عاكف وبديع يرفضان مفاوضات " أبو العلا ماضي".. و"الكتاتني" يقود فريق الموافقة الشاطر يعمل وفقا لقاعدة "الحرب خدعة".. وخناقة فقهية بين "السرجاني" وتلميذ "القرضاوي" قبل أن تقرأ انفردت "فيتو" الأسبوع الماضي بالتفاصيل الكاملة للصفقة التي تتم داخل أسوار سجن طرة لإجراء مصالحة مع جماعة الإخوان، وكشفت أيضا مراحل الصفقة التي تبدأ بالإفراج عمن عاونوا الجماعة كمجموعة حزب الوسط وبعض المقربين من قيادات الإخوان ومن ثم استكمال المصالحة عبر الإفراج عمن لم يتورطوا بشكل مباشر في أعمال عنف وإرهاب وترويع المواطنين. وعلى الرغم من أن بنود الصفقة لم تكتمل بعد إلا أن رياح الانشقاقات ضربت "خيمة الإخوان"، وحدثت خلافات بين قيادات الداخل والخارج في جماعة الإخوان حول القبول بالصفقة أو بمعنى أدق الدخول ضمنها وإجراء مصالحة تضمن للجماعة العودة للعمل في الشارع مجددا دون مضايقات لحين تصحيح وجهة نظر الرأي العام في الإخوان ومن ثم البدء في التوغل داخل المؤسسات وخوض غمار الانتخابات البرلمانية المقبلة والاستعداد للانتخابات الرئاسية المقبلة. بمجرد أن علمت قيادات الإخوان المتواجدة بالسجون خاصة سجن طرة تفاصيل ما يتم بين قيادات حزب الوسط وجهاز سيادي يقود مفاوضات المصالحة بدأت عملية تخوين "أبو العلا ماضي" مؤسس حزب الوسط ورئيسه المحبوس حاليا في طرة. المثير في الأمر أن ما أغضب معظم قادة الإخوان ليس تفاوض "ماضي" لكنهم غضبوا لانفراده بالتفاوض دون إبلاغ قيادات الإخوان والاستئذان منهم قبل بدء عملية التفاوض، وكأن الرجل ما زال عضوا بجماعة الإخوان وعليه الالتزام بمبدأ السمع والطاعة وإخبار القادة بكل صغيرة وكبيرة. "عاكف وبديع" يرفضان.. و"الكتاتني" زعيم "الموافقة" وفي ذات الوقت حدث انشقاق بين قادة الإخوان حول المصالحة مع النظام فمنهم فريق يتزعمه المرشد السابق محمد مهدي عاكف والمرشد الحالى الدكتور محمد بديع وهذا الفريق يرفض مجرد التفكير في الأمر ويرى أنه لا بديل عن انسحاب الرئيس عبد الفتاح السيسي من المشهد السياسي قبل الحديث عن أي مصالحات أو تفاهمات، وهذا الفريق يرى أن الرئيس السيسي هو السبب الوحيد للأزمة ولابد من إبعاده من الرئاسة أولا ومن ثم يمكن التفاوض حول إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يكون الإخوان لهم حق الدفع بمرشح فيها مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الإفراج أولا عن قادة الإخوان المتواجدين في السجون وإسقاط التهم عنهم وإسقاط الأحكام التي صدرت بحق بعضهم. الفريق الثاني ويتزعمه الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب السابق وهذا الفريق يرى أن الجماعة ليس أمامها بدائل كثيرة وعليها القبول بأي مبادرات مصالحة والدخول ضمن النسيج الوطني مرة أخرى. ويرى هذا الفريق أنه على الجماعة التعامل وفقا للمتاح فالسيسي هو الرئيس الحالي للدولة وعلى الإخوان القبول بذلك الأمر والعودة للحياة السياسية والاعتراف بأخطاء الماضي والتعهد بعدم تكرار هذه الأخطاء، مع عدم التفكير في خوض أي انتخابات تجرى لمدة 10 سنوات مقبلة تعمل الجماعة فيها على إثبات حسن نواياها. ويرى هذا الفريق أيضا ضرورة إصدار بيانات واضحة تدين أعمال العنف والإرهاب وتتبرأ منها بشكل واضح وصريح، لغسل يد الجماعة من هذه