اعترف ل«فيتو».. وكشف أسرارا خطيرة لسنا تنظيما وإنما 21 مصريا وفلسطينيا توافقت أفكارنا نفذنا 14 تفجيرا وليس 10 الأمن يخدعكم ولم يتم القبض على أى منا التفجيرات لن تتوقف طالما يتم تصدير الغاز لإسرائيل لدينا خريطة تفصيلية بكل شبر من مسار أنبوب الغاز ندرس خططا جديدة للتفجيرات القادمة نستخدم مكونات تفجير محلية.. وتايمر غسالات نقسم أنفسنا لمجموعات للتفجير والمراقبة والتأمين مصر تخسر مليارات .. والثورة مبرر لفسخ العقد الإسرائيلى خلف نظارته السوداء اختفت عيناه, فيما تكفل «كاب» أزرق اللون ، بمداراة ما تبقى من ملامح أعلى وجهه.. وأبدا لم يكن تلثمه ب«كوفية» من الصوف بأمر يثير الريبة، وسط جو بارد، ودرجة حرارة لا تتعدى العشر, جعلت من القاهرة أشبه بعاصمة أوروبية باردة.. المصادفة وحدها جعلتني أحظى بتلك الخبطة الصحفية الأولى من نوعها.. حوار مع أحد المسئولين عن عمليات تفجير خط الغاز فى سيناء.. نعم صيد ثمين لم أسع إليه - وإن كنت أتمناه- يأتيني إلى حيث أعمل.. لكن كيف حدث ذلك.. ولماذا.؟!.. التفاصيل فى السطور التالية. عقارب الساعة كانت تشكل زاوية حادة.. إنها التاسعة من مساء الاثنين الماضى, ذات اليوم الذى شهد الجلسة الافتتاحية لأول مجلس شعب منتخب عقب ثورة يناير, وبينما كنت أهم بمغادرة الجريدة بشارع هارون فى الدقي, إذا به يدخل من الباب بهيئته المذكورة سلفا, طالبا مقابلة المسئول عن صفحة المحافظات بالجريدة لعرض بعض شكايات أهالى سيناء.. وللمصادفة أيضا كان عمال البوفيه قد غادروا الجريدة ما اضطرني لاصطحاب الضيف الى مقهى منزوٍ بشارع جانبي, وهنا كانت المفاجأة, فالضيف لم يكن سوى أبو عبيدة - هكذا أراد أن أناديه- واحد من المجموعة المسئولة عن تفجير خط الغاز الذى ينقل الغاز الطبيعى المصرى إلى إسرائيل!! مندهشا لما يقوله الرجل, طلبت منه الكف عن المزاح، والدخول فى الموضوع الذى قصد الجريدة من أجله, فأقسم بأغلظ الأيمان أنه صادق فى كل ما يقول, بل عرض علىّ مقطع مسجل لعملية تفجير لخط الغاز, يظهر فيها مجموعة من الملثمين. حاولت أن أبدو رابط الجأش, بعدما قال لى الرجل الملثم إن اى محاولة منى لكشف شخصيته قد تودي بحياتي , فى كلمات فهمت منها انه يحتفظ بسلاح نارى لا يريد أن يستخدمه- كما قال لى - فسألته عن السبب فى اختيار «فيتو» ليتحدث إليها فاخبرني بأن كونها جريدة جديدة، وليس بها شخصيات معروف عنها التعامل مع جهات أمنية, وما لمسه وأقرانه من صدق فى تغطيتها ، وتناولها للأحداث كان السبب. للحظات توقف الرجل عن حديثه, بعدما لمح صبى المقهى يقترب.. طلبنا كوبين من الشاي, فانصرف الأخير, وسالت الرجل «إذن ماذا تريد ؟!.. فقال «نحن نود القول لكل أبناء مصر إن تفجيرات الغاز التي تتم في شبه جزيرة سيناء هى مجرد رسالة إلي كل من يهمه الامر، وهو عدم الاعتراف بالكيان الإسرائيلي ومنع تصدير ثروات المسلمين له»! المعلومات