على الرغم من الاختلافات الأيديولوجية بينهما، فإن كلا من جماعات تفوق البيض وتنظيم داعش الإرهابي، يبني إستراتيجيته على آراء متشابهة، وفقا لما يراه بعض الخبراء من الوهلة الأولى، قد لا يبدو أن هناك تشابها بين القائمين على تجنيد المؤيدين لجماعات تفوق البيض، وتنظيم "داعش" الإرهابي، إذ تتبنى إحداهما أيديولوجية عنصرية مناهضة للمهاجرين، وتستغل المخاوف في الولاياتالمتحدة من تفوق الأقليات على العرق الأبيض، بينما تعتقد المجموعة الأخرى أنه يجب عليها قتل "الكفار"، وبناء "الخلافة" الإسلامية. ومع ذلك، يقول خبراء الإرهاب إن عملية التطرف والتكتيكات التي تستخدمها جماعات تفوق البيض تشبه تلك التي يستخدمها "داعش"، مضيفين أن فهم ما تشترك فيه المجموعتان، يمكن أن يساعد على تطوير إستراتيجية لمواجهة التطرف. نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية عن "جيه إم بيرجر" مؤلف كتاب "التطرف" قوله: "أرى التطرف بنية تعتمد على العقائد"، مضيفا: "إننا بحاجة إلى القيام بعمل أفضل في التعامل مع التطرف كظاهرة عالمية". ويأتي الحديث عن مكافحة الإرهاب الأبيض بعد أن شن مسلح، يُزعم أنه نشر بيانا عنصريا على الإنترنت، هجوما دمويا، نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية عن "جيه إم بيرجر" مؤلف كتاب "التطرف" قوله: "أرى التطرف بنية تعتمد على العقائد"، مضيفا: "إننا بحاجة إلى القيام بعمل أفضل في التعامل مع التطرف كظاهرة عالمية". ويأتي الحديث عن مكافحة الإرهاب الأبيض بعد أن شن مسلح، يُزعم أنه نشر بيانا عنصريا على الإنترنت، هجوما دمويا، يوم السبت قبل الماضي، قتل فيه 22 شخصا في أحد متاجر "إل باسو" بولاية تكساس الأمريكية. وسارع الكثيرون بإلقاء اللوم على إدارة ترامب، التي ألغت نسبة كبيرة من تمويل برنامج وزارة الأمن الداخلي الذي يهدف إلى مواجهة التطرف الداخلي، بما في ذلك جماعات تفوق البيض، للتركيز بشكل أساسي على مكافحة التطرف الإسلامي. يوم الثلاثاء، أصدر النائب الديمقراطي بيني تومبسون، عضو لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب، خطة عمل للتصدي لخطر إرهاب الجماعات البيضاء. وعلى الرغم من اختلافاتهما الأيديولوجية، يستمد المتعصبون البيض ومؤيدو "داعش" قوتهم من آراء متشابهة، حيث يرى بعض الخبراء أن كلتا الجماعتين تعتقد أنها في خضم أزمة وجودية تهدد وجودها، وأن الطريقة الوحيدة لضمان الحفاظ على وجودها هي استخدام العنف. قال بروس هوفمان، الباحث في مجلس العلاقات الخارجية: "هذه الجماعات لديها أيديولوجيات مروعة وإقصائية، تنتشر لتكون بمنزلة نقطة حشد لأصحاب الأفكار المتشابهة". وعلى الرغم من عدم وجود صيغة سحرية للتنبؤ بمن سيتم جذبهم إلى الأيديولوجيات المتطرفة، فقد حدد الخبراء سمات شخصية عريضة عندما يتعلق الأمر بمجندي "داعش" وجماعات تفوق البيض، حيث يكون معظمهم من الشباب الذين يشعرون بالعزلة أو التهميش في المجتمع. وتقول الصحيفة العبرية إن عملية التطرف لا تحدث بين عشية وضحاها، فكون الشخص يشعر بالعزلة لا يعني أنه سوف يستسلم بالضرورة لاستخدام العنف. المتعصبون البيض.. إرهابيون غير منظمين يهددون العالم كما يرى هوفمان أن فكرة أن الإرهابيين يظهرون من العدم، فكرة مضللة، لأن ذلك لا يحدث من فراغ. إلا أنه من الواضح أن هناك فروقا ذات دلالة إحصائية بين جماعات تفوق البيض ومجندي تنظيم "داعش"، فداعش يتميز بقوة من الناحية التنظيمية، حيث يمتلك قيادة متمثلة في أبي بكر البغدادي، قائد التنظيم الفارّ، يمكن أن يرجع مقاتلو التنظيم إليها، وفي وقت من الأوقات أنشأ التنظيم حكومة تدير مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسوريا، حتى وإن كان ذلك لفترة قصيرة. على النقيض من ذلك، فإن جماعات تفوق البيض مجزأة ولا مركزية، وكان انضمام أفراد من الشرطة إلى هذه الجماعات في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي هو المحفّز الذي دفع قادة الحركة إلى تبني هذا النموذج. ويقول سكوت ستيوارت، نائب رئيس التحليل التكتيكي في مؤسسة "ستارت فور" للاستخبارات: "منذ ذلك