قالوا لنا ربيعًا عربيًّا، ولم نره ربيعًا ولا صيفًا حتى. ففى إطار ما سمعناه من كلمات مثل شرق أوسط جديد وفوضى خلاقة نستطيع أن نرى الآن وبوضوح بعد التجربة التى قاربت على الأربع سنوات أن ما أنكرناه جميعا فى البداية يبدو الآن واضحًا جليًّا. نعم، هو مخطط خارجى وأيادٍ داخلية، وخرج من بينهما ثورة. ولتحقيق هذا المخطط كان لا بد من استحداث نظام بديل، وطبعًا من كان جاهزًا تنظيميًّا وفكريًّا ولهفة على السلطة هم الإخوان بمعتقداتهم ومبادئهم التى تتوافق بشكل جيد والمعايير المطلوبة لدى الأمريكان والمخطط المرسوم. تلا ذلك الشروع فى عملية التنفيذ وحدث هذا على مراحل عدة. فإذا رجعنا بالذاكرة ونظرنا إلى المرحلة الأولى وهى إسقاط النظام كان لا بد من اشتراك الجميع، النظام البديل وهم الإخوان.. الشعب الذى ضاقت عليه سبل الحياة فى الآونة الأخيرة من حكم مبارك.. الشباب المدرب، الذين سمعناهم جميعًا يسردون تفاصيل تدريبهم على قلب نظام الحكم، وتحييد الشرطة.. الشباب المتحمس المحب بشكل شريف لوطنه، الذى تمت تعبئته واستنفاره عبر مواقع التواصل الاجتماعى.. والشخصيات التى سأطلق عليها شخصيات العامل المساعد ومنهم من كان له ثقل دولى ومصداقية وهذه الشخصيات برزت إعلاميًّا وجمعت حولها الرأى العام بكل الطرق. وقد تم إسقاط النظام بجدارة مع التضحية ببعض الشباب الشريف الذى شارك فى الحدث من منطلق حبه لوطنه. وانتقلنا إلى المرحلة الثانية وهى مرحلة تمكين النظام الجديد، وكان المطلوب بروز الإخوان على الساحة وفرد عضلاتهم التنظيمية، وقد اشترك فى هذه المرحلة الشباب المدرب.. شباب الإخوان.. الشباب المتحمس بقيادة من الإخوان بشكل غير مباشر.. وانحصر دور الشعب وشخصيات العامل المساعد وتم التمكين بكل الضغط والتحايل والتهديد والألاعيب الممكنة. أما فى المرحلة الثالثة وهى مرحلة قهر الشعب وتعميق التمكين وكان يعمل فى هذه المرحلة الإخوان بكل أنواعهم من منتمٍ إلى محب إلى متعاطف إلى مدافع.. الشخصيات ذات الأچندات سواء المدربين أو شخصيات العامل المساعد وكان دورهم تعطيل المعارضة وإظهارها ضعيفة غير متماشية مع الأوضاع، وكثيرا ما كان الشارع هو الذى يقود المعارضة بشكل تلقائى جدا، فيسحبها وراءه غصبًا عمن يعطلها من أصحاب الأچندات. لكن ما حدث أننا رأينا آية الله تتحقق أمامنا، وهى يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، وكان الأبطال الحقيقيون لهذه المرحلة، الذى لم تكن أمريكا وكل الخائنين يتوقعونهم كانوا هم الشعب بكل أطيافه يقودهم الشباب الشريف المحب لوطنه، وكان هناك شعور جمعى بخطر داهم، وبأن وجه مصر يتغير لشىء قبيح. وبدأت عمليات المقاومة الشرسة والتعبئة فى صورة استمارات تمرد لتصحيح المسار. وفى كل هذا كان الجيش الوطنى يراقب ويتأهب لإنقاذ البلاد فى الوقت المناسب إذا لم يتراجع الإخوان عن تفكيرهم ومخططهم الخبيث، الذى ألمت به مخابراتنا وعلمت به، واشتغلت على أساسه بكل مهارة. هذه المرحلة اعتبرها الرابعة، التى نعيش تفاصيلها الآن وهى الحرب على الإرهاب والقضاء على الفاشية الدينية وتحدى العالم كله واقتلاع النظام البائد بجناحيه نظام مبارك ونظام الإخوان، ويحاول فيها المخربون أصحاب الأچندات وأسلوبهم الآن لا ينصب إلا حول التشكيك فى طريقة إدارة المرحلة والتخويف من استبداد قادم أو دولة أمنية قادمة أو ادعاء حرمة الدم بشكل غير متوازن أو ادعاء المبادئ والخوف على الديمقراطية أو الضرب على وتر الانقسامات، وفى الحقيقة هؤلاء هم من يحاولون إنقاذ الإخوان ومحاولة الإبقاء عليهم، وهذه آخر صفحة فى أچنداتهم.. لكن هيهات هيهات الشعب المصرى حاضر وصاحى وواعى، وأصبح يعرف الفرق بين الصالح والطالح، ولن يضحك عليه أحد بعد الآن حتى ولو بالاختباء وراء شعارات رنانة. شرفاء هذا الوطن حافظون له، ماضون على درب عهدهم معه، دومًا إن شاء الله.