نفى الكرملين امتلاكه أي معلومات تفيد بوجود مباحثات لاستخدام روسيا قاعدة "إنجرليك" التركية. وأعلن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أنه لا علم لديه بوجود محادثات بين بلاده وتركيا بشأن استخدام روسيا لقاعدة "إنجرليك" الجوية التركية. وقال بيسكوف "لا علم لدىَّ إن كان هناك اتصالات رسمية بهذا الصدد عبر القنوات العسكرية، وإن كانوا قد استأنفوها، إذا لم أكن مخطئ، فإنها لم تكن، نحن سمعنا بالفعل هذا التصريح من وسائل الإعلام، بالتأكيد هذا تصريح هام وعلينا تحليله بالشكل الصحيح، من الجانب السياسي ومن الجانب العسكري". ودأبت وسائل الإعلام الروسية في الفترة الأخيرة على اختلاق معلومات وأخبار على لسان مصار مجهولة، أو تفسير وقراءة تصريحات المسؤولين الأجانب والروس بطريقة تثير استفزاز الرأي العام، وتضع روسيا نفسها وسياساتها محل تساؤلات وشكوك. ووفقًا لقراءة الإعلام الروسي بشأن قاعدة "إنجرليك" التركية، أكد النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الدوما الروسي بمجال الدفاع أندريه كراسوف، أن إمكانية استخدام روسيا قاعدة الطيران "إنجرليك" ضمن عملياتها في محاربة تنظيم "داعش"، حال اتخاذ أنقرة قرار بذلك، ستكون خطوة عملية في مجال مكافحة الإرهاب، ويمكن فقط الترحيب بها. وقال: إن "هذه خطوة عملية لمكافحة الإرهاب الدولي، وأعتقد أنه يمكن الترحيب بهذه الخطوة، هذه ليست كخطوات أصدقائنا الأمريكيين، الذين يتحدثون فقط، ولا يقومون بشيء عملي". وفي نفس السياق، بدأ الخبراء الاستراتيجيون الروس الإدلاء بدلوهم أيضًا، انطلاقا من تلك الأنباء التي نفاها الكرملين، إذ رأى رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية في موسكو قنسطنطين سيفكوف أن الظهور المحتمل للطائرات العسكرية الروسية في قاعدة إنجرليك التركية سيكون "انتصارًا جيوسيسيًا هائلًا" وقفزة نوعية في تطوير العلاقات الروسية - التركية، وقال: "هذه قفزة هائلة في العلاقات الروسية التركية، بل استدارة مفاجئة لتركيا نحو روسيا، لأنه باتخاذ مثل هذه الخطوة هم الأتراك في الواقع يقطعون العلاقة مع الولاياتالمتحدة ويلحقون ضربة قاصمة بوحدة منظمة حلف شمال الأطلسي، والطائرات الروسية في قاعدة إنجرليك – انتصار جيوسياسي ضخم بالنسبة لروسيا". ووفقًا لبيسكوف، فإن قاعدة إنجرليك تعتبر قاعدة لحلف الناتو، وفي حال تمركز الطائرات الروسية فيها وبدء العمل المشترك مع الأتراك، سيعني ذلك أن تركيا بدأت تراهن على روسيا. وأوضح الخبير "الاستراتيجي" الروسي بأن "هذا انعطافًا حادًا لتركيا من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي إلى روسيا، وبطبيعة الحال، يجب أن ندعم هذا الأمر بشكل كامل، وفي الوضع الراهن، يبدو أن إردوغان أدرك شيئا بسيطًا، أنه يمكن لتركيا أن تعتمد في رسم جغرافيتها السياسية فقط على روسيا". التصريحات الروسية والحملة الإعلامية الروسية المثيرة للتساؤلات انطلقت من تصريحات أدلى بها وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو بقوله: "نحن سنتعاون مع كل من يواجه داعش. نحن منذ البداية، نخوض هذه الحرب، وفتحنا قاعدة إنجرليك لأولئك اللذين يريدون المشاركة فيها بفعالية. لما لا نستطع التعاون مع روسيا بنفس الطريقة؟ "داعش" عدونا جميعا، ويجب محاربته، هذا مهم بالدرجة الأولى لبث الحياة في هذه الآلية، وتجنب أي حوادث غير مرغوب فيها". وبناءًا على هذا التصريح، أكدت وسائل الإعلام الروسية أن أنقرة ستسمح لروسيا باستخدام قاعدة الطيران "إنجرليك" ضمن عملياتها في محاربة تنظيم داعش، وظهرت تصريحات متضاربة لمؤسسات روسية تعطي انطباعًا بأن تركيا تدعو روسيا لاستخدام تلك القاعدة الجوية التي يستخدمها التحالف الغربي بقيادة واشنطن، وتعتبر من ضمن القواعد التي يستخدمها حلف الناتو في تركيا، نظرًا لأن الأخيرة عضو في الحلف. وبعد بدء الحملة الإعلامية الروسية المثيرة للتساؤلات أعلن وزير الخارجية التركي استعداد بلاده للتعاون مع روسيا في محاربة "داعش"، ولكن لا حديث عن استخدام قاعدة "إنجرليك" الجوية. ورأى مراقبون أن موسكو تحاول دق إسفين بين واشنطنوأنقرة من جهة، وبين الأخيرة وبرلين من جهة أخرى، وتظهر تركيا بمظهر المتمرد على الغرب وعلى حلف الناتو، والذي وجد حليفًا عسكريًا جديدًا متمثلا في روسيا، هذا على الرغم من أن أنقرة لم تتحدث أصلًا في هذا الموضوع، وذهب مراقبون إلى أن الكرملين نفسه هو الذي سرَّب مثل هذه التحليلات والقراءات، أو أعطى الضوء الأخضر لانتشارها والترويج لها. وكان المتحدث الرسمي لوزارة الدفاع الألمانية، أكد في وقت سابق أن أنقرة لم تتفق مع بلاده بشأن خطة يوليو لقدوم الوفد الألماني إلى قاعدة "إنجرليك" العسكرية الجوية، وفي ديسمبر 2015، نشرت البعثة القوات الألمانية في قاعدة "انجرليك"، حيث أجرت طائرات تورنادو عمليات اختبار ومنذ يناير 2016 تقوم طائرات تورنادو، بشكل يومي تقريبًا، بطلعات استطلاعية في المجال الجوي السوري، ويوجد حاليًا في تركيا نحو 200 جندي ألماني، وتفويض البوندسفير الألماني في العملية في سوريا حتى 31 ديسمبر 2016 ولا ينطوي على المشاركة في العمليات على الأرض.