الحقيقية فى البداية أبديت له اندهاشي من جراءته، والأريحية التى يتحدث بها، رغم إعلان أجهزة الأمن إلقاء القبض على أحد مفجري خط الغاز، فأكد «دعك مما ينشر فإلي الآن لم يتم القبض علي أي من مفجري الغاز ومن تم القبض عليهم هم من كانوا وراء أحداث قسم ثان العريش وليس تفجيرات الغاز. مستفسرا عن السبب, سألته عما يدفعهم لتفجير خط الغاز لعشر مرات, بدلا من إعلانهم الاعتراض على عملية التصدير بشكل سلمى.. فرد هو «بداية عدد التفجيرات ليس عشرا كما ينشر بل أربعة عشر تفجيرا، عشرة منها فقط ناجحة وأربعة تفجيرات لم يحالفها التوفيق بسبب خطأ في توصيلات التايمر الخاص بالمتفجرات.» «و كيف تكون تنظيمكم هذا».. هكذا سألته فأجاب: «مفجرو الغاز ليسوا تنظيما بالمعني المفهوم، ولكنهم أفراد التقت أفكارهم وهم 12 شخصا من بينهم فلسطينيون ، والباقي مصريون.» «المتفجرات في العملية الأولي كانت من مكونات خارجية الصنع أما باقي عمليات التفجير فتمت باستخدام متفجرات من مكونات محلية يتم تصنيعها باستخدام أدوات بسيطة وتايمر الغسالات»!.. بهذه الكلمات رد أبو عبيدة على سؤالي حول المتفجرات المستخدمة فى عملياتهم التى استهدفت خط الغاز. خطة الخداع و عن دوافعهم الرئيسية, قال أبو عبيدة, بعدما توقف لمرة أخرى حتى انتهى صبى المقهى من وضع أكواب الشاي والمياه على الطاولة ثم انصرف : «التفجيرات تتم بوازع ديني بحت، فإسرائيل تقوم بشراء الغاز بسعر متدنٍ يقل كثيرا عن تكلفة استخراج مصر للغاز، وبالتالي هي تحافظ علي مخزونها من الغاز، بينما تستخدم الغاز المصري كوقود للآليات الحربية التي تقوم بضرب الفلسطينيين وقريبا ضرب المصريين.. أضف إلي ذلك أن إسرائيل تقوم بتصدير الفائض من احتياجاتها من الغاز المصري بالاسعار العالمية، ما يحقق لها أرباحا طائلة».. ثم تساءل «ألا يستوجب ذلك وقف تصدير الغاز المصري إليها؟!» لم أجب على تساؤل الرجل, لكنى بادرته بسؤال حول امتلاكهم خريطة توضح الأماكن التى يمر بها خط الغاز، ومن أين حصلوا عليها, فأجاب: «نعم نمتلك خريطة بالمحطات وبخطوط الغاز، وليس من الصعب الحصول علي مثل هذه الخرائط » ثم واصل وكأنه يعلم ما يدور بخلدي عن نجاحهم فى خداع القوات التى تقوم بحراسة الخط : « في أول سبع تفجيرات كان يتم استهداف المحطات وبعد تعيين حراسات عليها من قبل قوات الجيش، وكاميرات المراقبة تم استهداف خطوط الغاز بالمناطق الصحراوية، بعد الحفر علي الأنبوب لمسافات تتراوح بين متر إلي مترين عن طريق حفار ميكانيكي صغير» مرة أخرى أعود لأسأل أبو عبيدة عن السبب, ماذا تجنون من وراء تلك التفجيرات, فأوضح «هناك أسباب كثيرة تجعلنا نقوم بتفجير خطوط الغاز، فأولا: هناك خسائر مادية كبيرة بالبيع بسعر أقل من التكلفة حيث ان تكلفة انتاج المليون وحدة 2.65 دولار بينما يباع ب 75 سنتا. ثانيا: البيع بأقل من السعر العالمي حيث ان السعر العالمي