قبل عشرة أيام، احتلت المواطنة الأمريكية كريستين بلازي فورد عناوين الأخبار، بعد أن اتهمت بريت كافانو المرشح لعضوية المحكمة العليا الأمريكية، بالاعتداء الجنسي عليها منذ أكثر من ثلاثين عامًا عندما كان في المدرسة الثانوية. ليلة أمس، أدلت فورد بشهادتها أمام أعضاء اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ الأمريكي، حول هذه الادعاءات، في جلسة استمرت نحو 4 ساعات، وسط تزايد مصداقيتها بين المتابعين بعد أن روت قصتها بثقة ودون تردد. وأعقب جلسة فورد، جلسة للقاضي كافانو الغاضب، والذي يسعى لدحض هذه الادعاءات، التي تقول فورد إنها وقعت في صيف عام 1984. وأشارت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إلى أنه على الرغم من أن أعضاء مجلس النواب الأمريكي ليس لديهم رأي في ما إذا كانت اتهامات فورد ضد القاضي كافانو تقضي على ترشيحه للمحكمة العليا، إلا أنه قد يكون أثار قلق العديد من النواب الجمهوريون في مجلس النواب الذين يشعرون بالخطر قبل انتخابات التجديد النصفي المقرر لها نوفمبر المقبل. ففي الوقت الذي تقع فيه العديد من المعارك الانتخابية على مقاعد مجلس الشيوخ في ولايات ذات ميول جمهورية، حيث فاز فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسهولة في انتخابات الرئاسة عام 2016، إلا أن المعارك على مقاعد مجلس النواب، تُجري في مناطق الضواحي في ولايات مثل كاليفورنيا وبنسلفانيا و نيويورك، وهي المناطق التي تضم نسبة عالية من النساء المتعلمات تعليمًا جامعيًا، واللواتي من الممكن أن يغيرن اتجهاتهن الانتخابية بعد مزاعم فورد وشهادتها العاطفية أمام مجلس الشيوخ. ويقول أحد المشاركين السابقين في حملة الحزب الديمقراطي الانتخابية لمجلس النواب، إن "هذه الجلسة، ومعركة المحكمة العليا برمتها، قد تتسبب في المزيد من الضرر للحزب الجمهوري في مجلس النواب، أكثر من مجلس الشيوخ، رغم حقيقة أن أعضاء مجلس الشيوخ هم من سيصوتون لقبول كافانو أو عدم قبوله". وأضاف أن "رئيس الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، ورئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ تشاك جراسلي، قد يتسببا في إنهاء سيطرة الجمهوريين على الكونجرس". اقرأ المزيد: قبل انتخابات الكونجرس.. ترامب أمام أزمة جديدة بسبب الحرب التجارية وفي الوقت الذي يؤكد فيه بعض الجمهوريين أن المرشح المناسب على مقعد في لمجلس النواب، لن يتأثر بقية كافانو، إلا أن أعضاء آخرون في الحزب يخشون من أن المشهد الذي شهدته اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ يوم الخميس، يمكن أن يعمق الشكوك بين الناخبين، ولا سيما النساء، في الحزب الجمهوري، والذي كان أداء مرشحيه دون المستوى، في استطلاعات الرأي الأخيرة. وصرّح أحد العاملين في حملة الحزب الجمهوري لانتخابات مجلس النواب، أن "الحزب خسر مؤيديه من النساء". وقالت الشبكة الأمريكية، إن هذا الشعور كان مدعومًا، بأداء كافانو القتالي، والذي كان يشبه أداء ترامب في بعض الأحيان، من خلال شن هجمات مباشرة على وسائل الإعلام، والديمقراطيين، وحتى