الأعمال وتبرئة ساحتها أمام الرأي العام الذي بات ينظر للإخوان كونهم وراء جميع العمليات الإرهابية التي تتم. فريق ثالث ظهر داخل طرة يقوده المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة، وهذا الفريق يعمل وفقا لقاعدة "الحرب خدعة"، فالشاطر يرى أنه على الجماعة ترك الباب مفتوحا لقبول أي مبادرات مصالحة على أن تستفيد الجماعة من ذلك بقدر الإمكان. فالشاطر وفريقه يريان أن قادة الجماعة لن يخرجوا من السجون إلا بصفقة تتم مع النظام الحاكم، وأن هذه الصفقة يجب أن تتم بشكل عاجل لأن تأخيرها يعني ضياع الكثير للإخوان. هذا الفريق يشجع إجراء صفقة أو مبادرة للعودة مجددا للعمل السياسي ومحاولة خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة سواء ضمن تحالف انتخابي متواجد أو إقامة تحالف انتخابي جديد، مع البدء في تخطيط الإخوان للانتخابات الرئاسية المقبلة والدفع بمرشح لا ينتمي تنظيميا للجماعة لكنه من المؤيدين والداعمين لها. الاختلاف الفقهي خارج أسوار "طرة" كانت هناك معركة أخرى أكثر احتداما من تلك التي تدور بداخله، لأنها معركة فقهية حول تأصيل مسألة التصالح مع النظام، وفي هذه المعركة تبارى فريقان كل فريق منهما يحاول إثبات وجهة نظره عبر استخدام نصوص سواء من القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية، للدرجة التي حدث فيها خلاف كبير للغاية بينما كان سريا خرج للسطح وخرجت معه اتهامات بالتخوين والعمالة للفريق الذي يرى أن المصالحة تتوافق مع كثير من النصوص. الفريق الأول يقوده الدكتور راغب السرجاني الداعية الإسلامي الذي دافع عنه الإخوان كثيرا في السابق، وبدأت المعركة بمجرد كتابة السرجاني مقالا تحت عنوان "والله أعلم بالظالمين" والذي يدعو فيه إلى طاعة الحاكم ولو كان ظالمًا درءًا للفتنة. وقال "السرجاني" في مقاله إن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أمر بالتعامل مع الحاكم المسلم الظالم بطريقة مغايرة تمامًا مع التعامل مع الحاكم الكافر، مشيرًا إلى أنه -أي الرسول - لم يُعْلِن الجهاد في حياته إلا على الكفار الصرحاء، وليس هناك استثناء واحد لذلك في سيرته. واستشهد "السرجاني" على صحة قوله بحوار دار بين النبي - صلى الله عليه وسلم- والصحابي حذيفة بن اليمان وكان نص الحوار: روى مسلم عن حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ، فَجَاءَ اللهُ بِخَيْرٍ، فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: "يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ". قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ". وهو المقال الذي واجهه أنصار الفريق الثاني الذي يرى أن في المصالحة مخالفة فقهية صريحة بهجوم ضار وصل لاتهام الرجل بأنه يريد أن يصبح وزيرا للأوقاف ويقدم السبت للرئيس السيسي ليختاره للمنصب. "القرضاوي".. "إمام الرافضين" أما عن هذا الفريق الثاني فيقود الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يقيم في قطر ويحظى برعاية "موزة" والدة الأمير القطري، لكن القرضاوي لم يدخل بنفسه في هذه المعركة بل دفع بذراعه اليمنى "عصام تليمة" ليرد فقهيا على دعوة "السرجاني". "تليمة" استخدم موقع "الجزيرة مباشر مصر" ليكتب تحليلا يرد فيه على مقال "السرجاني" معلنا أن