كل الدلالات تشير إلى أن الفلسطينيين يمثلون أهمية كبيرة على جدول الأعمال الإسرائيلى، برغم الملل الذى يبدو من جانب الجمهور ورجال السياسة بخصوص هذا الشأن، هنا يتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلى عن السلام وهناك طلب من جانب الائتلاف الحكومى لاستئناف المفاوضات، وهنا تقترب زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما وفى الخلفية ينهار الوضع الراهن الهادئ فى المناطق المحتلة، والانتفاضة الثالثة تمثل خطراً أكثر من أى وقت فى أى تشكيل ائتلافى سيتكون فإن حكومة نتنياهو القادمة ستبحث طريقها لاستئناف المحادثات مع الرئيس الفلسطينى "محمود عباس"، كما أن الضغط الدولى والغضب على الأرض يقود إلى استئناف المحادثات. ولكن نفترض أن المحادثات سيتم استئنافها إذن، على فيما يتحدثون هناك، المعادلة القديمة أن الأرض مقابل السلام بعيدة أكثر من أى وقت مضى، نتنياهو يعترض على أى تنازل إقليمى بتبرير أن أى مكان ستخليه إسرائيل سيتحول إلى قاعدة إرهابية إيرانية ويصر أن الجيش الإسرائيلى سيواصل البقاء فوق نهر الأردن ويسيطر على الحدود الخارجية لفلسطين، إن تقلبات الربيع العربى وخطر انهيار النظام الحاكم فى الأردن تدعم موقف نتنياهو القائل بأنه "لا داعى للمجازفة الآن"، وإجلاء المستوطنات لا يبدو مخرجا مريحا لنتنياهو، كما أن الائتلاف الخاص به سيجد صعوبة للقيام بمهامه وأعضاء حزبه سوف يثورون ضده وسيكون رد الفعل الفلسطينى يفتقر إلى الحماس، ونتنياهو سوف يذهب نحو هذا الاتجاه فقط إذا واجه إملاءً أمريكيا وهو ما حدث مع أرئيل شارون فى عام 2003 وفك ارتباطه عن غزة وذلك بشهادة مستشار شارون "دوف فايسجلاس". إذن لم يحدث انسحاب أو إخلاء فما الذى سيبقى؟ الذى سيبقى شىء واحد سوف يحدث هو مفاوضات حول الاعتراف الإسرائيلى الأمريكى بدولة فلسطين والتى تم الإعلان عنها فى الجمعية العامة للأمم المتحدة والوصول للصيغة التى تسمح لنتنياهو وأوباما بالتراجع بشأن تصويت القرار وقبول فلسطين كدولة مستقلة والتطرق لمحاور فى المباحثات المستقبلية حول تسوية دائمة وسيكون الحديث عن الكلمات وليس المناطق المحتلة. والمفاوضات حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيمنح لنتنياهو وقت وهدوء، وسوف يمنع العزلة الدولية لإسرائيل وعباس سوف يحقق إنجازاً كبيراً باعتباره أول رئيس لدولة فلسطين المستقلة، وأوباما سيصبح أهلاً لجائزة نوبل التى حصل عليها، والأوروبيون يستطيعون أن يقولوا للعالم إن أمريكا تسير مجدداً فى المسار الذى رسموه لها، إلا أن أنصار نتنياهو اليمينيون سيتذمرون ضدده ولكنهم لن يستطيعوا أن يسقطوه. تأمل تصريحات نتنياهو يشير إلى أنه لا يستبعد هذا المسار وأن اعتراضه على الإعلان الفلسطينى فى الأممالمتحدة أمر هامشى وليس جوهريا. وفى هذا المقابل يكون لنتنياهو طلب يرغبه من عباس وأوباما وهو أى خطوة أمريكية ضد إيران، وعدم تقديم دعاوى ضد إسرائيل فى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاى ولكنه سيفاجأ بطلب تجميد المستوطنات ولكنه سيحاول الصد بشكل جيد عن طريق اقتراح تعليق طلبه لحين اعتراف فلسطينى بإسرائيل باعتبارها دولة الشعب اليهودى أى عقبة مقابل عقبة. إن هذا الاقتراح به الكثير من أوجه الضعف، لأنه لا يغير الوضع فى المناطق دولة عباس تقوم على عدة جيوب منعزلة محاطة بحواجز الجيش الإسرائيلى والمستوطنات الإسرائيلية، لذا فالصراع على الأرض سوف يتواصل أيضاً حتى بعد الاعتراف بفلسطين ولكن الظروف الحالية تشير إلى أن الاعتراف بفلسطين سيعطى لكل من له شأن بالموضع مخرج مريح، وكذلك سوف يمنح لكل من عباس ونتنياهو تراثاً مشتركا. نقلاً عن هاآرتس