كذّبت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي قال فيها: إن "ألمانيا مدينة للولايات المتحدة بمبالغ هائلة نظير خدماتها في الناتو، ويجب عليها أن تدفع المزيد من الأموال مقابل حمايتها التي توفرها لها". وذكرت الصحيفة، أن خبراء الدفاع هاجموا تلك التصريحات، حيث قال سفير الولاياتالمتحدة السابق في الناتو، إيفو دالدر: إن "زيادة ميزانية الدفاع لا تعني أن تحول ألمانيا الأموال إلى الولاياتالمتحدة"، مشيرًا إلى أن الناتو قرر أن يجعل نسبة 2% من ميزانية كل دولة مُخصصة له منذ سنتين فقط، وأن الحلف أعطى للدول الأعضاء مهلة حتى 2024 لتحقيق هذا الهدف، وألمانيا تسير بخطى ثابتة نحو تحقيقه". وتابع "دالدر" "تصريحات ترامب تحرف الطريقة التي يعمل بها الحلف، فالرئيس يقول "إن الدول الأوروبية يجب عليها أن تدفع لنا الأموال - (يقصد أمريكا) - مقابل توفير قوات في تلك الدول أو الدفاع عنها، ولكن ليست هذه الطريقة التي تعمل بها الأمور". وكان ترامب منذ الحملة الانتخابية الخاصة به، يقوم بحث الدول الأعضاء في الناتو على المشاركة في ميزانية الحلف، ومن المقرر أن تدفع كل دولة ما يوازي 2% من ميزانيتها العامة للحلف، وتدفع ألمانيا حاليًا 1.2%، والولاياتالمتحدة أكثر من 3%، وتفي أربع دول أخرى بالتزاماتها تجاه الحلف وهي: اليونان، أستونيا، بولندا، وبريطانيا. وبحسب "واشنطن بوست" فإن هذه الأرقام لا تُوضح الرؤية كاملة، فمنذ الحرب العالمية الثانية، خفّضت ألمانيا ميزانية الجيش الخاصة بها عمدًا، حيث تُعرِف الدولة نفسها بأنها دولة مسالمة، ولن تُشارك في حرب مرة أخرى، ما أدى هذا إلى السخرية من ألمانيا عدة مرات، فعلى سبيل المثال في 2014، سخرت الصحف من القوات الألمانية عندما اضطروا إلى استخدام العصي بدلًا من الأسلحة الأوتوماتيكية خلال إحدى تدريبات الناتو، مما فضح الدولة الألمانية لعدم استعداد جيشها. ولكن تُوضِح ألمانيا أنها تُعوض ذلك بطرق أخرى، حيث قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الشهر الماضي، إن "الأمن المشترك يقف وراءه عدة عوامل لا تقتصر فقط على الإنفاق العسكري، فتنفق ألمانيا الكثير من الأموال في بناء المستشفيات والمدارس في مناطق الحروب في أوروبا". وأضافت ميركل "عندما نساعد الناس في أن يحيوا حياة أفضل، فإننا بهذا نمنع الأزمات، ما يُعتبر مساهمة في الأمن". وأشارت إلى أنّها تتحمل العبء الأكبر من أزمة اللاجئين السوريين، وتنفق من 30 إلى 40 مليار يورو كل عام، وإذا وُضع هذا المبلغ في ميزانية الناتو فسوف تدفع أكثر من 2% من الميزانية في الأمن. من جانبه قال الأمين العام للحلف لمجلة "تايم" الشهر الماضي: "الأمر ليس إما التنمية أو الدفاع فنحن نحتاج الاثنين، ونعيش في أوقات صعبة، ويجب أن نستثمر أكثر في الدفاع، ونحتاج الأمن والسلام لتسهيل التنمية". بينما صرحت ألمانيا، أنها ستزيد من نفقاتها العسكرية بمقدار 3 مليارات يورو كل عام، لمدة 8 سنوات، وبحلول 2024، ستكون قد أوفت بالتزاماتها تجاه الناتو، ولكن يجب على الحكومة والبرلمان الألمانيين الموافقة على تلك الخطة. في حين قال مارسيل ديرسوس، عالم بالسياسة الألمانية الأمنية: إن "ترامب قد يكون يُصعِّب هذا أكثر، فنقده لنفقات الدفاع الخاصة بألمانيا سيعطي نتائج عكسية، جاعلًا من الصعب على ميركل زيادة ميزانية الدفاع الخاصة بالدولة، وذلك قبل عدة أشهر فقط من حملة إعادة انتخابها". وأضاف "ديرسوس" أن الزيادة في النفقات العسكرية غير مستحبة في ألمانيا، وكذلك دونالد ترامب، ولأنه أمر بذلك علنًا، فسوف يجعل من الصعب عليها إقناع الألمان بها، ولا شيء أسوأ بالنسبة لميركل من أن يراها الجميع تتبع أوامر ترامب، وأتوقع أن تزيد ألمانيا من ميزانية الدفاع في النهاية، ولكن بالطريقة التي خطّطت لها من البداية.