استهل جون-كلود سوريل، رئيس المهرجان كلمته الافتتاحية بتأكيد أن الفيلم القصير كان دائمًا جزءًا من الحركة الاحتجاجية الاجتماعية فى دول كثيرة من العالم، ومنها فرنسا انطلقت فعاليات الدورة الحادية والأربعين لمهرجان كليرمون فيران للأفلام القصيرة بفرنسا (1-9 فبراير 2019) تحت شعار "Short in Translation"، إذ يخصص المهرجان هذا العام قسما لعرض الأفلام القصيرة التى تقوم على مفارقات سوء الفهم بسبب اختلاف اللغة، كان منها "Berlin Troika" إخراج أندريه جونشاروف، وفيلم "Vers Nancy" إخراج كلير دينيس. فضلًا عن إعلان كندا ضيف شرف العام ببرنامج خاص للأفلام القصيرة من الكيبيك. كما يضم المهرجان 7 معارض فوتوغرافية وتشكيلية، منها معرض لأفيشات المهرجان فى دوراته الأربعين السابقة. تقام فعاليات المهرجان فى عدد من سينمات مدينة كليرمون فيران، بينما مركز الفعاليات يقام فى "بيت الثقافة" الذى تتسع به قاعة جان كوكتو لاستيعاب ما يزيد على 1500 مشاهد، ومع ذلك ترفع جميع أماكن العرض لافتات "كامل العدد" لدرجة أن هناك المئات يعودون يوميًا إلى بيوتهم دون الاستمتاع بمشاهدة الأفلام التى أتوا تقام فعاليات المهرجان فى عدد من سينمات مدينة كليرمون فيران، بينما مركز الفعاليات يقام فى "بيت الثقافة" الذى تتسع به قاعة جان كوكتو لاستيعاب ما يزيد على 1500 مشاهد، ومع ذلك ترفع جميع أماكن العرض لافتات "كامل العدد" لدرجة أن هناك المئات يعودون يوميًا إلى بيوتهم دون الاستمتاع بمشاهدة الأفلام التى أتوا من أجلها، بسبب الإقبال الجماهيرى الشديد على المهرجان، رغم برودة الجو وانخفاض درجة الحرارة عن 3 درجات مئوية مع أمطار شديدة مستمرة أغلب أوقات اليوم مما يثبت أن أهالى المدينة عشاق حقيقيون للسينما وينتظرون المهرجان كل عام. اقرأ ايضا| جان-كلود سوريل: يوسف شاهين مخرجي العربي المفضل أفلام وقضايا تقدم المسابقة الدولية للمهرجان هذا العام 78 فيلما قصيرًا بحضور مخرجيهم، بين روائى وتسجيلى وتحريك، يتم عرضها من خلال 14 برنامجا، وتضم لجنة تحكيمها 5 مخرجين من أهم صناع الأفلام القصيرة هم الإنجليزى ستيف هاولى، والإسرائيلى نداف لابيد، والكندية كارولين مونيت، والبرتغالية سوسا مونتيرو، والصينية يوون جا-يون. برغم تنوع تيمات تلك الأفلام يظهر منها جليًا الاهتمام بالموضوعات التى تناقش القضايا الأكثر تداولا اليوم. فنجد الفيلم الإسبانى "الخنزيرة" إخراج كارلوتا بيريدا يعالج قضية "التنمر"، وذلك من خلال قصة الفتاة البدينة "سارة" التى تتربص بها زميلاتها، حتى إن صديقتها المقربة تشترك معهن فى إيذائها نفسيًا، ويطرح الفيلم فكرة السلوك الأكثر سوءًا الناتج عن التعرض للتنمر، وهو موت ضمير ضحية التنمر لدرجة السكوت على جريمة بدافع التشفى مما وقع عليها من ظلم. مشكلة استقطاب التنظيمات المتطرفة للشباب فى أوروبا يرصدها فيلم التحريك التسجيلى الألمانى "البحث عن عدى" إخراج إستر نيميير، التى تقص تجربتها مع شاب من أصل عربى تبنته صغيرًا لكنه تركها ليلحق بتنظيم إرهابى. الفيلم يكسر جميع المعتقدات القائمة على أن الإرهابى تصنعه ظروف الفقر أو القهر السياسى، فالشاب عدى ترعرع فى كنف امرأة تعهدته بالرعاية منذ طفولته وقدمت له كل ما يتمتع به أقرانه لكنه اختار تحقيق ذاته بطريقة مشوهة، ليترك وراءه أمًا تتعذب بين فراقه وبين معاناتها مع أزمات وجودية داخلها نتجت عن فعلته. لا يتحرر الإنسان من الحكم الشمولى فور زواله، فقد تمتد تبعات الفترة العصيبة التى عاشها الشخص إلى سنوات طويلة؛ عن تلك الأزمة تدور أحداث الفيلم