«واحنا صابرين.. صابرين.. صابرين».. عندما قالها المشير أمام كاميرات التليفزيون من المؤكد أنه لم يلاحظ حركة أصابع يده المتشنجه بغضب تلقائى ولا إرادى.. من المؤكد أيضا أنه لم يلحظ ارتفاع تون صوته بشكل مفاجىء وغاضب وهو يحذرنا من مصير اللى حوالينا.. اللى همه ليبيا وسوريا واليمن.. ويؤكد لنا أنه لم تصدر أوامر للجيش من أحد بإطلاق النار على المتظاهرين (وبلاش ندخل فى تفصيلة أمال الجيش حمى الثورة من إيه بالظبط؟.. حتى لا تتحول المقالة إلى هلام سرمدى مالوش نهاية)..كان سيادة المشير غاضبا أثناء حديثه شأنه فى ذلك شأن اللواء الفنجرى فى بيانه الأخير الذى حذرنا فيه بإصبعه.. وها هو التحذير يتطور ليصبح عن طريق تشنجات أصابع يد المشير بكامل أصابعها.. ناهيك طبعا عن غضبات اللواءات الأخرى على الشعب.. الروينى وكاطو وجميع قيادات المجلس العسكرى تقريبا.. خلاص.. واضح تماما أنهم جابوا آخرهم مننا ومن قرفنا كشعب ماعندوش دم ولا ذوق ولا أخلاق.. إذا أضفنا إلى ذلك الغضب البيانات العسكرية التى لم تعد تحتوى مؤخرا سوى على التحذيرات والتهديدات والتخويف والترهيب.. إذن نحن بصدد مجلس عسكرى غضبان يحكمنا.. غضبان من مين؟!.. من الشعب!.. طب غضبان منه ليه؟!.. لأنه شعب ما بيشكرش ربنا على نعمة عدم إطلاق النار عليه من قبل الجيش أيام الثورة.. وبدلا من قضاء أيامه القادمة فى شكر ربنا وقيادات المجلس العسكرى من بعده لإمتناعهم عن قتله.. بدلا من هذا مش عاجبه حاجة ولا عاجبه حد.. بشكل أكثر صراحة.. المجلس العسكرى الآن ينظر إلى الشعب كمجموعة من البجحين الذين يطالبون بما ليس لهم ويريدون التدخل فى ما لا يعنيهم.. مجموعة من البجحين الذين سكتنالهم فدخلوا بحمارهم..وها هو الشعب يتمادى فى بجاحته ويطالب بخارطة طريق واضحة للكيفية التى تتم بها إدارة المرحلة الإنتقالية فى الفترة القادمة.. لأ وإيه.. دا بيطالب كمان بوضع جدول زمنى محدد وواضح المعالم لتلك الفترة الإنتقالية.. شفتوا البجاحة! إذن.. كانت مشكلة الأرنب الغضبان أنه.. «كل يوم خس وجزر.. كل يوم خس وجزر».. أما مشكلة المجلس الغضبان فأنه.. «كل يوم إضرابات واعتصامات ونقد.. كل يوم إضرابات واعتصامات ونقد».. ولكن المشكلة هنا تكمن فى أن الأرنب لم تكن وراءه غابه ليحكمها.. فهو مجرد أرنب لاهى وعابث ومش عارف مصلحته.. لهذا فليغضب براحته.. فغضبه لن ينعكس على أرانب آخرين غيره.. أما المجلس العسكرى فوراءه بلدا عظيما مثل مصر يقطنها شعبا عظيما مثل الشعب المصرى.. لهذا فهو عندما يغضب ينعكس غضبه على قراراته.. وتلك القرارات إذا ما صدرت عن عقول غاضبة فإنها لا يمكن أن تنعكس علينا نحن الشعب سوى بالسلب.. وفى هذا الصدد ينبغى على أن أذكركم بأن الستين عاما الأخيرة من حياة الشعب المصرى لم تكن جميلة أوى.. بل لم تكن جميلة على الإطلاق.. بل دعونى أفاجئكم وأخبركم بأنها أيضا قد أفسدت حياته وسياسته وصحته وتعليمه وثقافته وفنه ونفسيته.. لهذا بالراحة شوية والنبى عليه.. فهو شعب لا يزال مثخن بجراحه وباكتئابه وبتلك التركة الضخمة من المشاكل والعقد النفسية والإجتماعية التى تم زرعها بداخله عمدا ومع سبق الإصرار والترصد عبر العديد والعديد من السنوات ومن تراكمات الشعور بالظلم وبالإهانة وبعدم تكافؤ الفرص وبالتهميش! أعزائى قيادات ولواءات المجلس العسكرى.. هذا الشعب المصرى الذى تصفونه فى بعض بياناتكم بالبطل وفى أخرى بالعظيم.. هل يستحق منكم مثل هذا الشعب البطل والعظيم كل هذا التكشير والتجهم والزعيق والتهديد والوعيد والتلويح بأن صبركم قد نفد عبر المقابلات التليفزيونية والمداخلات الهاتفية والبيانات الرسمية والتلويح بالأصابع وبتشنجات قبضة اليد المعبرة عن الغضب الشديد؟! يقول العم «يحيى حقى».. «عليك إذا عزفت على العود ألا تسمع الناس خبطة الريشه.. وإذا كتبت ألا تسمع القارىء صرير القلم».. وأضيف من عندى..«وإذا حكمت ألا تشخط فى شعبك أو تفضل كل شويه تهدد هو تعايره بإنك ما قتلتوش.. لأن ماهياش ناقصه خالص»!