جاء استخدام روسيا حق النقض "الفيتو" بمجلس الأمن أمس، ليمثل ضربة جديدة لمساعي الغرب الرامية إلى تحميل إيران مسؤولية دعم المسلحين الحوثيين في حربهم ضد الحكومة اليمنية المعترفة بها دوليًا والتحالف الداعم لها بقيادة السعودية. حيث أعدت بريطانيا مسودة القرار بالتشاور مع الولاياتالمتحدةوفرنسا، وتضمنت "التنديد بإيران لانتهاكها حظر السلاح المفروض على جماعة الحوثي، وشملت التزامًا من المجلس باتخاذ إجراء بهذا الشأن". صفعة لواشنطن وحصل مشروع القرار على تأييد 11 عضوًا ومعارضة عضوين، هما روسيا وبوليفيا، بينما امتنعت الصين وكازاخستان عن التصويت. ويحتاج أي قرار لمجلس الأمن إلى موافقة تسعة أعضاء دون استخدام أي بلد من الأعضاء الدائمين حق النقض. ويعتبر هذا الأمر بمنزلة صفعة للولايات المتحدة وحلفائها الذين ضغطوا خلال المشاورات لتجديد الحظر من أجل تحميل طهران مسؤولية تسليم الحوثيين صواريخ إيرانية الصنع، استُخدمت لقصف السعودية عام 2017، وذلك حسبما ذكرت صحيفة "سبق". كما يعد الفيتو الروسي هزيمة لواشنطن التي تضغط منذ شهور لتحميل إيران المسؤولية في الأممالمتحدة، وهددت في نفس الوقت بالانسحاب من الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية في العام 2015 إذا لم يتم إصلاح ما تصفها بأنها "عيوب كارثية" فيه. وبعد الفيتو الروسي، تم اعتماد قرار بالإجماع، اكتفى بتجديد الحظر على نقل السلاح إلى اليمن من دون الإشارة إلى إيران. في المقابل سعت بريطانيا لتضمين عبارة "قلق خاص" من المجلس بخصوص تقرير أممي، وجد أن إيران انتهكت حظرًا للأسلحة على اليمن في العام 2015. تحرك أحادي وردا على استخدام روسيا للفيتو، هددت واشنطن، بالتحرك بشكل أحادي ضد إيران، واتهمت السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة نيكي هيلي "موسكو" بحماية "النظام الإيراني الراعي للإرهاب"، محذرة باتخاذ المزيد من الإجراءات ضد طهران. وقالت سفيرة الولاياتالمتحدة: "إذا كانت روسيا ستواصل التستر على إيران، فسوف تكون الولاياتالمتحدة وحلفاؤها بحاجة إلى اتخاذ إجراء من تلقاء أنفسهم.. وإذا لم نحصل على إجراء في المجلس سيتعين علينا عندئذ اتخاذ إجراءاتنا التي لا يمكن لروسيا منعها"، دون أن تحدد الإجراء الذي قد يتم اتخاذه. وأضافت: "لقد أثبت هذا فحسب صحة كثير مما كنا نعتقد فيه بالفعل، بأن إيران تحصل على تصريح من أجل أسلوبها الخطير وغير القانوني". إطالة الحرب من جانبه علق الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، قائلًا: حق النقض "الفيتو" من قبل روسيا يقع ضمن صحيح القانون الدولي وتعزيز ميثاق الأممالمتحدة، بعد أن ارتضت كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن باستخدام هذا الحق الذي يمنح للأعضاء الخمس دائمي العضوية في مجلس الأمن، وهي "روسيا، الصين، المملكة المتحدة، فرنسا، الولاياتالمتحدة"، ويكفي اعتراض أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ليرفض القرار ولا يُمرر نهائيًا". وأضاف سلامة ل"التحرير": "لكن بالنظر إلى إصدار عدة تقاريرمن هيئات مختلفة تثبت خرق إيران قرارات مجلس الأمن وأهمها قرار 2216 الذي يحظر توريد الأسلحة للحوثيين وقوات الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، جاء القرار الروسي باستخدام الفيتو ضد إدانة إيران في اليمن الذي من شأنه أن يفاقم الأوضاع المشتعلة". كما يرى مراقبون للشأن اليمني أن الفيتو الذي استخدمته روسيا في مجلس الأمن سينعكس سلبًا على المشهد اليمني، ويوفر غطاءً لاستمرار تدفق الأسلحة للحوثيين. وأوضح المراقبون أن الفيتو الروسي يعني استمرار تدفق الأسلحة من إيران لميليشياتها الحوثية في اليمن، وهذا يطيل أمد الحرب. ورغم تقديم أدلة من قبل خبراء بالأممالمتحدة حول انتهاكات إيران حظر الأسلحة، فإن مجلس الأمن فشل في اتخاذ قرار كان من شأنه أن يدعو الأخيرة إلى مراجعة أفعالها. تقويض السلام من جهته، أدان نائب السفير البريطاني لدى الأممالمتحدة جوناثان آلانان استهداف ميليشيات الحوثي أهدافا مدنية سعودية، معتبرًا أن تلك الهجمات ستطيل من أمد النزاع في المنطقة. وقال جوناثان آلانان: "الهجمات التي تم إطلاقها ضد أهداف مدنية في المملكة العربية السعودية هي أمر غير مقبول وتقوض إمكان تحقيق السلام وتطيل من النزاع وتعرض المدنيين للخطر". كما شدد المندوب البريطاني لدى الأممالمتحدة على أن إيران تنتهك القرارات الدولية بتزويدها الحوثيين بالسلاح، خاصة الصواريخ والطائرات بدون طيار، قائلاً: "المملكة المتحدة تشعر بقلق بالغ من أن إيران لم تتخذ التدابير اللازمة لمنع وصول وبيع وإمداد للصواريخ قصيرة المدى والطائرات بدون طيار سواء بشكل مباشر أو غير مباشر للمتمردين الحوثيين، وعلى ضوء هذا، فإن إيران لا تمتثل للفقرة 14 من القرار 22161". ووفقًا لخبراء، فإن روسيا التي تتمسك داخل مجلس الأمن بمشروع قرار يتوقف عند تمديد حظر تسليح الحوثيين لعام واحد دون أي ذكر لإيران، تريد قتل الجهود الأمريكية الرامية إلى إدانة أكبر لطهران في أدوارها الإقليمية، حتى تغلق الباب أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالحصول على مبررات أكبر لتعديل الاتفاق النووي مع طهران أو حتى الانسحاب منه. في حين لا تعبأ موسكو في هذا الصدد بتقارير خبراء الأممالمتحدة والتي أشارت إلى تقاعس إيران عن منع وصول أسلحة إلى الحوثيين.