يتراوح بين 01 إلى 51 دولاراً للمليون وحدة، وقدرت الخسائر المصرية منذ بدء التصدير عام 5002 وحتي الآن 08 مليار دولار، وفي حال استمرار التصدير سوف تصل الخسائر الي 081 مليار دولار، إضافة إلي خسائر أخري, فمع تصدير ما نحتاجه من الغاز نضطر لاستيراد بدائل مثل المازوت، والسولار، وسعر المليون وحدة حرارية من المازوت يبلغ 17 دولارا، ومؤكد أن زيادة استخدام المازوت في محطات توليد الكهرباء بدلا من الغاز يؤدي الي تدهور المعدات ويبلغ متوسط عمر محطة الكهرباء التي تعمل بالغاز 01 سنوات بينما تبلغ 4 سنوات مع استخدام المازوت، ويكفي ذكر ان خسائر اعطال محطات توليد الكهرباء بتاثير المازوت بلغت 01 مليارات جنيه ، لذلك مصر افضل بدون تصدير الغاز لإسرائيل. ثالثا :المخزون المصري لا يسمح بالتصدير من الاساس حيث ان الاحتياطي المؤكد لا يزيد علي 32 تريليون قدم مكعب ، وأبرم النظام السابق عقودا بتصدير 81 تريليوناً منها ، ما يعني أن ما يتبقى لمصر هو 5 تريليونات فقط، ومصر تستهلك تريليونين سنويا ، أما ما يقال من أن احتياطي مصر يصل إلى 81 تريليون قدم فهي للاحتياطي المؤكد والحقول تحت الاكتشاف وهو رقم مبالغ فيه تماما. رابعا: تصدير الغاز لإسرائيل بدلا من توجيهه للسوق المحلي ينتج عنه أزمات متلاحقة مما يعد إهدارا لكرامة المواطن المصري, الذى يقاتل من أجل الحصول على أنبوبة بوتاجاز واحدة, واعتقد أن الأزمة الحالية خير دليل. الطريقة التى يتحدث بها أبو عبيدة والمعلومات الدقيقة التى ذكرها دعتني لأن أبدى شكوكي فسألته:« لا اعتقد أنك مجرد شخص عادى.. من أين حصلت على تلك المعلومات وماذا درست؟!.. فى لهجة حادة قال الرجل :« أنا مواطن مصرى عادى, وما ذكرته من معلومات متاح وليس سرا, والجميع يعلم أن كل هذا يؤدي إلي تدمير الاقتصاد المصري, المدمر أصلا, وزيادة أعباء المواطنين وانتشار الفقر» ومواصلا: «لهذا قمنا بنسف محطات وخطوط الغاز التى تنقل ثروات بلادنا الى إسرائيل، للحفاظ علي تلك الثروات ،وحفظ حقوق العباد ،وتقوية لاقتصاد بلدنا، وإضعاف لعدونا ، وحرمانه من خيرات بلادنا التي يتقوون بها علينا!» لسنا إرهابيين على استحياء قلت له: «لكنكم مخربون.. هكذا يقول عنكم الشعب»..فرد أبو عبيدة:«لا.. لا لسنا مخربين ودعك مما يقال عنا من اتباع أمن الدولة، أو الأمن الوطني ، وأعوانهم من اننا مخربون ، ومفسدون في الارض، ثم ينسبون إلينا ما لم نفعله لخلط الاوراق والتدليس علي عامة الناس, فنحن لم نسفك دما ولم نقتل أحدا, وأساسا ليس هدفنا سفك الدماء ، ولا قتل العباد .. إنما هدفنا نصرة أمتنا وحفظ ثرواتنا وإضعاف عدونا.» منفعلا, قلت للرجل إن ما يفعلونه يتسبب فى خسارة مصر لملايين الدولارات, فقال فى سرعة «خسائر مصر من تفجير خط الغاز لا تقارن بما تتكبده مصر يوميا جراء تصدير الغاز لإسرائيل من خسائر تصل إلى 3.4 مليار جنيه سنويا بما يعادل01 