يبدو أن أقلية "الهزارى" الشيعية التي تبلغ عددها مليونين ونصف المليون في وسط أفغانستان، هي من أكثر الأقليات فيما يتعلق بالحظ السيء، فعلاوة على التفجيرات وحوادث إطلاق النار التي يتعرض لها أبناء هذه الأقلية من سنوات على يد مجهولين، يأتي تنظيم داعش الإرهابي ليضع نفسه في صف أعداء الهزارة. وبالعودة بالزمن إلى الوراء يلاحظ سجل طويل من التفجيرات وعمليات إطلاق النار التي استهدفت هذه الأقلية، التي يقال إنهم أحفاد جنكيز خان حاكم المغول، وكان أبرز هذه التفجيرات ما حدث أوائل عام 2013 عندما قتل أكثر من 180 شخصًا بمدينة كويتا، في أعنف هجوم يستهدف الأقلية الشيعية، وقبلها بعام في يونيو 2012، وقع تفجير آخر في منطقة بلوشستان، كان ضحاياه العشرات. ونقلت وقتها وكالة "آي بي إس" عن قويت حيدر أحد الناجين المنتمين للهزارة، قوله: "لا أريد لحتى أسوأ أعدائي أن يعيشوا ما عشته يوم 18 يونيو 2012، ففي ذلك اليوم، كأي يوم آخر، استقليت مع أختي وثلاثة أبناء أعمام حافلة متوجهة لجامعة بلوشستان للعلوم وإدارة تكنولوجيا المعلومات، وقبل نزولهم، اصطدمت سيارة مليئة بالمتفجرات بالحافلة، وكل ما أتذكره هو أن رأسي اصطدمت بقوة بأرضية الحافلة، عندئذ سمعت صراخ كل من حولي، اندفع الناس خارج الحافلة خوفًا من انفجارها، فخرجت أنا أيضًا"، بينما لقي 70 طالبًا من الهزارة، كانوا على متن الحافلة، حتفهم، كما أصيب عشرات آخرون بجروح خطيرة في الانفجار. وكان داعش تبنى الفهجوم الانتحاري الذي وقع أمس السبت بالعاصمة الأفغانستانية، مُخلفًا 80 قتيلًا من أقلية الهزارة، وفجر مقاتلان من التنظيم الإرهابي حزاميهما الناسفين، خلال تظاهرة للهزارة، في منطقة دهمزتك بمدينة كابول. "الهزارة".. يتحدث أبناؤها الفارسية ويعملون في الزراعة والصناعة، الاسم له تفسيرات كثيرة، فكلمة "هزار" تعني العدد 1000 بالفارسية، وهناك من المؤرخين من يرى أنهم عبدوا قبل الإسلام ألف صنم، وعندما أسلموا حطموا هذه الأصنام، وبنوا مكانها ألف مسجد، وآخرون يؤكدون أن سبب تسميتهم، هو سيطرتهم وامتلاكهم لألف نهر أو ألف جبل وغيرها من التفسيرات الكثيرة. "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية تخبرنا بالمزيد من العمليات التي تستهدف الهزارة، فقد سجلت المنظمة ما لا يقل عن 450 قتيلًا من هذه الأقلية الشيعية في 2012، و400 في عام 2013، لافتة إلى أن بداية استهدافهم كان في عام 2008، وذكرت الكثير من وقائع سحب الحجاج المتوجهين لإيران من الحافلات وإعدامهم على جانب الطريق، وقتل أسر بأكملها في تفجيرات بالأسواق المزدحمة أو أثناء المواكب الدينية، والإعتداء عليهم أثناء التوجه إلى العمل أو المدرسة، أو ذبح البعض منهم أثناء الصلاة في المساجد. وفي عام 2011 وزعت منشورات في منطقة كويتا الباكستانية جاء فيها "باكستان تعني الأرض النقية، والشيعة ليس لديهم الحق في أن يكونوا هنا، مهمتنا القضاء على هذه الطائفة (النجسة) وهؤلاء الناس النجسة، الشيعة والشيعة الهزارة، في كل مدينة، في كل قرية، في كل زاوية وفي كل ركن في باكستان". في المقابل، لا تتعامل الحكومة الباكستانية كما ينبغي مع حوداث من هذا النوع، ووفقًا للجنة المستقلة لحقوق الإنسان في باكستان، فإن "30 ألف من الهزارة فروا من باكستان في السنوات ال5 الماضية، مما أدى إلى ازدهار سوق الاتجار بالبشر في كويتا، ودفع الآلاف من الهزارة اليائسين مبالغ ضخمة من المال لتسهيل نقلهم إلى أستراليا وأوروبا، عبر طرق بحرية خطرة، وبدون أي ضمان كان للوصول إلى مقصدهم على قيد الحياة".