الحين، لم يحرز قادة مختلف جماعات تفوق البيض، نجاحا كبيرا في توطيد سلطتهم". إلا أن ستيوارت يرى أن الإستراتيجية اللا مركزية المتمثلة في الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات عبر الإنترنت والاجتماعات الخاصة قد عملت لصالح جماعات تفوق البيض، حيث يُزعم أن ثلاثة أفراد لديهم أفكار مقاربة لتلك التي تحملها جماعات تفوق البيض قد نشروا بيانات في منتدى "إيت تشان" اليميني، قبل تنفيذ هجمات إرهابية، وهم المتهمون في حوادث مذبحة مسجد "كرايست تشيريش" بنيوزيلندا مارس الماضي، والهجوم على كنيس "بواي" أبريل الماضي، وهجوم "إل باسو". ويقول ستيوارت إن "مواقع مثل (إيت تشان) ووسائل التواصل الاجتماعي بمنزلة غرف مستشفى، حيث يتعرض مرتادوها لعدوى العنف". من جانبه قال بروس هوفمان إنه يشعر بالقلق من أن مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في نشر التطرف، مؤكدا أن "تهديدات هذه الجماعات تتطور وتتحرك بشكل أسرع بسبب قوة وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة". وتشير البيانات إلى أن الجماعات اليمينية المتطرفة تنفذ هجمات أكثر دموية مما كانت عليه في الماضي، فمنذ هجمات 11 سبتمبر الإرهابية عام 2001، قتلت جماعات اليمين المتطرف 109 أمريكيين، مقابل 107 قتلتهم الجماعات الجهادية، وفقا للبيانات التي جمعها مركز "نيو أمريكا" للأبحاث. الإرهاب المحلي يكشف عجز القوانين الأمريكية وقال ديفيد ستيرمان، المحلل السياسي البارز في "نيو أمريكا": "لقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أننا شهدنا تحولا في التكتيكات على مدار العامين الماضيين" في إشارة إلى زيادة الهجمات الفتاكة التي قامت بها جماعات تفوق البيض. وأشارت "جيروزاليم بوست" إلى أنه على مدار سنوات، ظل خبراء مكافحة الإرهاب والمسؤولون الحكوميون في أمريكا يعربون عن قلقهم إزاء التهديد المتزايد الذي يشكله الأفراد المتأثرون بأفكار جماعات تفوق البيض. وحذر تقرير لوزارة الأمن الداخلي من التهديد المتزايد للإرهاب المحلي في عام 2009، حيث تظهر بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي أن جرائم الكراهية زادت للعام الثالث على التوالي في عام 2017، بزيادة 17% على العام السابق. علامات الخطر عادت مرة أخرى في شهر مايو الماضي بعدما شهد مايكل ماكجريتي، رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالي، أمام الكونجرس، بأن المكتب حقق في نحو 850 قضية إرهاب محلية، 40% منها كانت ذات دوافع عنصرية. ومرة أخرى أخبر كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ بأن غالبية قضايا الإرهاب المحلي التي حقق المكتب فيها كانت تقف وراءها جماعات تفوق البيض. وفي السنوات الأخيرة، كان داعش يسير على خطى جماعات تفوق البيض، في ما يتعلق باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات عبر الإنترنت لنشر المعلومات والدردشة مع الأفراد القابلين للتجنيد والدعوة لشن هجمات عبر هذه المنصات. وقال هوفمان إنه في ظل انهيار خلافة تنظيم "داعش"، كانت الجماعة تعتمد بدرجة أقل على قادتها لنشر أيديولوجيتها وتركز بشكل أكبر على قوة وسائل التواصل الاجتماعي لإلهام "الذئاب المنفردة"، لتنفيذ هجمات نيابةً عنها. وأشار عدد من الخبراء إلى أن تهديد داعش في الولاياتالمتحدة يأتي بشكل أساسي من أفراد متطرفين يعيشون داخل البلاد، مثل جوشوا كامينجز، الذي أطلق النار وقتل شرطي مرور في عام 2017 في مدينة "دنفر"، بولاية كولورادو، وكوري جونسون، البالغ من العمر 17 عاما، والذي اعتنق الإسلام، وقام بطعن 3 أشخاص في "بالم بيتش جاردنز" بولاية فلوريدا، عام 2018، عقب مشاهدته مقاطع الفيديو المتطرفة. سياسات ترامب والإرهاب المحلي.. اتهامات وأزمات كبرى ووفقًا لمؤسسة "نيو أمريكا"، فإن 84% من الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم إرهابية مرتبطة بتنظيم داعش، هم مواطنون أمريكيون أو مقيمون بصفة دائمة في الولاياتالمتحدة، حيث يقول هوفمان إن "داعش" يكرر ما كانت تفعله جماعات المتعصبين البيض، سواء بوعي أو بدونه.