ملايين جنيه يوميا». سألته عما يراه من حلول مناسبة للخروج من الأزمة والتوقف عن تفجيراتهم و هل تعتقد انه يمكن إلغاء العقد مع إسرائيل؟!.. فقال : «نعم من الممكن إلغاء العقد مع اسرائيل وهو لن يكلف مصر شيئا، فتلك العقود تتضمن بنودها إمكانية تعرضها للإلغاء في حالة « القوة القاهرة» وهي بالطبع تشمل حالات مثل الزلازل والبراكين والثورات الاجتماعية، ويمكن منح الدول المستوردة للغاز مهلة 6 أشهر لتدبير مصادر أخري.» دخان سيجارة أشعلها أبو عبيدة كان كفيلا بدفعي للسعال لأكثر من مرة.. ألقيت بما يحمله الكوب من ماء الى جوفي وبقيت مستمعا للرجل الذى واصل: «هناك أسرار كثيرة لن نتحدث عنها ، ولكن ببساطة نحن نقوم بمعاينة مكان التفجير قبل يوم من استهدافه ، لمعرفة المنطقة ووضع خطة الهرب ، ثم نعد العدة وعادة نقسم أنفسنا لثلاث مجموعات أو علي الأقل مجموعتين ، واحدة تقوم بالمراقبة من بعيد، والاخري تقوم بالحفر علي الخط ، ووضع المتفجرات ، ثم يتم التفجير بطريقتين الأولي عن طريق تايمر، والاخري عن طريق التفجير عن بعد ، وفي إحدي المرات أثناء تفجير محطة الميدان لم يتم التفجير مما اضطرنا الي اطلاق النيران علي خط الغاز عن طريق قذيفة «آر بي جي «، مما أدي الي تفجير الخط ، وبالتالي وقوع عدة تفجيرات نتيجة وجود المتفجرات بالمحطة.» مواصلة التفجيرات إصرار الرجل البادي على وجهه أثار فى ذهني سؤالا اعرف إجابته مقدما عن تفجيرات مستقبلية تستهدف خط الغاز:«نعم انتظروا تفجيرات قادمة ، فلن نتوقف عن تفجيرات خط الغاز طالما يتم تصديره لإسرائيل ، وفي المرات القادمة سيكون هناك خطط جديدة فهناك مقترحات يتم دراستها بأن يتم التفجير في عدة مواقع متباعدة في نفس التوقيت ، ولكن هناك تفجير قادم وشيك بأسلوب مختلف وجديد خلال الأيام القليلة القادمة.» تذكرت هذه الكلمات بعد سماعى عن المحادثة التى تمت يوم السبت الماضى وأحبطها الجيش. ولكن: ألا تخشى من كشفك لى تلك الأسرار، وأن تتخذ السلطات المسئولة حذرها ».. كان منى السؤال, وكانت من أبو عبيدة الإجابة:« لا بالطبع, فالمسافة التى يشغلها خط الغاز كبيرة، ولا يمكن السيطرة عليها, مهما حاولت السلطات ذلك, فلا يمكن مثلا أن تزرع فرد امن أو جندي فى كل مائة متر بطول خط الغاز!» قبل أن أهم بطلب مغادرة المكان وتوديع الرجل, جذبني هو من يدى قائلا:« انتظر فما جئت من أجله لم ينته بعد ».. قلت: «أنا تحت أمرك».. فقال «نريد توجيه عدد من الرسائل إلى العاملين بشركات الغاز، وأبناء القبائل المشرفين على عملية حراسة خط الغاز، وكذا شباب الثورة , كي يعلموا أن ما نقوم به يتم بدافع وطني ونريدهم أن يتفهموا ذلك » انتهى حواري مع أبو عبيدة, لكنه أصر على أن أغادر أنا المكان أولا رغبة منه فى التأكد من عدم تتبعي له خشية الإبلاغ عنه, وبالفعل تواريت عن عينيه ثم أسرعت لألاحقه لكنه كما يقال أصبح «فص ملح وداب»!!