفتيش المنطقة المقرر أن يزورها الرئيس قبل موعد الزيارة بساعات, وبعدها بست ساعات تذهب قوة أخرى للتأكد من سلامة التفتيش الأول، ويلي هذا انتشار قوات الشرطة وخبراء المفرقعات, وهذه المراحل تكون قبل مرور موكب الرئيس، أما أثناء تحرك الموكب فهناك ما لا يقل عن 13 سيارة مجهزة إلكترونيا لرصد أية اتصالات، أو مفرقعات على مسافة 3 كيلومترات, بالإضافة إلى وجود سيارتي إسعاف ومطافي. وعن القوات المنوط بها تأمين منزل الرئيس، قال المصدر: «هناك 4 سيارات أمن مركزي أمام منزل الرئيس مرسي بالإضافة إلى سيارتي مطافي وإسعاف». وقارن المصدر بين الوضع التأمينى لموكب الرئيس الآن وأيام المخلوع مبارك, موضحا أن تحركات مبارك كانت أقل من مرسي لكنها كانت تحظى بإجراءات أمنية مشددة، كما أن عملية تأمين تحركات سوزان مبارك كانت تكلف الدولة حوالى 3 ملايين جنيه شهريا، أما الآن فتحركات مرسي تكلف الدولة نحو 10 ملايين جنيه شهريا على الأقل، فى سياق متصل، قال مصدر أمني: «إن مرسى هرب من ضجيج المظاهرات أمام قصر الاتحادية, رغم أنه كان قد أعلن من قبل أن بابه لن يغلق في وجه أحد», مشيرا إلى أن حى عابدين قام بحملات نظافة للطرق, ودهان للأرصفة وقص للأشجار وزراعة للمناطق التى يزورها الرئيس مرسي قبل زيارته لقصر عابدين ب 24 ساعة, كما قامت قوات الأمن بتأمين الأسطح, بالإضافة إلى انتشار القوات الخاصة والمدرعات والكلاب البوليسية أمام القصر, وهو ما كان يحدث أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك. وبحسب المصدر، فإن موكب الرئيس الذى صاحبه إلى قصر عابدين تكون من 30 سيارة، وقد سبقه فرقة من القناصة لمراقبة الوضع, فضلا عن مجموعة من الكلاب البوليسية مهمتها رصد المفرقعات بالمرور على جمع السيارات الموجودة بالشوارع المحيطة بالقصر. «الرئيس بدأ مرحلة الديكتاتور الذي لا يسمع» .. هكذا قال الدكتور محمد هاشم بحري، رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر, مستشهدا على ذلك باختيار مرسي مجموعة من المستشارين والمعاونين له فى الفريق الرئاسى الذين لن يناقشوه. بحرى أوضح أن حماسة مرسي فى ميدان التحرير انتهت بعد أن دخل القصر وتحرك فى المواكب الرئاسية, حيث تحول من المواطن العادي الذي جاء من الشارع إلى الرئيس الآمر الناهي، مشددا على أن أخطر ما يقوم به البعض هو التهليل للرئيس على أى قرار يتخذه دون أن يتم مناقشة هذا القرار سواء كان قرارا مصيبا أو خاطئا, وهو ما يؤدى إلى شعور الرئيس بأنه شخص ملهم لا يخطئ, حتى وصل الأمر لقول أحدهم إن مرسى هو سادس الخلفاء الراشدين». واختتم بحري كلامه قائلا: طريقة تعامل البعض مع الرئيس وقراراته تصنع منه ديكتاتورا جديدا, لأن عدم مناقشة قراراته والسير بسياسة القطيع الذى يهلل دائما للرئيس ستجعل منه حاكما مغرورا أو فرعونا جديدا».