طال السجن والاعتقال مقربين من الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد منذ انتهاء دورته الرئاسية الثانية "2009 2013"، كان آخرها إلقاء القبض على صهره ومدير مكتبه السابق اسفنديار رحيم مشائي مؤخرا، لتهم لم يشرحها القضاء. خطوة اعتقال مشائي جاءت بعد أن أُحرق أمام مبنى السفارة البريطانية في طهران قرار المحكمة القاضي بسجن مساعد نجاد الآخر حميد بقائي لخمسة عشر عاما، موجها رسالة واضحة للقضاء الإيراني، ومتهما إياه بتحقيق الأهداف الأجنبية. وأثارت قضية اقتياد حميد بقائي ليقضي حكما بالسجن 15 عاماً جدلاً في أوساط النظام خاصة بعد ما فضح السبب الأساسي لسجنه، وقال إنه سجن لخلافاته مع الحرس الثوري حول اختفاء ملايين اليوروهات كانت مخصصة لتدخل فيلق القدس في دول إفريقية. القضاء الإيراني بعد أن أوقف مشائي اعتبر أن تصرّفات أنصار نجاد تتوافق مع الشيطان الأكبر "الولاياتالمتحدة وإسرائيل"، على حد وصف القضاء. اللعب بالنار اسم أحمدي نجاد المغضوب عليه من النظام الإيراني، ورد في عدد من الشكاوى القضائية، وربما يأتي ذلك نتيجة تكثيفه منذ أشهر الانتقادات الحادة للسلطة، لا سيما السلطة القضائية التي يرأسها آية الله صادق لاريجاني، الخصم المحافظ المتشدد للرئيس السابق. ورغم ذلك لن يعطي لذلك أي اهتمام، ويصر نجاد على اللعب بالنار وهو ما يجعله قريبا للغاية من إجراءات قضائية قد تتخذ بحقه وتفرض عليه العزلة. ففي تصعيد غير مسبوق على صعيد صراع أجنحة الحكم في إيران، كشف نجاد، عن حجم ثروة المرشد الأعلى للنظام الإيراني، علي خامنئي، التي قدرها ب800 ألف مليار تومان، أي ما يعادل 190 مليار دولار أمريكي تقريبا، واتهمه بنهب أموال المواطنين ومواصلة القمع لإسكات المنتقدين. اقرأ أيضًا.. «الاعتداء على السفارات» متنفس الإيرانيين في الخارج ضد نظام الملالي موقع "دولت بهار" المقرب من أحمدي نجاد، نشر رسالتين مطولتين منه أول من أمس الأحد، موجهتين إلى خامنئي، ينتقد خلالهما استحواذ مؤسسات المرشد على نحو 190 مليار دولار أمريكي بطرق غير مشروعة لا تخضع لأية رقابة مالية. نجاد طالب في رسالة أخرى لخامنئي بإجراء انتخابات مبكرة وإقالة رئيس القضاء والإفراج عن معتقلي الاحتجاجات للخروج من الأزمة السياسية في البلاد، ما حدا بالتيار المتشدد بسجنه أو وضعه تحت الإقامة الجبرية. أنصار أحمدي نجاد يتهمون رئيس السلطة القضائية الإيرانية، آية الله صادق آملي لاريجاني، المقرب من المرشد وأشقائه المتنفذين في النظام بالسرقة والفساد ونهب المال العام، ويصفون القضاء الإيراني ب"الظالم" و"المنحرف". وفي يناير الماضي وجّه سبعة من كبار المسؤولين في إدارة نجاد، رسالة إلى وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي يطالبون فيها تنظيم وقفة احتجاجا على الأوضاع الحالية في البلد، وتدهور الوضع الاقتصادي. بداية الصراع وحول بداية الخلاف يقول الباحث في الشأن الإيراني الدكتور محمد بناية عضو الهيئة التحريرية في مجلة مختارات إيرانية، إن "بوادر الشقاق بين نجاد وعلي خامنئي ظهرت بعد انتخابات 2009، حيث وصل الخلاف بينهما إلى احتجاب أحمدي نجاد بالبيت مدة أحد عشر يوما". وأضاف الدكتور بناية في تصريحات ل"التحرير": "انتهت الدورة الرئاسية العاشرة، وكان المرشد حريصا على تعيين أحمدي نجاد في مجلس تشخيص مصلحة النظام. لكن سرعان ما تفجر الصراع مجددا بعد إعلان أحمدي نجاد عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة دون التفات لتوصيات المرشد، ومن ثم دأب نجاد على مهاجمة الأخوة لاريجاني، لا سيما جواد أملي لاريجاني، واتهام دوائر السلطة بالفساد، بالتالي يمكن القول إن نقطة تفجير الخلافات بين نجاد الذي يعتمد على شعبيته ومكانته الاجتماعية، والنظام سببها معارضة المرشد ترشح أحمدي نجاد للرئاسة". اقرأ أيضًا.. علماء إيران.. صداع في رأس نظام الملالي الحظر أو الاعتقال وأوضح الباحث في الشأن الإيراني أن أحمدي نجاد ومعاونه "حميد بقائي" وصهره "إسفنديار رحيم مشائي" ومستشاره الإعلامي "علي أكبر جوانفكر" شرعوا في نشر الوثائق والمقاطع المصورة التي تدين رئيس السلطة القضائية الإيرانية آية الله صادق أملي لاريجاني، واتهموه وأشقاءه بالسرقة والفساد ونهب المال العام. وتابع: "لكن ما لبث الصراع أن اتخذ منحى جديدا وتوريط أطراف جديدة بعد الحكم على مساعده التنفيذي حميد بقائي بالسجن خمسة عشر عاما، على خلفية اتهامه من جانب حسين طائب، رئيس هيئة المعلومات بجيش حراس الثورة، باختلاس الأموال التي خصصها جيش حراس الثورة لمساعدة حركات المقاومة في إفريقيا، وبالتالي فقد قرر الحرس الثوري مساندة السلطة القضائية في حربها ضد أحمدي نجاد، لا سيما بعد إعلان المتحدث باسم الحرس الثوري دعم حكم السلطة القضائية الصادر ضد حميد بقائي". وحول مصير نجاد بالتوازي مع تحول الأصوليين عنه، يرى الدكتور بناية أنه ربما تمهد أحكام السلطة القضائية ضد طاقم عمل نجاد، لإصدار قرار فرض الحظر أو الإقامة الجبرية ضد نجاد أو اعتقاله في حال قرر التمادي في مهاجمة مؤسسات النظام في ضوء رفض النظام الاستماع لأي صوت معارض.