ألمانيا تلحق بالقاطرة الدولية وتتجه لمصالحة من نوع ما مع الدولة المصرية، هذا هو عنوان زيارة وفد البرلمان الألمانى لمصر، التى يترأسها رئيس الكتلة المسيحية بالبرلمان الألمانى، وهى الكتلة التى تتزعمها المستشارة أنجيلا ميركل، التى تقود أوروبا الآن بعد أن صعدت ببرلين إلى مقدمتها. ميركل أوفدت أربعة أعضاء من البرلمان الألمانى «بوندستاج» على رأسهم فولكر كاودر، رئيس كتلة التحالف المسيحى الديمقراطى، الذى وصل أول من أمس الأربعاء قادمًا من فرانكفورت فى زيارة لمصر تستمر عدة أيام يلتقى خلالها عددا من المسؤولين. الوفد الألمانى التقى فى نفس يوم وصوله أعضاء المجلس القومى للمرأة وممثلين عن جمعية السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية، للتعرف على وضع المرأة المصرية فى الدستور الجديد. لكن جدول زيارات الوفد الألمانى أخذ منحى أكثر وضوحا نحو تصحيح المسار السياسى للعلاقات بين البلدين، التى تدهورت بشدة إثر تأييد النظام الألمانى للإخوان ووقوفه ضد تطلعات الشعب المصرى بعد ثورته على الإخوان والإطاحة بهم. ووفقا للمعلن رسميا، فإن الوفد الألمانى يبحث خلال زيارته آخر تطورات الوضع فى المنطقة والاستعدادات الخاصة بتنفيذ باقى مراحل خريطة الطريق من انتخابات رئاسية وبرلمانية، إضافة إلى دعم علاقات التعاون بين مصر وألمانيا خصوصا فى مجال مكافحة الإرهاب وتنشيط حركة السياحة الألمانية إلى مصر. وبالفعل اجتمع رئيس الكتلة المسيحية فى ثانى أيام زيارته أمس بالمشير عبد الفتاح السيسى نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع وتم «تبادل الرؤى تجاه ما تشهده الساحتان العربية والإقليمية من تطورات وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط». مصادر خاصة أكدت ل«التحرير» أن رئيس الوفد الألمانى حمل رسالة خاصة من ميركل للسيسى فحواها: «إننا مستعدون للتعاون مع من سيختاره الشعب المصرى، ونساند اختياراته»، ربما فى إشارة إلى عدم معارضة ألمانيا ترشح الفريق السيسى للرئاسة. وأضافت المصادر أيضا أن ميركل أكدت دعمها لمسار العملية الانتقالية فى مصر وما تم من استحقاقات خارطة الطريق. فولكر كاودر، رئيس كتلة التحالف المسيحى الديمقراطى، بدوره عبر عن توجه لدى أعضاء البرلمان لدعم قدرات مصر فى مكافحة الإرهاب. وأعرب عن ثقة بلاده فى قدرة مصر على مواجهة الإرهاب، والمضى قدما فى تنفيذ المسار الديمقراطى وفقا لخارطة المستقبل واستعادة مصر مكانتها الرائدة إقليميا ودوليا. المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كانت أكثر من أدهش المصريين من قادة أوروبا، كما أدهشهم الموقف الألمانى بين أوروبا المعروف عنها تحررها ونزعتها للديمقراطية، عندما سارعت بالوقوف بقوة وصلابة ضد ثورة 30 يونيو، ورفضت الاعتراف بالنظام الذى قبله المصريون ليدير المرحلة الانتقالية، بل قادت ميركل الحديدية أوروبا لتبنى مواقف تفرض قيودا على التعامل مع النظام الجديد ومحاصرته لصالح عودة نظام الإخوان الإرهابى، فكان الموقف الألمانى من أقوى المواقف التى أثارت استياء الشعب المصرى الذى ينظر باحترام للشعب الألمانى وكفاحه للانتقال من ديكتاتورية وقمع النازى إلى منبر للديمقراطية والتحرر، فكانت مواقف ميركل وإدارتها لا تعكس إلا المصالح والنزعات الاستغلالية لمعاناة الشعوب، من أجل مصالحها الخاصة على حساب قيم الديمقراطية والحرية التى ترفعها أوروبا فى أعين دول العالم الثالث. زيارة البرلمان الألمانى لمصر مع ذلك سبقتها خطوات مشابهة للتقارب مع مصر، حيث زار القاهرة وفد من الكنيسة الإنجيلية فى برلين قبل ثلاثة أسابيع، وكان من اللافت أن يستقبل اللواء محمد العصار عضو المجلس العسكرى السابق والحالى، الوفد الكنسى الألمانى، الذى أعلن أنه فى مهمة توطيد العلاقات المصرية الألمانية، وبحث آلية مشتركة للعمل على رفع الاقتصاد المصرى، ومساعدة الأقليات والمهمشين داخل المجتمع المصرى.