مشاركتهن في معارض الكتاب المتعددة من أهم الأحداث التي ينتظرونها، ليصل فكرهم لأكبر عدد ممكن من الجماهير، موضة جديدة تحت مسمى الأدب العفيف، تخترق عالم الأدب. في ظاهرة هي الأولى من نوعها كاتبات يكتبن بما يناسب الضوابط الشرعية، يقمن بتوجيه أدبهن النابع من الخيال «بألا يأتي بما يخالف شرع الله»، تحت مسمى الأدب العفيف، فهل هذه قدرة خصهن الله بها أم أنه هراء دخيل على عالم الأدب والخيال في مصر، ومشاركتهن في معارض الكتاب من أهم الأحداث التي ينتظرونها، ولهن على السوشيال ميديا دراويش من الفتيات الرافعات شعار نحن العفيفات وغيرنا سافرت، ومن الشباب الباحثين عن زوجة مطيعة تعيد له -عصر سي السيد- وتقبل أن يطبق شرع الله في حقه بمثنى وثلاث ورباع ولا تناقشه حقوقها قط. بزغ نجم عدد من الروائيات الملتزمات اللاتي كتبن روايات اجتماعية بل ورومانسية أيضا، ورفعن فيها شعار الانتصار للرؤية الإسلامية، فيما يتعلق بقضايا المرأة، مدعيات مدى تعطش الشارع الأدبي لنوعية جديدة من الروايات تحمل مضمونا مختلفا، هؤلاء الكاتبات اعتمدن على الاختلاف الذي شهدته سوق النشر منذ عام 2005، حيث بزغ نجم عدد من الروائيات الملتزمات اللاتي كتبن روايات اجتماعية بل ورومانسية أيضا، ورفعن فيها شعار الانتصار للرؤية الإسلامية، فيما يتعلق بقضايا المرأة، مدعيات مدى تعطش الشارع الأدبي لنوعية جديدة من الروايات تحمل مضمونا مختلفا، هؤلاء الكاتبات اعتمدن على الاختلاف الذي شهدته سوق النشر منذ عام 2005، حيث ظهرت دور نشر كثيرة تهتم بكتابات الشباب أيا كان نوعها، وزاد عدد دور النشر من 260 دارا في عام 2013 إلى 1100 دار في عام 2018. اختلاف توجهات القراء وتهافتهم على ما يعرف بالدعاة الجدد، جعلهم يلهثون على أدب يتحدث بلسانهم ويعبر عن توجهاتهم، ومنهن الكاتبات المنتقبات اللواتي وصل عددهم إلى ما يقرب من 10 كاتبات، ومنهم دعاء عبد الرحمن التي تعدت مبيعات كتبها عشرات الطبعات. جذبن المتابعين بمجموعة من الكتب تحمل عناوين مختلفة ك"ثانى أكسيد الحب، أيوب، أكادولى، بازل، ولو بعد حين"، وأحدث هذه الإصدارات رواية "داو إلا قليلًا"، والتي تتحدث عن إغواء الشيطان لبني آدم وكيف ينجو منه القليلون. هذه العناوين اقتحمن بها معرض القاهرة للكتاب العام الماضي وهذا العام وصلت كتب بعضهن لمعرض الرياض الدولي، ومعرض بغداد الدولي للكتاب. مؤكدين أن ما يلفت نظر القراء لهن من الجنسين هو الرغبة في قراءة كلمات الحب العفيف على حد وصفهن، أو بمعنى أكثر دقة يقرؤون كتابتهن المنتقبة. ظهور الأدب العفيف مظهر الروائية المنقبة في مصر ارتبط قبل 2011 بكاتبة واحدة هي فدوى حسن، التي أصدرت روايتها الأولى «فدوى» في عام 2008، ليصل بعد ذلك عدد ما أصدرن هؤلاء الكاتبات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة ما يزيد على 26 عملًا بين الرواية والقصة والشعر، غلب على البعض منها الطابع السلفي ك"المنتقبة الحسناء، الرجل ذو اللحية السوداء، حبيبي داعشي، قالت لي، وراء حجاب". وقد خلقت رواية "حبيبي داعشي" للكاتبة المصرية هاجر عبد الصمد، ضجة واسعة في تونس، فبعد تولي دار نشر تونسية طبع هذه الرواية وتوزيعها بعدما كانت تروج فقط بشكل إلكتروني، قام الأمن التونسي بحجب نسخها، التي سلطت من خلالها الضوء على الحب والرومانسية في حياة الدواعش، وقد انحازت الرواية بعض الشيء إلى جانب "داعش"، وذلك لجذب القراء، وتعاطفهم مع بطلة الرواية. سألنا عددا من الروائيين والأدباء المهتمين بهذا الأمر، إذا كان بالفعل يوجد ما يعرف بالأدب العفيف وغير العفيف هذا الأمر كان لفتا لانتباه الأديب والبرلماني يوسف القعيد أيضًا والذي علق عليه، بضرورة مراجعة الكتب من قبل جهات المراقبة الفكرية، فربما تكون مدعمة ومؤيدة للأفكار المتطرفة كمن يدس السم فى العسل، مبينا أنه لا توجد مراجعات ولا مراقبات على الكتب التي تطرح في الأسواق منذ سنوات طويلة، مما يسبب حالة الفوضى الفكرية التي نمر بها حاليا، وأكد ضرورة مراجعة المحتوى للتأكد من خلو تلك المؤلفات من الأفكار المتطرفة. بينما قال الأديب أحمد الخميسي، "بداية لا يوجد ما يعرف بالأدب العفيف، لأن هذا الوصف يعني ربط الأدب