الفقه والنصوص لا تؤيد التصالح، ليس ذلك فحسب بل إن "تليمة" أساء للسرجاني على الرغم من أنه قال في بداية مقاله "مع كامل تقديري للدكتور راغب وكل صاحب طرح في هذه الآونة". ويرى "تليمة "أن كثيرا ممن طرحوا التصالح فقهيا وقعوا في خطأ علمي كبير، فهم خرجوا – من وجهة نظره- من إطار الدعوة إلى إطار البحث العلمي. وأضاف "تليمة" بقوله: الدكتور راغب رجل معني بدراسة التاريخ، وهذه الدراسة لا تؤهله إلى تناول أحكام فقهية، ولا الغوص في نصوص من القرآن والسنة، خارجا منها برأي علمي في الفقه السياسي، فأدوات الداعية والمؤرخ غير أدوات الفقيه والباحث العلمي تماما، وشتان بينهما في الأدوات، والعمق، والتناول، مع أهمية دور كل منهم، لكن كفة الفقيه والباحث أثقل وزنا، وأعمق، لأن كلامهما يوزن بميزان علمي ليس سهلا، وهو ما لا يدركه عامة الناس للأسف، فربما تلقفوا رأيا واهتموا به، بينما صاحبه لا يعول عليه في باب الفقه والبحث العلمي الشرعي. ومضى "تليمة" في تشريح "السرجاني"قائلا: فمن الأمور التي نأخذها على الدكتور راغب هنا هو دخوله في حلبة الأحكام الفقهية وهو يقينا ليس فارسا فيها، ولا أظنه يوما ادعاها، فمن ذلك خلطه في مقاله بأن هناك فرقا في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الظالم الكافر ومن الظالم المسلم، ففي الأول جاهد ضده جهادا بالسيف، وفي الآخر، اكتفى بالأمر بالصبر عليه، والسمع والطاعة له، وهو كلام ينطوي على مغالطات كبيرة، وجهل صارخ بنصوص القرآن الكريم والسنة، فلو أن الدكتور راغب كلف نفسه عناء البحث لا أقول في كتب الفقه والتفسير، لكن يكفيه أن يعود لكتاب واحد هو (زاد المعاد) للإمام ابن القيم، والذي قسم الجهاد إلى ثلاث عشرة مرتبة، منها ثلاث في جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات، باليد، فإن عجز انتقل إلى اللسان، فإن عجز جاهد بقلبه. (انظر: زاد المعاد (3/9-11)) وأكمل بقوله: الدكتور راغب يخلط بين القتال بالسلاح، والجهاد، القتال يا عزيزي لون من ألوان الجهاد، الجهاد هو بذل كل جهدك في مقاومة الظلم، سواء كان ظلما من كافر أم من مسلم، العجيب أن من يطالب الناس بالسمع والطاعة لهذا الظالم مثلا، ينسى أن الحديث بين أنهم شرار الخلق، وأنهم شياطين في ثوب إنس، فهل اعترفتم بداية بظلمهم، وأنهم شياطين، عملا بنص الحديث الذي وصفهم بذلك؟!! والحقيقة أن رجال "القرضاوي" استطاعوا أن يشوهوا السرجاني عبر مواقع التواصل الاجتماعي رغبة منهم في تبيان أن رؤيته الفقهية خاطئة وتعارض الإسلام! "إخوان أنقرة".. "عزت" يستنجد ب"أردوغان" في تركيا حيث يقيم معظم قادة الإخوان يبدو الوضع واضحا للغاية لا شوائب تحيط به، فإخوان مصر المقيمون هناك أعلنوا رفضهم القاطع لأي مبادرة مصالحة مع السيسي واشترطوا قبل الحديث عن أي مبادرات استقالة السيسي وإعلان خلو منصب الرئيس! وكان في مقدمة هذا الفريق الدكتور محمود عزت مرشد الجماعة خارج السجن الذي يتولى مهام الدكتور محمد بديع مرشد الإخوان المحبوس حاليا. واستند "عزت" في رفضه إلى أي صفقات أو مبادرات للتصالح لرؤية رجب طيب أردوغان الرئيس التركي الذي أعلنه أكثر من مرة أن تركيا لن تعترف بالسيسي مطلقا وقال لقادة الإخوان الذين يحظون برعايته ودعمه في قصور تركيا: لا بديل عن الإطاحة بالسيسي!