خلاصة المؤتمر الصحفى الذى عقده اللواء عادل عمارة عضو المجلس العسكرى أمس، أن د.محمد البرادعى بحاجة إلى مراجعة مفهوم الوطنية، وأن مصر هى المجلس العسكرى، والمجلس العسكرى هو مصر، وأن وسائل الإعلام بحاجة إلى الحرق، وأن اللواء عمارة شخصيا لا يستطيع الحديث، وهناك شخص آخر يتحدث فى نفس القاعة. مدهش جدا أن يتحدث اللواء عمارة فى المؤتمر عن قيام بعض وسائل الإعلام بالتحريض وبث الفتنة، فى حين سجل هو بالأمس أول حالة رسمية علنية بالتحريض على التقاتل بين فئات الشعب، عندما قطع فجأة المؤتمر الصحفى ليعلن أن معلومة وردته الآن، بأن هناك مخططا اليوم «أمس الإثنين» لحرق مجلس الشعب، وأن هناك تجمعات كبيرة فى ميدان التحرير الآن لتنفيذ هذا المخطط، وهو قول خطير لأنه يصدر عن شخص مسؤول بحجمه، وفيه تحريض مباشر وصريح لفئات الشعب، بأن انزلوا إلى ميدان التحرير للدفاع عن مجلس الشعب، ولتتقاتلوا مع الأوغاد المتجمعين فى التحرير، كما أن إعلانه عن هذا المخطط وعبر الهواء مباشرة، يبدو مثيرا للتساؤلات من الناحية الأمنية، ولعلها المرة الأولى فى التاريخ التى يتم فيها الإعلان عن «مخطط إجرامى» على الملأ قبل إجهاضه. أما البرادعى، فلم يذكره اللواء عمارة بالاسم (ودى تيجى برضه؟)، لكنه علق على وصف البرادعى لفض اعتصام التحرير بأنه «هجمى ووحشى»، وبأنه «ليس هكذا تدار الأوطان»، قائلا: «وهو ازاى تدار الأوطان؟»، مطالبا من يرددون مثل هذه الأقاويل (البرادعى طبعا وهو فيه غيره؟) بمراجعة مفهوم الوطنية فى داخلهم، وغريب جدا أن لا يعرف عضو المجلس العسكرى كيف تدار الأوطان، ويتساءل عن ذلك تحديدا، ثم يصر هو وباقى أعضاء المجلس على الاستمرار فى إدارة الأوطان.. حسنًا ما الذى سيضيركم إذن لو تركتم إدارة الأوطان لمن يعرف ذلك وتركتم موضوع «مفهوم الوطنية» هذا للتاريخ؟ اللواء عمارة أفرد مساحة كبيرة فى المؤتمر للبكاء على حريق المجمع العلمى، وتأكيد أن اللحظات التى احترق فيها المجمع «توقفت فيها أنفاس العالم»، لأن «شرف مصر يحترق»، ولعل هذه هى الحالة الأولى المصنفة عالميا، التى يتم فيها اختصار الشرف فى الكتب المحترقة، وليس فى أجساد البنات التى يعريها الجنود، ثم إن اللواء عمارة تحسر على احترق النسخة الأصلية من «وصف مصر» دون أن يكلف خاطره بقراءة صحف الصباح التى أكدت أن المكتبة المركزية بجامعة القاهرة بها ثلاث نسخ أصلية من الكتاب، الذى توجد منه نسخ شعبية أصدرتها مكتبة الأسرة قبل سنوات، نتمنى من اللواء عمارة وغيره من أعضاء المجلس العسكرى أن يقرؤوه أولا قبل الحديث عنه. حتى الشريط البائس الذى بثه اللواء فى المؤتمر فجأة قائلا: «شغل الشريط» فاشتغل، وتظهر فيه لقطات من التليفزيون الحكومى (واضح أنها الجهة الإعلامية الوحيدة التى لا تحرض من وجهة نظر المجلس العسكرى) ظهر فيه مجموعة من الأطفال والشباب الذين تسيل منهم الدماء ليعترفوا بأنهم تلقوا أموالا من أشخاص محددين ومنهم من تحدث عن «ناس شغالين فى دار نشر فى شارع قصر النيل» (واضح طبعا أنها محاولة لتوريط دار ميريت الفقيرة الشجاعة التى يستلف صاحبها الشريف محمد هاشم إيجارها شهريا)، وظهور هؤلاء تليفزيونيا وهم قيد التحقيق جريمة إنسانية بحقهم، خصوصا أن اللواء عمارة تعامل بحدة مع كل من تحدث عن الصور الموثقة عن اعتداءات الجنود على المتظاهرين قائلا: «استنوا نتيجة التحقيق»، فلماذا ننتظره إذن مع الجنود ولا ننتظره مع هؤلاء البؤساء؟ دعك من أن طريقة التعامل «الميرى» التى استخدمها اللواء عمارة فى المؤتمر، وشخطه ونطره وتهديده الصحفيين، الذين استفزهم حديثه بالطرد، هى أكبر دليل على أن المجلس وأعضاءه بحاجة فعلا إلى الراحة من التعامل مع المدنيين، والعودة بهدوء إلى ثكناتهم، حتى ولو لم يكن هذا من أجلهم، فمن أجل الجيش المصرى وسمعته، مع اقتراح بسيط بفتح باب العمل فى الإعلام العسكرى -ولمدى الحياة- لعدد من الصحفيين الذين عاشوا الشهور العشرة الماضية فى حضن المجلس العسكرى، ولا يستطيعون فراقه، وعلى رأسهم مصطفى بكرى الذى يدفع المرء نصف عمره ليرى ملامحه، واللواء عمارة يعترف بأن صورة تعرية الفتاة المنتقبة حقيقية، وليست «فوتو شوب» كما ظل يردد طوال الأيام الماضية، فهؤلاء وحدهم الذين سيلبون النداء عندما يزعق اللواء عمارة قائلا: «شغل الشريط».. فيشغلونه.