أثارت أحداث إيران اهتمام العديد من وسائل الإعلام الدولية، حيث شهدت البلاد احتجاجات واسعة، طالب فيها المتظاهرون بإسقاط القيادة الدينية ونظام ولاية الفقيه بما في ذلك المرشد علي خامنئي. وفي طهران، تم نشر وحدات الشرطة الخاصة في المناطق التي شهدت اشتباكات الليلة الماضية، وقامت العديد من السيارات برش المياه على المحتجين. وفيما يلي تعرض صحيفة "الجارديان" البريطانية، تفاصيل هذا الحدث: كيف بدأت الاحتجاجات؟ كانت بداية التظاهرات في 28 ديسمبر بمشهد -ثاني أكبر مدن إيران- ثم انتشرت في جميع أنحاء البلاد، ووجه المسؤولون المقربون من الرئيس حسن روحاني، مسؤولية بدء الاحتجاجات إلى منافسه رجل الدين المتشدد إبراهيم رئيسي، الذي له قاعدته في المدينة. وكانت هتافات المتظاهرين "الموت لروحاني" و"الموت للديكتاتور"، في إشارة إلى المرشد الأعلى أية الله علي خامنئي. من المتظاهرون؟ سيطر على الاحتجاجات أعضاء الطبقة العاملة الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما والذين عانوا أكثر من غيرهم من اقتصاد إيران البطيء. ويقول المراقبون إن رفع العقوبات الجزئية الذي أعقب اتفاق إيران النووي لعام 2015 مع الغرب أدى إلى تحقيق منافع اقتصادية غير متكافئة للبلاد. بدوره قال اسفنديار باتمانجليديج، مؤسس منتدى الأعمال الأوروبى الإيراني "إن ثروات الطبقة الوسطى تحسنت نوعا ما عقب الاتفاق النووي... ولكن على العكس من ذلك عانى أعضاء الطبقة العاملة". بماذا يطالبون؟ في حين أن أساس الاحتجاجات كان المظالم الاقتصادية، إلا أنها سرعان ما أخذت بعدا سياسيا. وطالب المتظاهرون "خامنئي" بالتنحي معربين عن معارضتهم للسياسة الإقليمية الإيرانية. الوضع الاقتصادي تصل نسبة التضخم في البلاد إلى 12% - وإن كان انخفض عن 40% في بداية فترة روحاني الأولى في عام 2013 – فيما زاد معدل البطالة بين الشباب حيث بلغت حوالي 40% إذ أن هناك أكثر من 3 ملايين إيراني عاطلين عن العمل، فضلاً عن ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية، مثل الدواجن والبيض، بنسبة النصف تقريبا. وقد ظهرت جميع هذه التداعيات على الرغم من وعد حسن روحاني، بأن الاتفاق النووي لعام 2015 سيساعد على خلق فرص للعمل وتحسين مستويات معيشة الشعب. تشابه احتجاجات 2009 تعد هذه الاحتجاجات أكبر تحد لقادة طهران منذ عام 2009، عندما أثارت إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد، أشهر من الاضطرابات وسط حملة دموية. فيما تعتبر هذه الاحتجاجات أكبر من حيث العدد في المحافظات عما كانت عليه في عام 2009، وهو مقياس نادر عما تشهده البلاد منذ الثورة الإسلامية عام 1979، إلا أن الأعداد في طهران كانت أصغر من احتجاجات الطبقة المتوسطة في عام 2009. أما عن الهتافات فقد كانت داعمة لزعماء المعارضة تحت الإقامة الجبرية، وهما مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وذلك خلال عام 2009، ولكن في الاحتجاجات الأخيرة لم تسمع أسمائهم. ماذا تعني الاحتجاجات للإصلاحيين الإيرانيين؟ إن الإصلاحيين، الذين أسكتتهم الجماعات المتشددة وأصبحوا مهمشين نسبيا لأكثر من عقد من الزمان، لا يعرفون ماذا يفعلون، حيث ظلت معظم الشخصيات البارزة داخل المعسكر الإصلاحي، مضطربة في ظل دعوات لتغيير النظام، في حين خرج عدد من المعلقين الإصلاحيين يطلبون من النظام الحاكم السماح بالمظاهرات السلمية، معربين عن قلقهم من تحول الاحتجاجات الأخيرة إلى عنف. ومن المفارقات أن المؤسسة الحاكمة الآن بحاجة إلى مساعدة الإصلاحيين لاحتواء الاضطرابات المتزايدة، ولكن بعضهم قد تم تهميشهم، والبعض الآخر، ولا سيما الأصغر سنا، أحبطوا من ضعف الإصلاح السياسي في ظل روحاني. كيف تعاملت الدولة مع الاحتجاجات؟ في الأيام الأولى من الاحتجاجات، لم تتخذ السلطات أية إجراءات ولكن مع استمرار الاضطرابات وفشل تدخل روحاني في تهدئة الغضب الشعبي، اتخذت قوات الأمن نهجا متشددا، ولقي ما لا يقل عن 22 شخصا مصرعهم، بينهم عدد من قوات الأمن، وتم القبض على نحو 450 شخصًا على الأقل فى طهران وحدها، فضلاً عن المئات في المحافظات الأخرى. وقال المتظاهرون إنهم تعرضوا للغاز المسيل للدموع، ولكن في تناقض حاد مع تعاملهم مع الاضطرابات السابقة، سمحت السلطات لوسائل الإعلام المحلية بتغطية الاحتجاجات، على الرغم من أن العديد منها لا يزال يعكس نهج السلطة، كما سمح لعدد محدود من وسائل الإعلام الأجنبية العاملة في إيران بالتغطية. ماذا يمكن أن يحدث بعد ذلك؟ يظل من السابق لأوانه القول ما إذا كانت الاحتجاجات ستستمر أم لا، في ظل تصاعد السلطات من حملاتها الأمنية، وبما أن المتظاهرين ليس لديهم قائد، فيرى الكثيرون إنهم يفتقرون إلى الإستراتيجية. ويقول آخرون إن روحاني قد يستفيد من هذه الاضطرابات ويحث المتشددين على فتح المجال السياسي، بينما يعتقد الإصلاحيون أن المتشددين قد وجدوا الآن ذريعة لتقويض روحاني، وتوطيد سلطتهم قبل خلو منصب المرشد الأعلى. هل تدخلت القوات الأجنبية؟ قامت السلطات الإيرانية بإلقاء لوم الاحتجاجات على القوى الأجنبية، متهمة السعودية بالمشاركة المباشرة، ومدعية أن تعليقات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي رحبت بالاحتجاجات، دليل على مشاركة تلك الدول. ولكن ليس هناك أية أدلة حتى الآن تؤكد أن تلك الاحتجاجات تدار من الخارج، على الرغم من أن واشنطن والرياض أعلنا صراحة أنهما يفضلان تغيير النظام. من جهته، قال محمود صادقي أحد نواب البرلمان الإيرانيين، إنه حث وزارة الداخلية على عدم ربط الاحتجاجات بالقوى الأجنبية، وبدلاً من ذلك تحسين الوضع الاقتصادي وتقبل مختلف الأراء ورفع القيود. وتشهد إيران تظاهرات مستمرة منذ الخميس الماضى، احتجاجًا على الأزمة الاقتصادية ورفضًا لسياسات حكومة الرئيس حسن روحاني، وقد تخللت هذه الاحتجاجات أعمال عنف نتج عنها مقتل 22 شخصًا واعتقال أكثر من 450.