الإشارة إلى بيل وهيلاري كلينتون. وأشار العضو السابق في حملة الحزب الديمقراطي الانتخابية، إلى أنه "على الرغم من أن المصوتين يصوتون بالتأكيد على المرشحين في السباقات بشكل فردي، إلا أنهم أيضًا يضعون في اعتبارهم أنهم يختارون بين حزبين"، وأضاف أن "الأمر المميز للحزب الجمهوري الآن هو جلسة الاستماع الأخيرة وبريت كافانو!". واستغل مجموعة من المرشحين الديموقراطيين، لا سيما أولئك المرشحون في مناطق الضواحي الضخمة، جلسة استماع كافانو، وركزوا على وجه الخصوص شهادة "فورد" العاطفية. اقرأ المزيد: بعد اتهام مرشحه لمنصب رئيس المحكمة العليا بالتحرش.. ترامب يصطدم بالديمقراطيين فعلى سبيل المثال دأب شون كاستن المرشح الديمقراطي على مقعد مجلس النواب في ضواحي شيكاغو، على الهجوم على كافانو منذ ترشيحه لعضوية المحكمة العليا في يوليو الماضي، مع التركيز في البداية على الادعاءات بأن كافانو قد صوت لصالح القرار الذي أكد دستورية القوانين التي تجرّم أو تقيد الوصول إلى الإجهاض. كما استخدم كاستن ترشيح كافانو لانتقاد منافسه الجمهوري بيتر روسكام، هذا الأسبوع، حيث قامت حملة كاستن بالترويج لإعلان على "فيسبوك" يدعو روسكام لسحب دعمه لكافانو. لكن جلسة الاستماع الدرامية التي عقدت يوم الخميس، زادت من حدة هذا الأمر، حيث قال جريج باليس مدير حملة كاستن "أعتقد أن هذا يعني أننا سنواصل الضغط على روسكام"، وأضاف أن "فورد أظهرت شجاعة مذهلة، وليس لدى بيتر روسكام الشجاعة الكافية للوقوف في وجه ترامب". حملة كاستن لم تكن الوحيدة التي استغلت هذا الأمر، ففي مقاطعة نيوجيرسي السابعة، كانت هناك ساحة معركة أخرى، حيث نشرت حملة المرشح الديموقراطي توم مالينوفسكي، شريط فيديو على "فيسبوك" لمنافسه الجمهوري ليونارد لانس، يشيد فيه بكافانو، وقال خلاله "أنا لا أميل إلى تصديق اتهامه بإرتكاب اعتداءات جنسية". وفي الدائرة السادسة في ولاية كولورادو، حيث يتحدى النائب الديمقراطي جيسون كرو، النائب الجمهوري مايك كوفمان، أصدر كرو بيانًا أشاد فيه بشهادة فورد واصفًا إياها بأنها "شجاعة بشكل لا يصدق"، ودعا إلى سحب ترشيح كافانو. وعلى الجانب الآخر، جمع رد فعل أعضاء الحملات الانتخابية لمرشحي الحزب الجمهوري على جلسة الاستماع، بيم مزيج من القلق والعزيمة، حيث اعترف أحد أعضاء الحزب العاملين في انتخابات التجديد النصفي بأن "شهادة فورد جاءت بشكل محترف وبارع ولا أعتقد أنها تكذب"، لكنه أضاف أن "هناك الكثير من العوار في قصتها". اقرأ المزيد: ولايات «حزام الصدأ» تخذل ترامب في انتخابات الكونجرس ويقلل بعض الجمهوريين من التأثير السياسي المحتمل لجلسات الاستماع، وتنبأوا بأن دفاع كافانو عن نفسه، قد يحافظ على مؤيدي الحزب الجمهوري. إلا أن الواقع قد يكون مختلف، حيث عارضت النساء في مناطق الضواحي ترشيح كافانو، حتى قبل جلسات الاستماع الدرامية قبل يوم الخميس، حيث أظهر استطلاع حديث للرأي أجرته شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية أن 32% فقط من النساء في مناطق الضواحي يؤيدن تشريح كافانو، فيما تعارض ترشيحه 63% منهن.