بالأخلاق، وهذا ليس من مهام الأدب في الأساس، فهو لا يمثل دور الواعظ، والأديب عليه أن يرى الواقع كما هو وعليه عرضه ومثال على ذلك الأديب العالمي نجيب محفوظ في رواية «بداية ونهاية» أبرز شخصية "نفيسة" ولم يكن دوره الحكم عليها بالعفة ومكارم الأخلاق، وكذلك الأمر بالنسبة للأديب عليه أن يعرض العالم الذي اختار الكتابة عنه كما هو". مضيفًا، أن من يرغب في سماع الأدب العفيف عليه أن يذهب إلى الجوامع، وبين أن الضوابط الشرعية هي دعوة قديمة متأسلمة لربط الأدب بالدين الإسلامي وخلق أدب إسلامي وهي تجربة أثبتت فشلها ولم تر النور، رغم أن رابطة الأدب الإسلامي العالمي حاولوا كثيرًا وفشلوا. ويضيف الخميسي "لو الفنون تعرف بالديانات ستصبح أفلام يوسف شاهين مسيحية وصلاح جاهين مسلمة، وما تحاول هذه الكاتبات الترويج له هو محاولة فاشلة وحاولت جماعة الإخوان المسلمين قديمًا فعلها، والنتيجة لم يخرج منهم أديب واحد طوال ال80 سنة الماضية، باستثناء سيد قطب ولم يكمل في هذا الاتجاه"، وأضاف "أن هؤلاء السيدات ليست قصتهن الرقابة على أنفسهن كما يدعون فكل أديب بالفعل بداخله رقيب، كما كتب طه حسين في كتاب الأيام، وبالتالي إذا سألتهم ما الضوابط الشرعية هذه فلن يكن هناك إجابة، فلم يذكر في تاريخ النقد الإبداعي بأن الأدب يتم وفقًا لضوابط شرعية". وختمً الخميسي كلامه قائلا "هذا النوع من الكتاب يسعون إلى التفاهة والكتابة من على السطح، ويذهبون للمواعظ، وفي الأدب ليس هناك مكان للإرشادات وتحجيم خيال الأديب، والضوابط الوحيدة في الأدب هي العمق وتشريح الناس ولا مكان للرجوع إلى العصور الوسطى". الروائي أشرف عشماوي، أكد أنه لا يوجد تعريف محدد للأدب، لأنه نابع من الأبداع، وبالتالي من الصعب تحديده وما يتردد من كلمات مثل ضوابط وشرعية يتم استخدامها في المعاملات الإسلامية وليس في الفن والأبداع، كما أن من يشيرون إلى أن استخدام الوصف الجنسي في القصص والروايات خارج الأدب غير العفيف هو هزي، لأن توظيف الجنس في الرواية ليس شيئا مقحما، بل أحيانا يكون من الضروريات. مضيفا أن هناك كتابا لا يفضلون المبالغة في الوصف، وهناك العكس ولكل منهم قارئه، كما أن الكاتب لا يمكن أن يحجر على خياله، ولا بد أن يطلق العنان لخياله ويجعله شريكا معه في عملية الإبداع، مؤكدًا أنه ضد مقولة أدب عفيف نهائيًا وأنه ليس هناك كتابة فنية وفقًا للقواعد الإسلامية، فهذا فن وإبداع وتحرر من كل القيود وضد هذه المقولات المفتعلة والمفبركة. الشاعر عزت الطيري، يرى أن الكتابة ليس بها تعفف، والجميع يكتب كما تلح عليه موهبته، وهذا الوصف هو رجوع للعصور الوسطى والأدب الخليجي، لافتًا أن هناك نوعية من الجمهور مثقفة، وأخرى سطحية، تنبهر بالأعمال الركيكة مثلما حدث في ديوان شعر" اشلح هدومك يا زمن" والذي حقق مبيعات كبيرة في معرض القاهرة الدولي للكتاب للعام الماضي، مضيفًا، أن من يروج لهذا النوع من الأدب بداخله سيدات حبيسات من المجتمع، وكل الطرق دفعتهم للكتابة بهذا الشكل لكن بداخلهم فوضى كبيرة للغاية، لافتًا إلى أن هناك بعض الأدباء يكتبون في أماكن تحت قاعدة من الشروط مثل عدم التطرق إلى الدين، الجنس، السياسة، فيكتب وفقًا لهذه الأسس ولكن في المقابل هناك كتاب يبدعون في الكتابات الحرة. ويذكر أن الناقدة هويدا صالح، علقت على هذه الظاهرة بأن جماعة "الإخوان المسلمين" حين وصلت إلى حكم مصر، وجدت صعوبة بالغة في أن تجد من بين كوادرها من يصلح لتولي منصب وزير الثقافة، وكانت بداية سقوطهم، وربما أدركوا وقتها لأهمية الثقافة، وكان نتاج ذلك ظهور الروائيين الملتحين والروائيات المنقبات، وشيوع روايات لها صبغة دينية، بما أن الرواية باتت أقدر على التأثير، موضحة أن الكاتبات المنقبات من حقهن الإبداع ولكن بعد قراءة عدد لا بأس به من أعمال هؤلاء المنقبات، فترى أنها كتابات ضعيفة فنيًا لدرجة أضاعت معالم الفن الروائي وجمالياته المستقرة منذ عقود، سواء بالنسبة إلى الرواية الكلاسيكية وحفاظها على الحبكة والزمانية وبناء الشخصيات، أو الرواية الجديدة بسردها المتشظي والقائم على اللعب بالزمن والإفادة من جماليات حقول معرفية أخرى مثل الشعر والسينما والفن التشكيلي.