يبدو أن الفنان أمير كرارة في طريقه إلى تحقيق الصدارة جماهيريًا في الماراثون الرمضاني للعام الثاني على التوالي، فرغم أن التكهنات كانت تُشير إلى أن محمد رمضان سيتصدر السباق نظرًا لشعبيته الكبيرة، إلا أن الأول يتفوق على الجميع حتى الآن في صراع الأرقام والمشاهدات عبر "اليوتيوب"، حيث حققت الحلقة الأولى من مسلسله "كلبش 2"، أكثر من 5.5 ملايين مشاهدة عبر حساب قناة "الحياة"، بينما رمضان لم تتجاوز مشاهداته 5 ملايين عبر حساب قناة dmc. "كلبش" عمل غيّر مسار الحياة الفنية لصناعه الرئيسين الثلاثة، البطل أمير كرارة، المؤلف باهر دويدار، والمخرج بيتر ميمي، حيث أصبح أمير بطلًا شعبيًا حاملًا للقب "باشا مصر"، وقرّبه الدور من الناس، وكوّن له قاعدة جماهيرية كبيرة، ما دفعه لتقديم أول بطولة سينمائية مطلقة له تُنافس في موسم عيد الفطر، من خلال فيلم "حرب كرموز"، وهو عمل يتوقع له النجاح الجماهيري نظرًا للإمكانات الضخمة مستخدمة فيه، ولما حققه التريلر الخاص به من رواج. الاسم الثاني في صناع "كلبش" هو المؤلف باهر دويدار، الذي يتعاون لأول مرة مع أمير كرارة وبيتر ميمي في أعماله، وبدأ مشواره عام 2012 بالجزء الأول من مسلسل "حكايات بنات"، ثم ابتعد عن الساحة 3 سنوات قبل أن يعود بمسلسل "حق ميت"، ثم في 2016 بمسلسل "الميزان"، وكان العام الماضي أهم نجاحه بتقديمه جزأين جُدد لمسلسله الأول، فضلًا عن "كلبش". المخرج الشاب بيتر ميمي هو الاسم الثالث، الذي نفرد له هنا مساحة أكبر، وهو كاتب ومخرج مصري، من مواليد 9 أبريل عام 1987، تخرج في كلية الطب بجامعة القاهرة وعمل مُعيدًا في معهد الكبد، ثم قدّم استقالته ليحصل على دبلومة في السينما، ويُقدّم عدة أفلام قصيرة، منها "يوم سعيد جدًا" 2008، و"اتجاه واحد" 2009، ثم يُقدّم أول أعماله السينمائية الروائية من خلال فيلم "سبوبة" عام 2012 (مقتبس من فيلمي Seven Samurai، Reservoir Dogs)، ثم "سعيد كلاكيت" 2014، والعملان من تأليفه أيضًا، ثم "حارة مزنوقة" 2015 (مقتبس عن فيلم Hangover)، وهي أفلام لم تُحقق أي نجاح يُذكر ولاقت فشلًا ذريعًا على المستويين الجماهيري والنقدي. عام 2016، شهد النجاح الجماهيري الأول لبيتر ميمي، من خلال فيلم "الهرم الرابع" وهو من تأليفه وإخراجه، رغم أنه منقول نصًا من الفيلم الأمريكي Mr. Robot، ما كان دافعًا له لتقديم 3 أعمال ناجحة تجاريًا في 2017، وهم مسلسلا "كلبش"، و"الأب الروحي"، وفيلم "القرد بيتكلم" لعمرو واكد وأحمد الفيشاوي، وهو من تأليفه وإخراجه واقتبسه عن الفيلم الأمريكي Now You See Me، ثم افتتح العام 2018 بفيلمه "عقدة الخواجة" لحسن الرداد. دائمًا ما يُتهم بيتر ب"النحت" أو سرقة ما يقدمه من أفلام أجنبية، بأن يجعل أعماله دائمًا ألبومًا يقتبس فيه من كل فيلم أغنية، فكرة من هذا الفيلم، وخدعة من هذا، وبعض الجمل الحوارية من هذا، والمشكلة ليست في الاقتباس في حد ذاته، ولكن الاقتباس صنعة تحتاج إلى قدر كبير من الإبداع، مع وضع لمسات تُميز العمل عن الأصلي وتحفظ له هويته، وهذا ما لا يفعله بيتر ميمي في أعماله، فهو يحل محّل المترجم لا أكثر، فيخرج العمل باهتًا من الناحية الفنية، إلا أنه لا يعبأ بذلك طالما أنه يُحقق نجاحات جماهيرية. "كلبش" يحتوي على العديد من مشاهد المطاردات والمداهمات الساذجة، الحلقة الأولى وحدها شهدت عدة أخطاء، منها الاستعانة بموسيقى المسلسل الشهير Game Of Thrones، وتنفيذ المطاردات بجرافيك كارتون أطفال، وكذلك طريقة حمل لأمير كرارة للسلاح.. مشاهد كاملة من المسلسل عنوانها الرئيسي "الكروتة" والاستسهال. ورغم أخطاء بيتر ميمي إلا أنه يمكن أن يصبح ظاهرة سينمائية لعدة سنوات قادمة، هو يراهن على قدرته على إبهار الجمهور من مشاهديه، وهو ناجح للغاية في ذلك، رغم أن عناصر أعماله مشتتة للغاية، ولم يمنح مشاهده عنصرًا واحدًا يستحق الاحترام أو التقدير، مستهينًا بعقلية المتفرج، ووسيلته الوحيدة لتمرير الأخطاء الفنية التي يقوم بها في أعماله هي الإبهار، وليس هناك أقوى من النهاية التى ختم بها الحلقة الأولى من "كلبش 2"، حينما قضى الإرهابيون على كرارة وأسرته. وبعيدًا عن أخطاء "كلبش"، فإن وزارة الداخلية ورجالها هم أكبر مستفيد من نجاح المسلسل جماهيريًا، حيث إنه في المقام الأول خطاب دعائي لحشد التعاطف الشعبي مع رجال الشرطة، وإبراز الجانب الإنساني في حياتهم وبطولاتهم وتحدياتهم في مواجهة الإهارب، لذا ساهمت الوزارة بشكل كبير في إعداده، ففى الحلقة الأولى كل المدرعات والسيارات كانت مدعمة من الداخلية، كما سمحت الوزارة لأسرة المسلسل بدخول مجمع سجون طرة للتصوير في السجن الرئيسي، وهو ما لم يحدث بهذا الشكل من قبل، وذلك حسبما ورد على لسان أمير نفسه في حوار صحفي له مؤخرًا مع جريدة "المصري اليوم". "كلبش 2" تدور أحداثه من بعد ترقية الرائد سليم الأنصاري، الذي يتولى مأمورية الإشراف على سجن العقرب، وتنقلب حياته رأسًا على عقب بعد أن يقتل أهله، ويتعرض لإصابات بالغة، في محاولة اغتيال على يد متطرفين، فيبدأ رحلة البحث عنهم لينتقم منهم، وهو بطولة أمير كرارة، محمود البزاوي، هالة فاخر، أحمد صلاح حسني، عبد الرحمن أبو زهرة، أحمد حلاوة، تأليف باهر دويدار، إخراج بيتر ميمي، وإنتاج سينرجي للمنتج تامر مرسي.