اعتاد الاستيقاظ مبكرا، حتى بعد خروجه للمعاش، في نحو الثامنة تقريباً يحتسي كوباً من الشاى ويجلس أمام التلفاز منتظراً مجىء ابنه من الشركة التي يعمل بها أو شقيقته التي تقوم غالباً على حاجته نظراً لبلوغه سن المعاش ووفاة زوجته، إلا أن الجيران اكتشفوا انبعاث رائحة كريهة، ليجدوه جثته وقد فارق الحياة، «التحرير» تسرد تفاصيل الحادث الذي وقع بمدينة 15 مايو على أطراف جنوبالقاهرة المترامية، عبر السطور المقبلة. في هذا المساء قبل يوم مضى، نمى إلى سمع «أيمن.ج.ع»، موظف بالمعاش، صوت ضوضاء وصخب في شارع 14 الذي يقطن به، والمقابل لشارع محروس عبد الدايم، نظر من شرفته واطلع على مجريات الأمور، فوجد مشادة كلامية نشبت بين ابنه إبراهيم، في أثناء عودته من عمله وانتظاره مع عدد من أصحابه أمام الشارع وتحديداً قرب «ترابيزة بلياردو» يقضي بها الشباب وقتاً للعب والمرح في أوقات الصيف. نادى أيمن على ابنه وأخبره بالصعود لشقته وإنهاء الخلاف، غير أن ابنه لم ينصع لحديثه وأصر على الانتظار على سبيل «العند»، الذي نشأ بينه وبين أحد الشباب المنتظرين أيضا عند «ترابيزة البلياردو»، نزل الأب مسرعا خشية تفاقم الخلاف مع ابنه، ولسان حاله يُحدثه «ربنا يسترها مش عايز اتبهدل وأنا كبير»، تجمع الجيران وسمع والد إبراهيم بسبب الخلاف الذي نشب بين ابنه وبين الشاب الذي كان يلهو عند «البلياردو»، وعلم أن ابنه لم يخطئ في حق الطرف الثاني، وهنا تعالت أصوات الشاب الذي تشاجر مع نجله وردد عبارات مسيئة في حقه. يقول محمد أبو اليزيد، محاسب، وأحد جيران المجني عليه إن الأب موظف المعاش، لم يرغب في تطور المشادة وتغاضى عما سمع من إساءة في حقه وابنه، الذي شهد الجيران أنه لم يخطئ، وكل ما نطق به "عم أيمن" للشاب صاحب المشاجرة مع نجله «أنا هاوريك.. أنا هاوريك»، مشيراً إلى أن الأب المجني عليه لم يتخيل أن يكتم الشاب غيظه ويخطط لقتل والد إبراهيم، لأنه لم يكن من الأساس طرفاً في المشادة التي جمعت بينهما كشباب في عمر متقارب. أضاف الجار أنهم اكتشفوا عدم ظهور عم أيمن، قبل يومين مضيا فقط، حيث اعتادوا عليه يقف في شرفة شقته من وقت لآخر، وكذا لم يظهر ابنه لكنهم علموا أن الابن في عمله و«مطبق ورديتين مع بعض»، غير أنهم اكتشفوا ومجموعة من الجيران رائحة كريهة تنبعث من الشقة التي يسكن بها المجني عليه، طرقوا الباب لم يفتح أحد ولم يلب نداءهم أى مجيب، زادت حيرتهم خاصة مع استمرار الرائحة الكريهة. «كانت الصدمة لما كلمنا النجدة وجت الشرطة ولقت عم أيمن ميت»، يقول يوسف، جار ثان للمجني عليه، مشيراً إلى أنهم في حالة صدمة وذهول جراء العثور على جثة الأب مسدد له طعنة نافذة، إلا أنهم لم يعرفوا بعد المتهم الحقيقي، مشيراً إلى أن رجال المباحث ألقوا القبض على الشاب صاحب المشاجرة التي نشبت بينه وبين نجل القتيل، بعد عمل التحريات، معقباً «الواد اللى اتخانق مع ابراهيم ابنه شراني ومعروف إنه مؤذي من منطقة تانية جمبنا هنا.. ده اللى نعرفه لغاية دلوقتى والله أعلم بحقيقة اللى حصل». أوضح يوسف أن المجني عليه، موظف المعاش، كانت تجمعه صلة صداقة قوية بجيرانه نتيجة حسن سيرته وأخلاقه الطيبة «مابيغلطش في حد ومابيحبش المشاكل.. بس برده منه لله اللى كان السبب.. لو كان ابنه سمع كلامه وطلع معاه الشقة ماكنش ده حصل.. هي دى آخرة المشاكل». وأشار الجيران إلى أن شقيقة المجني عليه وزوجها وأبنائها وأسرة المجني عليه، ذهبوا لدفن الجثمان في بلدة الفيوم، بعد استخراج تصريح بالدفن في ضوء القرار الصادر من النيابة العامة. وقالت الحاجة «أم كمال»، عجوز تقيم بالشارع، إن المجني عليه «طول عمره طيب والكل عارف إنه صاحب واجب، مراته ماتت وهو قعد يربى في ولاده، عنده بنتين وولد»، وأشارت إلى أنها لم تصدق حتى الآن أن مشاجرة بين اثنين من الشباب يكون جزاؤها مقتل رجل مسن. تلقت شرطة النجدة بالقاهرة بلاغاً أمس، بانبعاث رائحة كريهة من شقة بشارع 14 بحي 15 مايو، وتبين العثور على جثة رجل مسن، وأشار الأهالى في محضر الشرطة الأولي إلى وجود مشاجرة جمعت بين نجل القتيل وأحد الشباب قرب ترابيزة بلياردو، ويباشر رجال المباحث جهودهم للوقوف على الحقيقة الكاملة حول مقتل المجني عليه، وصرحت النيابة العامة بدفن الجثة بعد توقيع الكشف الطبي عليه، لبيان أسباب الوفاة.