هذا المقال فى محبة الشاعر الكبير عبد الفتاح مصطفى.. فى الطفولة عندما كانت المادة التليفزيونية المختلفة والجديدة نادرة جدا، كان يعوضنا عن ملل تكرار البرامج والأفلام والأغنيات والمسرحيات أمور صغيرة مثل حلقات العلم والإيمان ونافذة على العالم وعالم البحار والعالم يغنى (مش عارف إيه موضوع كلمة العالم اللى اتكررت 3 مرات فى جملة واحدة دى) وعلى هامش هذه المواد كان يذاع كل فترة دعاء لعبد الحليم حافظ على خلفية من مناظر طبيعية ساحرة، لم يكن فى طفولتنا أى مصدر لمشاهدتها غير هذه الأدعية تقريبا (أنا من تراب، يا خالق الزهرة، ع التوتة والساقية) كانت اللقطات والكلمات موحية جدا وترج خيال الطفولة رجا، خصوصا عندما يتزامن مشهد جبال الجليد والشمس تشرق من خلفها مع حليم يقول من كلمات شاعرنا (كل الوجود معجزة تشهد بسر الله) أو برعم صغير يتفتح بالتصوير السريع حتى يصبح وردة لها هيبة على غناء حليم (بين صحبة الورد شوف أجمل عيون وخدود.. حسان ومتجمعة فى مهرجان مشهود.. كانت براعم.. كانت براعم.. وصحاها جمال الله.. الله الله الله). http://www.youtube.com/watch?v=ujlphoge8jm&feature=related لم يكن عبد الفتاح مصطفى مجرد مأمور ضرائب عادى، صحيح أنه أخلص لمهنته حتى أصبح مديرا لضرائب العاصمة، لكنه فى الوقت نفسه كان مشغولا بالطريقة التى يجب أن يدفع بها الضرائب عن نعم الله عليه، فاختار أن يسخر موهبته العريضة فى الكتابة لخدمة دينه ومعتقداته. كان عبد الفتاح مصطفى قد استهل حياته شابا بأن أرسل قصيدة لإحدى الصحف فنشرتها (كان وقتها طالب ثانوى عام 47) فأعجبت أحد المسؤولين فى الإذاعة فعرضها على محمد عبد الوهاب فغناها (كان اسمها عروس النيل) بعدها تبنت الإذاعة إنتاجه فأصبح واحدا من أهم كتاب تمثيلياتها الشهيرة مثل عوف الأصيل ومرزوق، ثم أعادت أم كلثوم اكتشافه فبدأ معها بأغنية وطنية (فدائيون) وأنهى المسيرة معها بأغنية وطنية أيضا (طوف وشوف) وما بينهما كتب لها (لسه فاكر وليلى ونهارى وأقول لك إيه عن الشوق). كان عبد الفتاح ابنا لعالم أزهرى مرموق (الشيخ مصطفى الغمراوى) وبعد أن أنهى دراسة الحقوق اجتذبته دراسة الشريعة الإسلامية، ومن هنا بدأ يلتمس الطريق إلى الكتابة التى يريدها هو شخصيا، لا التى تريدها سوق الغناء. هل تريد أن تعرف الأعمال.. ما الذى قدمه عبد الفتاح مصطفى والتى تدين له بالفضل فى تعلقك بها؟ سيناريو وحوار وأغنيات فيلم «الشيماء»، كان عبد الفتاح مصطفى أول شاعر يعيد كتابة النشيد الأشهر فى الإسلام «طلع البدر علينا» (بالمناسبة هناك مكافأة كبيرة لمن يرشدنى إلى اسم الشاعر الذى كتب النشيد الأصلى فهو يستحق أن نحتفى به) ورسم بقلمه مسيرة الرسالة على هامش قصة شقيقة الرسول فى الرضاعة، وما زالت تسرى فى الجسد رهبة الطفولة عند عرض الفيلم، خصوصا فى الأغنية المصاحبة لرحلة الهجرة التى تبدأ ب«حسبه الله معه.. يا داعيا ما أشجعه.. دعا قريشا للهدى.. فاستكبرت أن تسمعه» ثم مشاهد الهجوم على فراش النبى نهاية بالهتاف الأشهر فى تاريخ الأفلام الدينية «لقد نجا.. لقد نجا.. لقد نجا» الرهبة نفسها تسرى مع مشهد أحمد مظهر وهو يفر على حصانه هائما «كان الرسول قد اشترط عليه أن يشهر إسلامه قبل أن يدخل عليه خيمته لكنه رفض» ظل هائما على كلمات الأغنية «كم ناشد المختار ربه.. فى هدى إنسان أحبه.. لكن وحى الله جاء.. إنك لا تهدى الأحبة والله يهدى من يشاء» الأغنية التى تنتهى بأن يركع مظهر على قدميه، رافعا يديه إلى السماء شاهرا إسلامه. http://www.youtube.com/watch?v=x7zngzkdcnu&feature=related هل تذكر من أيام الطفولة المسلسل الدينى الأشهر فى تاريخ الدراما المصرية والعربية «محمد رسول الله» بأغنية ياسمين الخيام الشهيرة «محمد رسول الله» تلك الأغنية التى لخصت علاقة سيدنا محمد بالأنبياء الذين سبقوه فى سطرين «دعوة إبراهيم..ونبوءة موسى.. ترنيمة داوود.. وبشارة عيسى» كانت قصة المسلسل للكاتب الكبير عبد الحميد جودة السحار، أما السيناريو والحوار والأغنيات فقد كانت لعبد الفتاح مصطفى. http://www.youtube.com/watch?v=rjozuccbyuo&feature=related هل تحب الشيخ سيد النقشبندى؟ كتب له عبد الفتاح مصطفى «مولاى إنى ببابك» «مَهما لقيت من الدنيا وعارضها فأنت لى شغل عما يرى جسدى تحلو مرارة عيش فى رضاك و ما أطيق سخطا على عيش من الرغد» http://www.youtube.com/watch?v=heqa09xl4hw&feature=related محبتنا لهذا الرجل واجبة بقدر ما أسعدنا وارتقى بكتابة الأغنية الدينية الصوفية، تاركا لنا منها تراثا مضادا للسذاجة التى تغطى هذه النوعية من الأغنيات حاليا بدون ذكر أسماء ■ اضغط على الروابط الموجودة بالمقال لتستمتع بإبداعات الشاعر الراحل وتذكره بالفاتحة. ■ أدعية عبد الحليم حافظ ألحان محمد الموجى، تتر محمد رسول الله ألحان جمال سلامة، دعاء مولاى إنى ببابك ألحان بليغ حمدى، أغنيات فيلم الشيماء ألحان الموجى وبليغ وعبد العظيم محمد. ■ أغنيات فيلم الشيماء بصوت سعاد محمد، وحصل الشاعر عن مسلسل محمد رسول الله على جائزة أحسن سيناريو، وحصل اسمه على جائزة نجيب محفوظ عام 2008، بينما توفى فى يوليو 84.