الشيلى "البحث عن عطاء صامت" إخراج لويس سيفوينتس، فبرغم مرور سنوات طويلة على سقوط الديكتاتور بينوشيه، يبحث "خوان" عن صديقه "بيبى" الذى اختفى قسريًا قبل ثلاثة عقود، لكنه يفاجأ بأن لا أحد يريد أن يتذكر اختفاء "بيبى" أو حتى ذكر اسمه هروبًا من كل عذاب الذكريات الخاصة بفترة حكم بينوشيه. كارثة تنامى اليمين المتطرف الرافض للآخر الذى يصورها الفيلم الأمريكى المؤلم "بشرة" إخراج جى ناتيف. يناقش الفيلم مغبة توريث الأطفال للفكر الفاشى، وتدريبهم على العنف الفكرى والجسدي. يقوم الأب بتدريب طفله مبكرًا على استخدام السلاح، بالتوازى مع رؤية الطفل لمعارك الأب مع كل من هو مختلف بمن فيهم سمر البشرة، فينتهى الفيلم بمأساة يحصد سريعًا فيها الأب حصاد ما زرعه فى طفله الوحيد. حقق الفيلم العربى القصير اللبنانى "آخر أيام رجل الغد" إخراج فادى باقينسبة حضورا جيدا نسبيًا بين أفلام المسابقة الدولية، والفيلم المصرى "Turning Ten" أيضا، والفيلم التونسى "أُخوة" إخراج مريم جبور، أما قسم "أفريكان بروسبيكتيف" فشمل 12 فيلمًا كان منها فيلمان تونسيان هما "العصفور الأزرق" إخراج رفيق عمرانى، وفيلم "بطيخ الشيخ" إخراج كوثر بن هنية. من أجمل ما يميز مهرجان كليرمون فيران للأفلام القصيرة تركيزه على سينما الأطفال، وجذب المشاهدين الصغار إلى قاعات السينما، وذلك من خلال القسم العريق "الجمهور الصغير"، ويعرض القسم هذا العام 57 فيلما من خلال 7 برامج يرعاها عدد من قنوات الأطفال التليفزيونية المتخصصة والمدارس، وعادة ما تكون غالبية هذه الأفلام من فئة التحريك. على جانب آخر، يستمر سوق مهرجان كليرمون فيران بوصفه المنصة الأضخم والأهم فى العالم لتسويق الفيلم القصير، فعلى مدى 5 أيام (4-8 فبراير 2019) يجتمع أكثر من 130 منتجا وموزعا فى حيز واحد لطرح أحدث وأفضل إنتاجات العام القصيرة. فضلًا عن عشرات الأنشطة والفعاليات التى تشمل محاضرات تفاعلية وجلسات عمل وندوات وفعاليات احتفالية يلتقى فيها صناع الأفلام بممثلى دور العرض والمهرجانات من كل أنحاء العالم. القضية الفلسطينية حاضرة يعرض المهرجان ضمن برنامج صغير بعنوان "الفيلم القصير والتاريخ" الفيلم التسجيلى القصير "الفلسطينيون" إخراج جوهان فان دير كيوكن إنتاج سنة 1975، ويدور عن رحلة خاضها مخرج الفيلم مع بداية الحرب الأهلية اللبنانية لمس فيها عن قرب الصراع الفلسطينى-الإسرائيلى من خلال الوجود فى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين؛ كما يعرض البرنامج الفيلم الروائى القصير "سايبر فلسطين" للمخرج الفلسطينى إليا سليمان إنتاج سنة 2000، مع إشارة فى بداية كتالوج المهرجان إلى أن القضية الفلسطينية ظلت كثيرًا أحد هموم كبار المثقفين وصناع الأفلام العالميين ومنهم جيل ديلويز وجان-لوك جودار وجوهان فان دير كيوكن، كما أن الصورة النمطية المشوهة التى أخذها العالم عن الفلسطينيين قد تغيرت كثيرًا بفضل ظهور مخرجين مثل ميشيل خليفى وهانى أبو أسعد وآن مارى جاسر، وذلك على حد وصف البروفوسير سيلفان دريير. يذكر أن مهرجان كليمون فيران يعد من أهم ما تشتهر به المدينة، ويحظى المهرجان وضيوفه برعاية خاصة من بلدية المدينة حيث تُسخر كل الإمكانات لجعل أيام المهرجان ذكرى مميزة تجعل من إعادة زيارة المدينة شغفًا لا يمكن مقاومته، إذ تتزين أغلب محلات التسوق والمعارض بأفيش الدورة الجديدة مع تقديم معاملة خاصة لحملة بطاقات المهرجان، كما يحصل حملة البطاقة على كود خاص يمكنهم باستخدام كل وسائل المواصلات العامة فى المدينة مجانًا خلال فترة المهرجان.